
لم يكن نبيا، ولكنه كان عبدا صالحا فتكفل بعمل رجل صالح عند موته
إلى آخر ما ذكر... ولكن سياق الآية وفي سورة (ص) التي ذكر فيها كثير من الأنبياء «وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ» (٤٨) من سورة (ص) أليس دليلا على أنه نبي؟! على أن الكشاف: صرح بأنه نبي وله اسمان إلياس وذو الكفل أى: ذو الحظ الكثير.
يونس عليه السلام [سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٨٧ الى ٨٨]
وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)
المفردات:
وَذَا النُّونِ هو يونس- عليه السلام-. صاحب الحوت، والنون هو الحوت نَقْدِرَ من القدر والتقدير الذي هو القضاء والحكم، والمراد فظن أن لن نقضي عليه بالعقوبة. ، ويؤيد هذا قراءة نقدر وقيل المراد: أى نقتر يقال قدر يقدر أى: يقتر عليه وقوله تعالى اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ أى: يبسط ويقتر أى:
فظن أن لن نضيق عليه.
قصة يونس- عليه السلام- صاحب الحوت من المواضع الدقيقة في القرآن الكريم التي تحتاج من الباحث سعة اضطلاع وحسن تصرف، وذلك أن القصة ذكرت في سورة الأنبياء كما هنا، وفي سورة (ص) الآتية، وفيهما يقول الله: إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً، ويقول في سورة (ص) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
ويقول كما هنا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ. إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ.

وظاهر نصوص القرآن الكريم تثبت ليونس أنه غاضب. فممّن غاضب؟!. ، وأنه أبق! وأنه ظن أن لن نقدر عليه، وأنه كان من الظالمين.. ، وهذا بلا شك لا يليق بالأنبياء على أن هذا الموضوع سيجرنا إلى البحث عن عصمة الأنبياء وإلى أى مدى تكون، ويحملنا كذلك على تأويل تلك النصوص بما يتفق وروح الدين والقول الحق في نظري عن عصمة الأنبياء خلاصته: أن الأنبياء- صلوات الله عليهم- معصومون عن الكبائر مطلقا. وأما عن الصغائر فهم معصومون على الإتيان بها عمدا في حال النبوة، وإن جاز أن يقع منهم شيء فهم متأولون أو ناسون وهذه تعتبر ذنوبا في حقهم، وإن كانت غير ذنوب عند أممهم نظرا لما لهم من القرب والاتصال بالحضرة العلية، وصدق من قال: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وموضوع كلامنا قصة يونس فنقول: سائلين الله أن يحفظنا من الخطأ.
المعنى:
واذكر يا محمد ذا النون وهو يونس إذ ذهب مغاضبا لله، أى: لأجل الله فيونس غاضب قومه من أجل ربه إذ يكفرون به ولا يصدقون برسله.
والظاهر أن يونس أرسل إلى قومه فعصوه، ولم يتبعه إلا القليل، وكان ذلك مما يحز في نفسه ويؤلمه ويغضبه، وكان يونس ضيق الصدر شديد الإخلاص لقومه كثير الحرص عليهم فهذا كله يجعله يغضب ويثور، وما هكذا تكون الأنبياء والرسل انظر إلى الله يقول لمحمد صلّى الله عليه وسلم: وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ «١» وكثيرا ما كان يعالج القرآن ذلك عند النبي صلّى الله عليه وسلّم المعصوم والمبرأ من كل عيب فيقول:
فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ [سورة هود آية ١٢].
ولهذا كان الأنبياء الذين بالغوا في الصبر والمثابرة وهم- إبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح. ومحمد- صلوات الله عليهم جميعا- أولى العزم.
فيونس ذهب مغاضبا من أجل عصيان ربه، وليس مغاضبا ربه أو آبقا حقا، وإلا كان من مرتكبا لكبيرة لا تليق بالفرد العادي فما بال يونس النبي الكريم؟! الذي
يقول فيه المصطفى «لا تفضّلونى على يونس بن متّى».