آيات من القرآن الكريم

لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ ۚ وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُسْتَقِيمٍ
ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ

قوله: ﴿هُمْ نَاسِكُوهُ﴾ : هذه الجملةُ صفةٌ ل مَنْسَكاً. وقد تقدَّم أنه يُقْرَأُ بالفتح والكسر. وتقدَّم الخلافُ فيه: هل هو مصدرٌ أو مكانٌ؟ وقال ابنُ عطية: «ناسِكوه يُعطي أنَّ المَنْسَك المصدرُ، ولو كان مكاناً لقال: ناسِكون فيه» يعني أنَّ الفعلَ لا يتعدى إلى ضمير الظرفِ إلاَّ بواسطةِ «في». وما قاله غيرُ لازمٍ؛ لأنه قد يُتَّسع في الظرف فيجري مجرى المفعولِ به، فيصِلُ الفعلُ إلى ضميرِه بنفسه، وكذا ما عَمِلَ عَمَلَ الفعل. ومن الاتِّساع في ظرفِ الزمان قوله:

صفحة رقم 303

٣٣٩٨ - ويومٍ شَهِدْنَاه سُلَيْمَى وعامراً قليلٍ سوى الطَّعْنِ النِّهالِ نوافِلُهْ
ومن الاِّتساع في ظرفِ المكان قولُه:
٣٣٩٩ - ومَشْرَبٍ أَشْرَبُه وَشِيْلِ لا أَجِنِ الطَّعْمِ ولا وَبِيْلِ
يريد: أشرب فيه.
قوله: ﴿فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ﴾ وقُرِىء بالنون الخفيفة. وقرأ أبو مجلز: «فلا يَنْزِعُنَّك» مِنْ كذا أي: قَلَعْتُه منه. وقال الزجاج: «هو مِنْ نازَعْتُه فَنَزَعْته أنْزَعُه أي: غَلَبْتُهُ في المنازَعَة». ومجيءُ هذهِ الآيةِ كقولِه تعالى: ﴿فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا﴾ وقولهم: لا أُرَيَنَّك ههنا. وهنا جاء قولُه ﴿لِّكُلِّ أُمَّةٍ﴾ من غير واوٍ عطفٍ، بخلافِ ما تَقَدَّم مِنْ نظيرتِها فإنها بواوِ عطفٍ. قال الزمخشري: «لأنَّ» تلك «وَقَعَتْ مع ما يُدانيها ويناسِبُها من الآيِ الواردةِ في أمر النسائِكِ، فَعُطِفَتْ على أخواتها، وأمَّا هذه فواقعةٌ مع أباعدَ مِنْ معناها فلم تجد مَعْطَفاً.

صفحة رقم 304
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي
تحقيق
أحمد بن محمد الخراط
الناشر
دار القلم
عدد الأجزاء
11
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية