
ثم قسم الأمر في صدودهم عن حكومته إذا كان الحق عليهم بين أن يكونوا مرضى القلوب منافقين، أو مرتابين في أمر نبوّته، أو خائفين الحيف في قضائه. ثم أبطل خوفهم حيفه بقوله بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ أى لا يخافون أن يحيف عليهم لمعرفتهم بحاله، وإنما هم ظالمون يريدون أن يظلموا من له الحق عليهم ويتمّ لهم جحوده، وذلك شيء لا يستطيعونه في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ثمة يأبون المحاكمة إليه.
[سورة النور (٢٤) : آية ٥١]
إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١)
وعن الحسن: قول المؤمنين، بالرفع والنصب أقوى، لأنّ أولى الاسمين بكونه اسما لكان.
أوغلهما في التعريف، وأن يقولوا: أوغل، لأنه لا سبيل عليه للتنكير، بخلاف قول المؤمنين، وكان هذا من قبيل كان في قوله ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ، ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا وقرئ، ليحكم، على البناء للمفعول. فإن قلت: إلام أسند يحكم؟ ولا بدّ له من فاعل. قلت:
هو مسند إلى مصدره، لأن معناه: ليفعل الحكم بينهم، ومثله: جمع بينهما، وألف بينهما.
ومثله لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ فيمن قرأ بَيْنَكُمْ منصوبا: أى وقع التقطع بينكم. وهذه القراءة مجاوبة لقوله دُعُوا.
[سورة النور (٢٤) : آية ٥٢]
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢)
قرئ: ويتقه، بكسر القاف والهاء مع الوصل وبغير وصل. وبسكون الهاء. وبسكون القاف وكسر الهاء: شبه تقه بكتف فخفف، كقوله:
قالت سليمى اشتر لنا سويقا «١»
ولقد جمع الله في هذه الآية أسباب الفوز. وعن ابن عباس في تفسيرها وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ في
قالت سليمى اشتر لنا سويقا | وهات خبز البرّ أو دقيقا |
يا سلم لو كنت لذا مطيقا | ما كان عيشى عندكم ترنيقا |