آيات من القرآن الكريم

أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ
ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ

قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ﴾ ؛ أي أفَلَمْ يَسِرْ قومُكَ يا مُحَمَّدُ في أرضِ اليَمَنِ والشَّام ؛ لينظروا آثارَ الْمُهْلَكِيْنَ، فِيعقلوا بقلوبهم ما نَزَلَ بمن كَذِب من قبلهم، ويسمَعُوا بآذانِهم خَبَرَ الأممِ الْمُكَذِّبَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَتَكُونَ لَهُمْ ﴾ نُصِبَ على جواب الْجَحْدِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ ﴾ ؛ الهاءُ في قوله ﴿ فَإِنَّهَا ﴾ عمادٌ، وهو إضمارٌ على شريطةِ التفسير، والمعنى : فإنَّ الأبصارَ لا تَعْمَى ؛ أي يَرَوْنَ بأبصارهم، ﴿ وَلَـاكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ ؛ قلوبُهم بذهابها عن إدراكِ الحقِّ بما يؤدِّي إليه الدليلُ.
وفي الآية دليلٌ أنَّ العقلَ في القلب بخلاف ما قالَهُ الفلاسفةُ والأطباء : أن مَحَلَّ العقلِ الرأسُ الدماغ ؛ لأن العقلَ لو لَم يكن في القلب لَم يُوصَفِ القلبُ بأن يَعْمَى، كما لا تُوصَفُ بذلك اليدُ والرِّجل، وأما وصفُ القلوب بأنَّها في الصُّدور فعلى وجهِ التأكيد، كما في قولهِ تعالى﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم ﴾[آل عمران : ١٦٧]، وقولهِ﴿ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ﴾[الأنعام : ٣٨].

صفحة رقم 210
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحداد اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية