آيات من القرآن الكريم

وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ

احفظ عورتك الا من زوجتك او ما ملكت يمينك قلت يا رسول الله أفرأيت إذا كان الرجل خاليا قال فالله أحق ان يستحيى منه- رواه الترمذي وابو داود وابن ماجة وعن ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ إياكم والتعري فان معكم من لا يفارقكم الا عند الغائط وحين يفضى الرجل الى اهله فاستحيوهم وأكرموهم- رواه الترمذي ذلِكَ اى غض البصر وحفظ الفرج أَزْكى لَهُمْ اى انفع لهم او اطهر لما فيه من التباعد عن الزنى إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ (٣٠) لا يخفى عليه اجالة أبصارهم واستعمال سائر حواسهم وتحريك جوارحهم وما يقصدون بها فليكونوا على حذر منه اخرج ابن ابى حاتم عن مقاتل قال بلغنا ان جابر بن عبد الله حدث ان اسماء بنت مرثد كانت في نخل لها فجعل النساء يدخلن عليها غير متازّرات فيبدو ما في أرجلهن يعنى الخلاخل وتبدو صدورهن وذوائبهن فقالت اسماء ما أقبح هذا فانزل الله في ذلك.
وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ اى ليغضضن عمّا لا يحل النظر اليه وهذه الاية تدل على انه لا يجوز للمرءة النظر الى الرجل الأجنبي مطلقا وبه قال الشافعي- وقال ابو حنيفة جاز لها ان ينظر من الرجل الى ما ينظر الرجل اليه إذا امنت الشهوة- احتج الشافعي بحديث أم سلمة انها كانت عند رسول الله ﷺ وميمونة رضى الله عنهما إذا قبل ابن أم مكتوم فدخل عليه (وذلك بعد ما أمرنا بالحجاب) فقال رسول الله ﷺ احتجبا منه فقلت يا رسول الله اليس هو أعمى لا يبصرنا فقال رسول الله ﷺ افعميا وان أنتما ألستما تبصر انه- رواه احمد وابو داود والترمذي واحتج ابو حنيفة بحديث ابن عباس قال جاءت امراة من خثعم عام حجة الوداع قالت يا رسول الله ان فريضة الله على عباده في الحج أدركت ابى شيخا كبيرا لا يستطيع ان يستوى على الراحلة فهل يقضى عنه ان أحج عنه قال نعم قال ابن عباس كان الفضل ينظر إليها و

صفحة رقم 492

تنظر اليه فجعل النبي ﷺ يصرف وجه الفضل الى الشق الاخر الحديث- رواه البخاري ورواه الترمذي من حديث علىّ نحوه وزاد فقال العباس لوّيت عنق ابن عمك فقال رايت شابّا وشابة فلم أمن عليهما الشيطان صححه الترمذي واستنبط ابن القطان من هذا الحديث جواز النظر عند الامن من الفتنة من حيث انه لم يأمرها بتغطية وجهها ولو لم يفهم العباس ان النظر جائرة ما سال ولو لم يكن ما فهم لما أقرّه عليه وبحديث فاطمة بنت قيس ان زوجها طلقها فبتّ طلاقها فامرها النبي ﷺ ان تعتد في بيت ابن أم مكتوم وهذا يدل على جواز نظر المرأة الى الأعمى ونحوه يعنى عند الامن من الشهوة- (مسئلة) ولا يجوز للمرءة النظر الى عورة المرأة يعنى تحت السرة الى الركبة ولا للرحل النظر الى عورة الرجل لحديث ابى سعيد قال قال رسول الله ﷺ لا ينظر الرجل الى عورة الرجل ولا المرأة الى عورة المرأة- ولا يفضى الرجل الى الرجل في ثوب واحد ولا يفضى المرأة الى المرأة في ثوب واحد- رواه مسلم وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ كالحلى والثياب والاصباغ فضلا عن مواضعها إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها عند مزاولة الأشياء كالثياب والخاتم فان في سترها حرجا وقيل المراد بالزينة مواضع الزينة على حذف المضاف او ما يعم المحاسن الخلقية والتزينية- والمستثنى هو الوجه والكفان وابى حنيفة ومالك واحمد والشافعي لما روى الترمذي من طريق عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الوجه والكفان ومن طريق عطاء عن عائشة نحوه وفي رواية المستثنى الوجه والكفان والقدمان والمشهور عن الشافعي الوجه فقط لما روى الطبراني من طريق مسلم الأعور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال هى الكحل وتابعه خصيف عن عكرمة عن ابن عباس عند البيهقي فالوجه مستثنى باتفاق العلماء الاربعة والكفان

صفحة رقم 493

عند ابى حنيفة ومالك وفي رواية للشافعى واحمد- لكن في مختلفات قاضى خان ان ظاهر الكف وباطنه ليسا عورتين الى الرسغ وفي ظاهر الرواية ظاهره عورة كذا قال ابن همام- والقدمان عورة الا في رواية عن ابى حنيفة والحجة على كون القدمين عورة حديث أم سلمة انها سالت النبي ﷺ اتصلي المرأة في درع وخمار وليس لها إزار فقال لا بأس إذا كان الدرع سابغا يغطى ظهور قدميها رواه ابو داود والحاكم وأعله عبد الحق بان مالكا وغيره رووه موقوفا وهو الصواب وقال ابن الجوزي في رفعه مقال لانه من رواية عبد الرحمان بن عبد الله وقد ضعفه يحيى وقال ابو حاتم الرازي لا يحتج به- وايضا قوله تعالى وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ يدل على ان الخلخال من الزينة الباطنة فموضعه يعنى القدم عورة- قال البيضاوي الأظهر ان هذا في الصلاة لا في النظر فان كل بدن الحرة عورة لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر الى شيء منها الا لضرورة كالمعالجة وتحمل الشهادة- وفي كتب الحنفية كون وجه الحرة خارجا عن العورة غير مختص بالصلوة قال في الهداية
لا يجوز ان ينظر الرجل الى الاجنبية الا وجهها وكفيها لقوله تعالى وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ الا ما ظهر منها ولان في إبداء الكف والوجه ضرورة لحاجتها الى المعاملة مع الرجال أخذا وإعطاء وغير ذلك- فان كان الرجل لا يأمن من الشهوة لا ينظر الى وجهها الا لحاجة كتحمل الشهادة وأدائها والقضاء- ولا يباح إذا شك في الاشتهاء كما إذا علم او كان اكبر زأيه ذلك قلت ومذهب ابى حنيفة يؤيده ما رواه ابو داؤد مرسلا الجارية «١» إذا حاضت لم يصلح يرى منها الا وجهها ويدها الى المفصل- قلت إبداء المرأة زينتها الخفية لغير اولى الاربة من الرجال جائز اجماعا ثابت بنص الكتاب لعدم خوف الفتنة فابداء

(١) وفي النسخة الّتي بايدينا ان المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها ان يرى منها الا هذا وهذا وأشار (اى النبي صلى الله عليه وسلم) الى وجهه وكفيه قال ابو داود هذا مرسل ١٢ الفقير الدهلوي.

صفحة رقم 494

زينتها الظاهرة لهم اولى بالجواز ونظر الرجل الى وجه امرأة اجنبية إذا شك في الاشتهاء لا يجوز على ما قال صاحب الهداية ايضا- وقال ابن همام حرم النظر الى وجهها ووجه الأمرد إذا شك في الشهوة ويلزم هذا الحكم الحكم بان لا تبدو المرأة وجهها لرجل اجنبى إذا شك منه الشهوة والا لكان تعرضا للفساد وزوال احتمال الشهوة من الرجل الأجنبي ذى الاربة للمرءة الاجنبية غير متصور فيلزمنا القول بانه لا يجوز للمرءة الحرة إبداء وجهها لرجل ذى اربة غير الزوج والمحرم فان عامة محاسنها في وجهها فخوف الفتنة في النظر الى وجهها اكثر منه في النظر الى سائر اعضائها وقد قال رسول الله ﷺ المرأة عورة فاذا خرجت استشرفها الشيطان- رواه الترمذي عن ابن مسعود فان هذا الحديث يدل على انها كلها عورة غير ان الضرورات مستثناة اجماعا- والضرورة قد تكون بان لا تجد المرأة من يأتى بحوائجها من السوق ونحو ذلك فتخرج متقنعة كاشفة احدى عينيها لتبصر الطريق- فان لم تجد ثوبا سائغا تخرج فيما تجد من الثياب ساترة ما استطاعت وقد تكون إذا احتاجت الى الطّبيب او الشهود او القاضي- فالمراد بالزينة في الاية ان كان نفس الزينة كما فسرناه تبعا لما قال البيضاوي بالحلى والثياب والاصباغ- ويكون حينئذ تحريم إبداء مواضع الزينة بدلالة النص بالطريق الاولى فلا خفاء على هذا في تأويل الاستثناء- حيث يقال معنى إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها الا ثيابها الظاهرة قال البغوي قال ابن مسعود هى الثياب بدليل قوله تعالى خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وأراد به الثياب- وان كان المراد بها مواضع الزينة فمعنى الاستثناء الّا ما ظهر منها عند الضرورات ضرورة الخروج لقضاء الحوائج او ضرورة الاستشهاد او نحو ذلك يعنى من غير قصد الى ابدائها فاستثناء الوجه والكفين من عورة الحرة ليس الا لاجل الصلاة- ويدل على عدم جواز إبداء المرأة وجهها قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ

صفحة رقم 495

يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ
الاية- قال ابن عباس وابو عبيدة أمرت نساء المؤمنين ان يغطين رءوسهن ووجوههن بالجلابيب الا عينا واحدا يعلم انهن حرائر- وما ذكرنا من حديث جاءت امراة من خثعم عام حجة الوداع سائلة مسئلة قضاء الحج عن أبيها محمول على جواز خروجها لضرورة السؤال عن المسألة وما ذكر من ان الفضل كان ينظر إليها وتنظر اليه فجعل النبي ﷺ يصرف وجه الفضل الى الشق الاخر صريح في المنع عن النظر الى وجه المرأة الاجنبية لعدم الا من عليهما من الشيطان- (مسئلة) هذه الاية مختص حكمها بالحرائر من النساء اجماعا- واما الإماء سواء كن قنات او مكاتبات او مدبرات او أمهات أولاد فيجوز لهن ابدأ الرأس والوجه والساقين والساعدين فان عورة الامة عند مالك والشافعي واحمد كعورة الرجل من السرة الى الركبة وزاد ابو حنيفة بطنها وظهرها- وقال اصحاب الشافعي كلها عورة الا مواضع التقليب منها وهى الرأس والساعدات والساق روى الشيخان في الصحيحين في قصة صفية ان حجبها فهى زوجة وان لم يحجبها فهى أم ولد- وهذا الحديث يدل على ان الامة تخالف الحرة فيما تبديه وقال انس مرت بعمر بن الخطاب رضى الله عنه جارية متقنعة فعلاها بالدرة وقال يا لكاع «١» أتشتبهين بالحرائر القى القناع- وايضا قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ايضا بمفهومه يدل على ان حكم الامة غير حكم الحرة قلت وجاز ان يكون حكم هذه الاية شاملة للاماء ايضا وانما جاز لها إبداء الراس والساعدين والساق للاستثناء- فان خروجها لخدمة المولى كثير وثياب مهنتها قصيرة فهذه الأعضاء تظهر منها غالبا بالضرورة والله اعلم

(١) والرواية الصحيحة يا لكعاء أتشبهين بالحرائر قال في مجمع البحار والمرأة لكاع كقطام واكثر مجيئه في النداء وهو اللئيم ١٢ الفقير الدهلوي.

صفحة رقم 496

وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ اى يضعن خمرهن من ضرب يده على الخائط اى وضعها عَلى جُيُوبِهِنَّ سترا لشعورهن وصدورهن وأعناقهن وقرطهن- قال البغوي قالت عائشة رضى الله عنها رحم الله النساء المهاجرات الاول لمّا انزل الله تعالى وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ شققن مروطهن فاختمرن به قرأ نافع وعاصم وهشام بضم الجيم والباقون بكسرها وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ الاضافة للعهد يعنى زينتهن المستثناة منها ما ظهر منها كرره لبيان من يحل له الإبداء ومن لا يحل له إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ فلهم هم المقصودون بالزينة ولهم ان ينظروا الى جميع أبدانهن حتى فروجهن لكنه يكره النظر الى الفرج لقوله ﷺ إذا اتى أحدكم اهله فليستتر ولا يتجردان تجرد العيرين- رواه الشافعي والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود عن عتبة بن عنبر والنسائي عن عبد الله بن سرجس والطبراني ايضا عن ابى امامة وروى ابن ماجة عن عائشة قالت ما نظرت او ما رايت فرج رسول الله ﷺ قط أَوْ آبائِهِنَّ وكذا اباء الآباء واباء الأمهات وان علوا بدلالة النص والإجماع أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ كذلك أَوْ أَبْنائِهِنَّ وأبناء الأبناء وأبناء البنات وان سفلوا بدلالة النص والإجماع أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ كذلك أَوْ إِخْوانِهِنَّ سواء كانوا من اب او من أم أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ وبنى أبنائهم وأبناء بناتهم وان سفلوا أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ او أبناء أبنائهن او أبناء بناتهن وان سفلوا أباح الله تعالى للنساء إبداء محاسنهن لهؤلاء لكثرة مداخلتهم عليهن واحتياجهن الى مداخلتهم وعدم توقع الفتنة من قبلهم الا نادرا لما في الطباع من النفرة عن مماسة القرابة والغيرة في انتسابهن الى الفاحشة وأباح لهم ان ينظروا منهن ما يبدو عند المحنة والخدمة وهو الوجه والرأس والصدر والساقان والعضدان ولا يجوز لهم النظر الى ظهورهن ولا الى بطونهن ولا الى ما بين السرة الى الركبة لانها لا تنكشف عادة فلا ضرورة في النظر إليها- وهذا حكم جميع من لا يجوز المناكحة بينه وبينها على التأييد بنسب كان او برضاع او مصاهرة- وانما لم يذكر الأعمام

صفحة رقم 497

والأخوال في الاية لانهم في معنى بنى الاخوان وبنى الأخوات بدلالة النص والإجماع فانه لما جاز للعمة إبداء زينتها لابن أخيها جاز لبنت الأخ إبداء زينتها لعمها بطريق المساوات ولما جاز للخالة إبداء زينتها لابن أختها جاز لبنت الاخت إبداء زينتها لخالها- ويحتمل ان يكون ترك ذكر الأعمام والأخوال في الاية للاشارة الى ان الأحوط ان يتسترن عنهم حذرا ان يصفوهن لابنائهم- (مسئلة) لا بأس للرجل ان يمس ما جاز اليه النظر من ذوات محارمه لتحقق الحاجة الى ذلك في المسافرة- وقلة الشهوة للحرم المؤبدة الا إذا كان يخاف عليها او على نفسه الشهوة فحينئذ لا ينظر ولا يمس لقوله ﷺ العينان تزنيان وزناهما النظر واليدان تزنيان وزناهما البطش- وفي رواية العينان واليدان تزنيان والرجلان تزنيان والفرج يزنى- رواه احمد والطبراني عن ابن مسعود مرفوعا وحرمة الزنى بذوات المحارم اغلظ فيجتنب أَوْ نِسائِهِنَّ يعنى جاز للمرءة ان تنكشف للمرءة مؤمنة كانت او كافرة حرة كانت او امة الا ما بين سرتها وركبتها وجاز لها النظر إليها بوجود المجانسة وانعدام الشهوة غالبا وعن ابى حنيفة ان نظر المرأة الى المرأة كنظر الرجل الى محارمه- وقيل المراد بنسائهنّ النساء المؤمنات فلا يجوز للمرءة المسلمة ان تنكشف للمرءة الكافرة لانها ليست من نسائنا لكونها اجنبية في الدين وذلك لانهن لا يتحرجن عن وصفهن للرجال- عن ابن مسعود قال قال رسول الله ﷺ لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها كانه ينظر إليها- متفق عليه قال البغوي كتب عمر بن عبد العزيز الى ابى عبيدة بن الجراح ان يمنع نساء اهل الكتاب ان يدخلن الحمام مع المسلمات أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ عن ابن جريج انه قال المراد بنسائهنّ المؤمنات الحرائر منهن وبما ملكت ايمانهنّ الإماء دون العبيد فلا يحل لامراة مسلمة ان تتجرد بين يدى امراة مشركة الا إذا كانت المشركة امة مملوكة لها فعلى هذا التأويل لا يجوز لها الانكشاف بين يدى عبدها- ولا يجوز للعبد ان ينظر

صفحة رقم 498

الى سيدته الا الى ما يجوز للاجنبى النظر اليه منها وبه قال ابو حنيفة رحمه الله وبه قال بعض اصحاب الشافعي قال الشيخ
ابو حامد من الشافعية الصحيح عند أصحابنا ان العبد لا يكون محرما لسيدته- قال النووي هذا هو الصواب بل لا ينبغى ان يجرى فيه خلاف بل يقطع بتحريمه- والقول بانه محرم لها ليس له دليل ظاهر فان الصواب في الاية انها في الإماء قال صاحب الهداية لنا انه فحل غير محرم ولا زوج والشهوة متحققة لجواز النكاح في الجملة يعنى بعد زوال ملكها والحاجة قاصرة لانه يعمل خارج البيت والمراد بالنص يعنى بهذه الاية الإماء قال سعيد بن المسيب والحسن وغيرهما لا تغرنكم سورة النور فانها في الإناث دون الذكور- وهذا التأويل لا يصح الا على تقدير كون المراد بنسائهن المسلمات الحرائر دون عامتهن والا لزم التكرار والخلو من الفائدة- فيلزم على مذهب ابى حنيفة عدم جواز الانكشاف للمرءة المسلمة عند الكافرة- وقال مالك ما ملكت ايمانهن يعم العبيد والإماء فيجوز للسيدة- الانكشاف عند عبده كسائر المحارم ويجوز له النظر إليها ما يجوز من النظر الى محارمه- والشافعي ايضا نص على ذلك وهو الأصح عند جمهور أصحابه لان الحاجة متحققة لدخوله عليها من غير استيئذان قال البغوي وروى ذلك عن عائشة وأم سلمة ويؤيده حديث انس ان النبي ﷺ اتى فاطمة بعبد قد وهبه لها وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها فلمّا راى رسول الله ﷺ ما تلقى قال انه ليس عليك بأس انما هو أبوك وغلامك- رواه ابو داؤد لكن يمكن ان يكون العبد صغيرا كما يدل عليه اطلاق لفظ الغلام ويؤيده ايضا حديث أم سلمة قالت قال رسول الله ﷺ إذا كانت عند مكاتب أحدا كن وفاء فلتحجب منه- رواه الترمذي وابو داود وابن ماجة لكن الاستدلال به بمفهوم المخالفة أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ اى غير اولى الحاجة الى النساء وهم الشيوخ الهرم سماهم بالتابعين لانهم لا يقدرون على الاكتساب فيتبعون القوم ليصيبوا

صفحة رقم 499

فضل طعامهم- قال الحسن هو الّذي لا ينتشر ذكره ولا يستطيع غشيان النساء ولا يشتهيهن وعن ابن عباس انه العنين وقال سعيد بن جبير المعتوه وقال عكرمة المجبوب وقيل هو المخنث وقال مقاتل هو الشيخ الهرم والعنين والخصى والمجبوب والصحيح ان الخصى والمجبوب في النظر الى الاجنبية كالفحل قال في الهداية لان الخصى فحل يجامع يعنى يحتمل المجامعة وكذا المجبوب لانه يسحق وينزل وكذا المخنث في الردى من الافعال لانه فحل فاسق يؤخذ فيه بمحكم كتاب الله يعنى قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم فانه محكم يشتمل المجبوب والخصى والمخنث وقوله تعالى أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ غير قطعى الشمول لهؤلاء فلا بد فيهم الحكم بغض البصر قال في الكفاية قيد في الهداية المخنث بالردى من الافعال وهو ان يمكّن غيره من نفسه احترازا عن المخنث الّذي في أعضائه لين وفي لسانه انكسار باهل الخلقة لا يشتهى النساء- ولا يكون مخنثا في الردى من الافعال فانه قد رخص بعض مشائخنا في ترك مثله في النساء لانه من غير اولى الاربة من الرجال- قلت واما الخنثى الأصلي يعنى الّذي له ذكر وفرج فان ظهر له علامات النساء وهو ان يكون له ثدى كثدى المرأة او نزل له لبن في ثديه او حاض او حبل او أمكن الوصول اليه من الفرج فحكمه حكم الأنثى وإلا فله حكم الذكر لا يجوز للنساء الانكشاف عنده ولا يجوز له النظر إليهن- وان كان مشكلا يوخذ فيه بالأحوط فلا ينكشف هو عند الرجال ولا تنكشف النساء عنده والله اعلم روى الشيخان في الصحيحين عن أم سلمة ان النبي ﷺ كان عندها وفي البيت مخنث فقال لعبد الله بن ابى امية (أخي أم سلمة) يا عبد الله ان فتح الله لكم غدا الطائف فانى أدلكم على ابنة غيلان فانها تقبل بأربع وتدبر بثمان فقال النبي ﷺ لا يدخلن هؤلاء عليكم- احتج بعض العلماء بهذا الحديث على منع المخنثين من الدخول

صفحة رقم 500

على النساء وفي الاحتجاج به نظر بل يمكن الاحتجاج بهذا الحديث على جواز دخول المخنثين على النساء لان النبي ﷺ أقره في البيت ولم يمنعه من الدخول الا بعد ما وصف ابنة غيلان بانها تقبل بأربع وتدبر
بثمان وهذا امر اخر منع النبي ﷺ لاجله عن دخول المرأة على المرأة كما مر في حديث ابن مسعود والله اعلم قرأ أبو بكر وابن عامر وابو جعفر غير اولى الاربة بالنصب على الحال او على انه بمعنى الّا للاستثناء معناه يبدين زينتهن للتابعين الا ذا الاربة منهم فانهن لا يبدين زينتهن لمن كان منهم ذا اربة وقرأ الباقون بالجر على انه صفة للتابعين- أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ الطفل جنس وضع موضع الجمع اكتفاء بدلالة الوصف يعنى لم يبلغوا او ان القدرة على الوطي من ظهر على فلان إذا قوى وقدر عليه- او المعنى لم يظهروا اى لم يكشفوا عن عورات النساء بالجماع من الظهور بمعنى الغلبة ولذلك عدّى بعلى او من الظهور بمعنى الاطلاع فان الكشف يستلزم الاطلاع والمراد بعدم الظهور وعدم الكشف ايضا عدم صلاحية ذلك فالحاصل انهم لم يبلغوا حد الشهوة وقال مجاهد معناه لم يعرفوا العورة من غيرها لاجل الصغر وعدم التميز- والاولى هو الاول فان الطفل ان كان مميزا لكنه لم يبلغ حد الشهوة جاز للنساء الانكشاف عنده الا من السرة الى الركبة- ولا يجوز لها بحضرته كشف ما تحت السرة كما يدل عليه قوله تعالى لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ- وان كان طفلا غير مميز بالكلية فهو كالجمادات والبهائم لا بأس لو كشفت عنده ما تحت الإزار ايضا- وان كان مراهقا يشتهى فحكمه حكم الرجال لانه استعد للظهور على عوراتهن- اخرج ابن جرير عن حضرمى ان امراة اتخذت صرتين من فضة واتخذت جذعا فمرت على قوم وضربت برجليها فوقع الخلخال على الجذع فصوتت فانزل الله تعالى

صفحة رقم 501

وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ قال البغوي كانت المرأة إذا مشت ضربت برجلها لتسمع صوت خلخالها فنهيت عن ذلك لانه يورث في الرجال ميلا إليها- قال البيضاوي وهو ابلغ من النهى عن إبداء الزينة وادل على المنع من رفع الصوت لها ولذا صرح في النوازل بان نغمة المرأة عورة وبنى عليها ان تعلمها القرآن من المرأة أحب الىّ لان نغمتها عورة ولذا قال عليه السّلام التسبيح للرجال والتصفيق للنساء- متفق عليه من حديث سهل بن سعد فلا يحسن ان يسمعها الرجل قال ابن همام وعلى هذا لو قيل إذا جهرت المرأة بالقراءة في الصلاة فسدت كان متجها- ولذا منعها عليه السلام من التسبيح بالصوت لاعلام الامام بسهوه الى التصفيق وهذه الاية تدل على ان القدم عورة- وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فانه لا يكاد يخلو أحد منكم في إتيان أوامره والانتهاء عن مناهيه من التفريط قال رسول الله ﷺ كل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون- رواه الترمذي وابن ماجة والدارمي قيل معناه راجعوا الى طاعة الله فيما أمركم ونهاكم من الآداب المذكورة في هذه السورة وقيل معناه توبوا عما كنتم تفعلونه في الجاهلية وان جب بالإسلام لكن يجب الندم عليه والعزم على الكف عنه كلما تتذكروا قرأ ابن عامر ايّه المؤمنون هاهنا وفي الزخرف يآيّه السّاحر وفي الرحمان ايّه الثّقلان بضم الهاء في الثلاثة وصلا ويقف بلا الف- والباقون بفتح الحاءات على الأصل ووقف ابو عمرو والكسائي ايها بالألف والباقون بغير الف لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١) فان سعادة الدارين بالتوبة قال رسول الله ﷺ طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا- وعن ابن عمر انه سمع رسول الله ﷺ يقول يا ايها الناس توبوا الى ربكم فانى أتوب الى ربى كل يوم مائة مرة وعن ابى هريرة قال قال رسول الله ﷺ والله انى لاستغفر الله وأتوب اليه في اليوم اكثر من سبعين

صفحة رقم 502
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية