آيات من القرآن الكريم

أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ
ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ

قَوْله تَعَالَى: ﴿أَو كظلمات فِي بَحر لجي﴾ قَالَ أهل الْمعَانِي: المُرَاد من الْآيَة أَنَّك إِن شبهت أَعْمَالهم لما يُوجد، فَهُوَ كَمَا بَينا من السراب بالقيعة، وَإِن شبهت أَعْمَالهم لما يرى، فَهُوَ كالظلمات فِي الْبَحْر اللجي، وَالْبَحْر اللجي هُوَ العميق الَّذِي بعد عمقه، وَفِي الْخَبَر: أَن النَّبِي قَالَ: " من ركب الْبَحْر حِين يلج، فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة ".
مَعْنَاهُ: حِين يتوسط الْبَحْر فَيصير إِلَى أعمق مَوضِع، وَأما الظُّلُمَات: فَهِيَ ظلمَة الْبَحْر، وظلمة اللَّيْل، وظلمة السَّحَاب، وظلمة الموج أَيْضا.
وَقَوله: ﴿يَغْشَاهُ موج من فَوْقه موج من فَوْقه سَحَاب﴾ هَذَا هُوَ الظُّلُمَات الَّتِي ذَكرنَاهَا.
وَقَوله: ﴿ظلمات بَعْضهَا فَوق بعض﴾ مَعْنَاهُ: ظلمَة الموج على ظلمَة الْبَحْر، وظلمة السَّحَاب على ظلمَة الموج.
وَقَوله: ﴿إِذا أخرج يَده لم يكد يَرَاهَا﴾ أَي: لم يرهَا، وَقيل: لم يُقَارب رؤيتها، وَيُقَال: يكد هَاهُنَا صلَة. قَالَ الشَّاعِر:

(وَمَا كَادَت إِذا رفعت سناها ليبصر ضوءها إِلَّا الْبَصِير)
وَقَوله: ﴿وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور﴾. قَالَ ابْن عَبَّاس مَعْنَاهُ: من لم

صفحة رقم 537

﴿وَالله عليم بِمَا يَفْعَلُونَ (٤١) وَللَّه ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَإِلَى الله الْمصير (٤٢) ألم تَرَ أَن الله يزجي سحابا ثمَّ يؤلف بَينه ثمَّ يَجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وَينزل من السَّمَاء من جبال فِيهَا من برد فَيُصِيب بِهِ من يَشَاء﴾ يَجْعَل الله لَهُ دينا فَمَا لَهُ من دين " وَيُقَال مَعْنَاهُ: من لم يهده الله فَلَا يهده أحد.

صفحة رقم 538
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية