آيات من القرآن الكريم

أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ
ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ

﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ أي: بالمجازاة، والضمير في.
﴿عِنْدَهُ﴾ عائد على العمل.
﴿فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾ جزاءَ كفره، فألقي في النار.
﴿وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ لا يشغله حساب عن حساب.
...
﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)﴾.
[٤٠] ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ﴾ عطف على قوله: ﴿كَسَرَابٍ﴾، وهذا مثل آخر ضربه الله لأعمال الكفار؛ أي: أعمالهم في فسادها وجهالتهم فيها كالظلمات.
﴿فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ عميق، منسوب إلى اللج؛ أي: ذو لُجًّ، وهو معظم الماء.
﴿يَغْشَاهُ﴾ يعلو البحرَ.
﴿مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ﴾ فوق الموج ﴿مَوْجٌ﴾ آخر؛ لأن الموج يركب بعضه بعضًا؛ لكثرته.
﴿مِنْ فَوْقِهِ﴾ فوق الموج ﴿سَحَابٌ﴾ قرأ البزي عن ابن كثير: (سَحَابُ) بغير تنوين (ظُلُمَاتٍ) بالخفض على الإضافة، وقرأ قنبل عنه: (سَحَابٌ) بالتنوين (ظُلُمَاتٍ) بالخفض على البدل من قوله: (أو كَظُلُمَاتٍ)، وقرأ

صفحة رقم 544

الباقون: (سَحَابٌ) (ظُلُمَاتٍ) كلاهما بالرفع والتنوين (١)، فيكون تمام الكلام عند قوله: (سَحَابٌ)، ثم ابتدأ.
﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾ فشبهت أعمال الكفار واغترارهم بها بسراب يغتر به من طلبه، ثم شبهت لسوادها لكفرهم بظلمات بعضها فوق بعض، والمراد؛ ظلمة الموج على ظلمة البحر، وظلمة الموج على الموج، وظلمة السحاب على الموج، فشبه عمل الكافر بالظلمات، وقلبه بالبحر، وما يغشى قلبَه من الشرك بالموج، والختم على قلبه بالسحاب، فكلامه ظلمة، وعمله ظلمة، وقلبه وجميع أحواله ظلمة، ومصيره إلى جهنم.
﴿إِذَا أَخْرَجَ﴾ يعني الناظر (٢) ﴿يَدَهُ لَمْ يَكَدْ﴾ لم يقرُبْ من أن ﴿يَرَاهَا﴾ فضلًا أن يراها؛ لشدة الظلمة.
﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا﴾ هداية وإيمانًا في الدنيا.
﴿فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ هداية في الآخرة إلى الجنة.
نزلت هذه الآية عامة في جميع الكفار، وقيل: إنها نزلت في عتبة بن ربيعة بن أمية، تَعَبَّدَ في الجاهلية، ولبس المسوح، والتمس الدين، فلما جاء الإسلام، كفر (٣).
...

(١) انظر: "التيسير" للداني (ص: ١٦٢)، و"الكشف" لمكي (٢/ ١٣٩)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٣٠٥ - ٣٠٦)، و"معجم القراءات القرآنية" (٤/ ٣٥٩ - ٢٦٠).
(٢) "يعني الناظر" زيادة من "ت".
(٣) انظر: "تفسير البغوي" (٣/ ٣٠٦).

صفحة رقم 545
فتح الرحمن في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو اليمن مجير الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العليمي الحنبلي
تحقيق
نور الدين طالب
الناشر
دار النوادر (إصدَارات وزَارة الأوقاف والشُؤُون الإِسلامِيّة - إدَارَةُ الشُؤُونِ الإِسلاَمِيّةِ)
سنة النشر
1430 - 2009
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
7
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية