آيات من القرآن الكريم

أُولَٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٧٥ الى ٧٧]

أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (٧٥) خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٧٦) قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً (٧٧)
قرأ أبي كعب «يجازون» بألف، والْغُرْفَةَ من منازل الجنة وهي الغرفة فوق الغرف وهو اسم الجنة كما قال: [الهزج]
ولولا الحبة السمراء... لم نحلل بواديكم
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو «ويلقّون» بضم الياء وفتح اللام وشد القاف وهي قراءة أبي جعفر وشيبة والحسن، وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر وعاصم وطلحة ومحمد اليماني ورويت عن النبي ﷺ «ويلقون» بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف، واختلف عن عاصم وقوله حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً معادل لقوله في جهنم ساءَتْ وقوله: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ الآية أمر لمحمد ﷺ أن يخاطب بذلك، وما تحتمل النفي وتحتمل التقرير والكلام في نفسه يحتمل تأويلات أحدها أن تكون الآية إلى قوله لَوْلا دُعاؤُكُمْ خطابا لجميع الناس فكأنه قال لقريش منهم أي ما يبالي الله بكم ولا ينظر إليكم لولا عبادتكم إياه أن لو كانت إذ ذلك الذي يعبأ بالبشر من أجله. قال تعالى: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: ٥٦]. وقال النقاش وغيره المعنى لولا استغاثتكم إليه في الشدائد ونحو ذلك فذلك هو عرف الناس المرعي فيهم، وقرأ ابن الزبير وغيره «فقد كذب الكافرون» وهذا يؤيد أن الخطاب بما يعبأ هو لجميع الناس، ثم يقول لقريش فأنتم قد كذبتم ولم تعبدوه فسوف يكون العذاب والتكذيب الذي هو سبب العذاب لزاما، والثاني أن يكون الخطاب بالآيتين لقريش خاصة أي ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ الأصنام آلهة دونه فإن ذلك يوجب تعذيبكم، والثالثة وهو قول مجاهد أي ما يعبأ ربكم بكم لولا أن دعاكم إلى شرعه فوقع منكم الكفر والإعراض.
قال القاضي أبو محمد: والمصدر في هذا التأويل مضاف إلى المفعول وفي الأولين مضاف إلى الفاعل ويَعْبَؤُا مشتق من العبء، وهو الثقل الذي يعبأ ويرتب كما يعبأ الجيش، وقرأ ابن الزبير «وقد كذبت الكافرون فسوف»، قال ابن جني قرأ ابن الزبير وابن عباس إلخ... «فقد كذب الكافرون»، قال الزهراوي وهي قراءة ابن مسعود قال وهي على التفسير وأكثر الناس على أن «اللزام» المشار إليه في هذا الموضع هو يوم بدر وهو قول أبي بن كعب وابن مسعود، والمعنى فسوف يكون جزاء التكذيب، وقالت فرقة هو تعوذ بعذاب الآخرة، وقال ابن مسعود اللزام التكذيب نفسه أي لا تعطون توبة ذكره الزهراوي، وقال ابن عباس أيضا «اللزام» الموت وهذا نحو القول ببدر وإن أراد به متأول الموت المعتاد في الناس عرفا فهو ضعيف، وقرأ جمهور الناس «لزاما» بكسر اللام من لوزم وأنشد أبو عبيدة لصخر الغي: [الوافر]
فإمّا ينجوا من حتف أرض... فقد لقيا حتوفهما لزاما
وقرأ أبو السمال «لزاما» لفتح اللام من لزم والله المعين.

صفحة رقم 223
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية