آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ

حمزة والكسائي وعاصم: ثُمَّ لْيَقْضُوا بجزم اللام وكذلك وَلْيُوفُوا وَلْيَطَّوَّفُوا وقرأ أبو عمرو الثلاثة كلها بالكسر، بمعنى لام كي. وقرأ ابن كثير بكسر اللام الأولى خاصة. فمن قرأ بالجزم، جعلها أمر الغائب، ومن قرأ بالكسر، جعله خبراً عطفاً على قوله: يَذْكُرُوا. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وَلْيُوفُواْ بنصب الواو وتشديد الفاء، وقرأ الباقون بالتخفيف من أوفى يوفي، والأول من وفَّى يوفّي، ومعناهما واحد.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٠ الى ٣١]
ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاَّ مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (٣١)
ثم قال عز وجل: ذلِكَ، يعني: هذا الذي ذكر من أمور المناسك. ثم قال: وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ، يعني: أمر المناسك كلها، فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ يعني: أعظم لأجره.
وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ يعني: الإبل والبقر والغنم وغيره. إِلَّا مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ في التحريم في سورة المائدة. فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ، يعني: اتركوا عبادة الأوثان، فَاجْتَنِبُوا يعني: اتركوا قَوْلَ الزُّورِ، يعني: الكذب، وهو قولهم: هذا حلال وهذا حرام. ويقال:
معناه اتركوا الشرك، ويقال: اتركوا شهادة الزور.
ثم قال عز وجل: حُنَفاءَ لِلَّهِ، يعني: مخلصين بالتلبية لله تعالى لأن أهل الجاهلية كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك. ويقال: إن هذا القول بالزور الذي أمرهم باجتنابه.
ثم قال: غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ، وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ، أي: وقع من السماء، فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ، يعني: تختلسه الطير، أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ، يعني: تذهب به الريح فِي مَكانٍ سَحِيقٍ، أي: بعيد، فكذلك الكافر في البعد من الله عَزَّ وَجَلَّ. ويقال: معناه مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فقد ذهب أصله. وقال الزجاج: الخطف هو أخذ الشيء بسرعة، فهذا مثل ضربه الله عز وجل للكافرين في بعدهم من الحق، فأخبر أن بعد من أشرك من الحق، كبعد من خر من السماء، فذهبت به الطير، وهوت به الريح في مكان سَحِيقٍ، يعني: بعيد. قرأ نافع:
فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ بنصب الخاء والتشديد، وقرأ الباقون بالجزم والتخفيف من خطف. ومن قرأ بالتشديد، فلأن أصله: فتخطفه فأدغم التاء في الطاء، وألقيت حركة التاء على الخاء.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٢ الى ٣٥]
ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢) لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى مَا أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥)

صفحة رقم 458

ثم قال عز وجل: ذلِكَ يقول: هذا الذي أمر من اجتناب الأوثان. وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ، يعني: البدن، فيذبح أعظمها وأسمنها. وروي عن ابن عباس أنه قال: «تعظيمها استعظامها، وأيضاً استسمانها واستحسانها». ثم قال: فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ، يعني: من إخلاص القلوب، ويقال: من صفاء القلوب، وشَعائِرَ اللَّهِ: معالم الله ودينه، التي ندب إلى القيام بها وواحدها: شعيرة.
قوله عز وجل: لَكُمْ فِيها مَنافِعُ، يعني: في البدن. وقال مجاهد: يعني: في ركوبها وشرب ألبانها وأوبارها. إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، يعني: إلى أجَلٍ مسمًّى بدناً، فمحلها إلى البيت العتيق. وروي عن ابن عباس نحو هذا، وقد قول بعض الناس: إنه يجوز ركوب البدن، وقال أهل العراق: لا يجوز إلا عند الضرورة، ويضمن ما نقصها الركوب، وهذا القول أحوط الوجهين. ثُمَّ مَحِلُّها يعني: منحرها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، يعني: في الحرم. وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «جَمِيعُ فِجَاجِ مَكَّةَ مَنْحَرٌ».
ثم قال عز وجل: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ، يعني: لكل أهل دين، ويقال: لكل قوم من المؤمنين فيما خلا، جَعَلْنا مَنْسَكاً يعني: ذبحاً لهراقة دمائهم. ويقال: مذبحاً يذبحون فِيهِ. قال الزجاج: معناه، جعلنا لكل أمة أن تتقرب بأن تذبح الذبائح لله تعالى. قرأ حمزة والكسائي مَنْسَكاً بكسر السين، وقرأ الباقون بالنصب. فمن قرأ بالكسر، يعني: مكان النسك. ومن قرأ بالنصب، فعلى المصدر. وقال أبو عبيد: قراءتنا هي بالنصب لفخامتها.
ثم قال: لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ، يعني: يذكرون اسم الله تعالى عند الذبح. فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ، أي ربكم رب واحد. فَلَهُ أَسْلِمُوا، أي: أخلصوا بالتسمية عند الذبيحة وفي التلبية. وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ، أي: المخلصين بالجنة. ويقال:
المجتهدين في العبادة والسكون فيها. قال قتادة: المختبون المتواضعون. وقال الزجاج: أصله من الخبت من الأرض، وهو المكان المنخفض. ويقال: المخبت الذي فيه الخصال التي ذكرها الله بعده، وهو قوله عز وجل: الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ، يعني: خافت قلوبهم وَالصَّابِرِينَ عَلى مَا أَصابَهُمْ من أمر الله من المرازي والمصائب وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ يعني:
يقيمونها بمواقيتها، وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ يعني: يتصدقون وينفقون في الطاعة. ثم ذكر البدن، يعني: ينحرون البدن. فهذه الخصال الخمسة صفة المخبتين.

صفحة رقم 459
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية