آيات من القرآن الكريم

لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُسْتَقِيمٍ
ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ

ألم تعلموا أن الله الرحمن الرحيم بكم سخر لكم كل ما في الأرض من حيوان ونبات وأنهار وقوى طبيعية حتى استخدم الإنسان الأثير والذرة وها هي الفلك تجرى في البحر بأمره، وخصها بالذكر لأنها هي الموجودة ساعة نزول القرآن. أما اليوم فالغواصة، والطيارة، والقنابل والتليفزيون وغيره وغيره مما ستتكشف الأيام عنه.
والله- سبحانه- يمسك السماء أن تقع على الأرض، وقد رفعها بلا عمد ترونها فلن تقع السماء (أى ما فيها من كواكب وأجرام) إلا بإذنه وإرادته فليست الدنيا خلقت بالطبع ووجدت بالصدفة لا بل هذا الكون لا يمكن أن يسير وحده بلا مدبر قوى قادر حكيم عليم ناقد بصير هو الله- جل جلاله-، وتقدست أسماؤه.
حقيقة إن الله بالناس لرءوف رحيم.
وهو الذي أحياكم من العدم ثم يميتكم عند انقضاء أعماركم، وهذا الموت من أكبر النعم على الإنسان، ألم تر لك قريبا عزيزا عليك مرض مرضا شديدا حتى تمنيت له الموت؟ كلنا ذلك الرجل، ولذلك عد الموت في النعم كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ من سورة الرحمن، أليست الدنيا سجن المؤمن وبالموت ينطلق إلى ساحة الرحمن، ثم يحييكم للبعث والجزاء وإعطاء المحسن جزاءه والمسيء عقابه، إن الإنسان لكفور بنعم الله جحود لفضل الله إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وشكروا الله حق شكره فأولئك جزاؤهم عند ربهم...
لكل أمة شريعة صالحة لها [سورة الحج (٢٢) : الآيات ٦٧ الى ٧٠]
لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (٦٧) وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)

صفحة رقم 603

المفردات:
مَنْسَكاً عبادة وشريعة يعبدون بها ربهم، والفعل نسك ينسك فهو ناسك، ونسك أى: عبد فهو عابد.
المعنى:
العالم يتطور تطور الإنسان في الحياة فمن الطفولة إلى دور الشباب إلى دور الرجولة الكاملة، وتلك سنة التطور، وقد عالج الله العالم وقت أن كان كالطفل بعلاج التوراة التي أنزلت على موسى تحكم بالشدة وتعنى بالمادة، ثم جاء الإنجيل متمما لحكم التوراة مع علاج الروح وتنمية الغرائز، والعالم كان في شبابه ميالا لناحية الروح، ثم لما كمل العالم، وتمت رجولته، وأصبح قادرا على تحمل رسالة خاتم المرسلين محمد صلّى الله عليه وسلم أرسل له بتشريع يجمع بين العناية بالمادة والروح، وكان تشريعه وسطا وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [سورة البقرة آية ١٤٣].
نعم لكل أمة من الأمم جعلنا منسكا وشريعة تعبد بها ربها، وهي مناسبة لها فكانت التوراة منسك الأمة التي كانت من مبعث موسى إلى مبعث عيسى، والإنجيل منسك الأمة من مبعث عيسى إلى مبعث محمد- عليهم جميعا الصلاة والسلام-، وكان القرآن وما فيه من تشريع وحكم شامل لكل مناحى الحياة الدنيا والأخرى منسك هذه الأمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولقد أرسل محمدا صلّى الله عليه وسلّم ونزل عليه القرآن هدى للناس جميعا وبينات من الهدى والفرقان، والعالم في أشد الحاجة إليه، فكان رحمة للعالمين، ومنقذا للإنسانية المعذبة الضالة بين المادية القاسية، والوثنية الضالة لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [سورة المائدة آية ٤٨].
وإذا كان الأمر كذلك فلا ينازعنك في الأمر- أى أمر الدين- فهذا هو الدستور الذي نسخ جمع الدساتير السالفة، وهذا نهى لهم عن النزاع، وأنت يا محمد لا تلتف لنزاعهم وجدالهم واثبت في دينك ثباتا لا يطمعون معه أن يخدعوك ليزيلوك عنه، وادع كل الناس إلى سبيل ربك وهو دين الله الحق، وتوحيده الخالص، إنك على الحجة البيضاء ليلها كنهارها، وأنت على الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه، فادع الناس جميعا إلى الإسلام وإن أبوا إلا جدالك بعد ظهور الحجة عليهم فكل أمرهم إلى الله وقل لهم:

صفحة رقم 604
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية