آيات من القرآن الكريم

فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ
ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ

وقال قتادة: نفحة: عقوبة.
وقيل: النفحة ها هنا: الجوع الذي أخذهم الله به بمكة.
وقيل: " نفحة "، أقبل شيء من العذاب، وأدنى شيء منه. ﴿لَيَقُولُنَّ ياويلنآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾.
أي: ظلمنا في عبادتنا الأصنام وتركنا عبادة الله الذي خلقنا، وأنعم علينا.
قوله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الموازين القسط﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّهُ لَمِنَ الظالمين﴾.
أي: ونضع الموازين العدل في يوم القيامة. " اللام ": بمعنى: " في ". وقيل: " اللام " على بابها. والتقدير لأهل يوم القيامة.
﴿فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً﴾.
أي: لا يؤخذ/ أحد بذنب غيره، أو بذنب لم يعلمه، أو يسقط له عما عمله من خير.
قال ابن عباس: هذا بمنزلة قوله: ﴿والوزن يَوْمَئِذٍ الحق﴾ [الأعراف: ٨].
وروي أن الميزان له كفتان، وأن الأعمال تمثل بما يوزن.
ويروى أنه إنما يوزن خواتمها.

صفحة رقم 4762

وقال سلمن الفارسي: توضع الموازين يوم القيامة، فلو وضع في إحدى الكفتين السماوات والأرض، لوسعتهن. فتقول الملائكة: ربنا لمن وضعت هذا؟ فيقول: لمن شئت من عبادي.
فيقولون: سبحان ربنا ما عبدناك حق عبادتك.
وعن حذيفة: أن صاحب الميزان يوم القيامة جبريل ﷺ وشرّف وكرّم.
وعن مجاهد: " الموازين ": العدل.
وقال النبي ﷺ: " لا يذكر أحد حميمه عند الميزان ".
وقوله: ﴿وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا﴾.
أي: إن كان له عمل من الحسنات أو [عليه] عمل من السيئات وزن حبة من خردل، جئنا بها، فوفينا كلاً ما عمل.
وقال ابن زيد: " أتينا بها " أي كتبناها، وأحصيناها له وعليه.

صفحة رقم 4763

وقرأ مجاهد: " أتينا بها، بمعنى: جازينا بها.
﴿وكفى بِنَا حَاسِبِينَ﴾.
أي: وكُفينا حاسبين. أي حسب من شهد الموقف ذلك اليوم بنا حاسبين. إذ لم يغب عنا من أعمالهم شيء. " وحاسبين " نصب على الحال، أو على التمييز.
وروى أحمد بن صالح عن قالون عن نافع: " القطط " بالصاد، لأجل الطاء والأصل، السين.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى وَهَارُونَ الفرقان وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ﴾.
أي: أعطيناهما الكتاب الذي يفرق بين الحق والباطل. وهو التوراة،

صفحة رقم 4764

قاله قتادة.
قال ابن زيد: الفرقان: الحق أتاه الله موسى وهارون، ففرق به بينهما وبين فرعون. قضى بينهم بالحق، وهو مثل: ﴿وَمَآ أَنزَلْنَا على عَبْدِنَا يَوْمَ الفرقان﴾ [الأنفال: ٤١] يعني: يوم بدر. وهذا القول اختيار الطبري لقوله: وضياء. فالضياء هو التوراة، أضاءت لهما ولمن اتبعهما أمر دينهم. وفي دخول الواو في " وضياء " دليل علكى أن الضياء غير الفرقان.
وقوله: ﴿وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ﴾ أي: وذكراً لمن اتقى الله بطاعته، وخاف ربه بالغيب أن يعاقبه في الآخرة.
﴿وَهُمْ مِّنَ الساعة مُشْفِقُونَ﴾.
أي: من قيام القيامة حذرون أن تقوم عليهم، فيردوا على ربهم مفرطون فيما يجب عليهم من طاعته.
وقرأ ابن عباس: " الفرقان ضياء " بغير واو.
فيكون الفرقان على هذا القراءة التوراة بغير اختلاف.

صفحة رقم 4765

ثم قال تعالى: ﴿وهذا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ﴾.
يعني القرآن.
﴿أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ﴾.
تقرير وتوبيخ للمشركين الذين أنكروه وقالوا: ﴿أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افتراه بَلْ هُوَ شَاعِرٌ﴾. ثم قال: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ﴾.
أي: ولقد وفقنا إبراهيم فأعطيناه هداه من قبل موسى وهارون.
قال مجاهد: " معناه: هديناه صغيراً ".
وقال ابن عباس: لما خرج وهو صغير من الموضع الذي جعل فيه، رأى كوكباً في السماء، وهي الزهرة تضيء فقال: هذا ربي. فلما غابت، قال: لا أحب الآفلين. ثم فعل ذلك مع الشمس والقمر. ثم قال: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السماوات والأرض حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ المشركين﴾ [الأنعام: ٧٩].
وقوله: ﴿وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ﴾.
أي: عالمين أنه ذو يقين وإيمان بالله. إذ قال لأبيه: " أي حين ﴿قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هذه التماثيل التي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ﴾.
أي: ما هذه الصور التي أنتم عليها مقيمون. يعني أصنامهم التي كانوا يعيدون.
ثم قال: ﴿قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ﴾.
أي: قالوا لإبراهيم إنما عبدنا هذه الأصنام لأنَّا وجدنا آباءنا لها عابدين.

صفحة رقم 4766

قال لهم إبراهيم ﷺ: ﴿ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ أي: في ذهاب عن الحق بعبادتكم هذه لأصنام.
" مبين " أي: ظاهرين. قالوا لإبراهيم ﴿أَجِئْتَنَا بالحق أَمْ أَنتَ مِنَ اللاعبين﴾ أي: أحق ما تقول. أم أنت لاعب من اللاعبين.
قال لهم إبراهيم: ﴿بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السماوات والأرض الذي فطَرَهُنَّ﴾ أي: بل جئتكم بالحق لا باللعب. " ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن " أي: خلقهن. ﴿وَأَنَاْ على ذلكم مِّنَ الشاهدين﴾ أي: أنا شاهد من الشاهدين أن ربكم رب السماوات والأرض/ دون التماثيل التي تعبدون.
ثم قال: ﴿وتالله لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ﴾.
أقسم إبراهيم بهذا في نفسه سراً من قومه، لم يسمعه منهم أحد إلا الذي أفشاه عليه. إذ قال: ﴿قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ [الأنبياء: ٦٠].
قال مجاهد: قال ذلك إبراهيم حين استأذنه قومه إلى عيد لهم فأبى وقال: " إني سقيم "، فسمع منه وعيد أصنامهم رجل منهم استأخر وهو الذي يقول: " سمعنا فتى يذكر يقال له إبراهيم ".
ثم قال تعالى ذكره: ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ﴾.

صفحة رقم 4767

أي: فجعل الأصنام حطاماً إلا صنماً كبيراً لهم، فإنه تركه لم يحطمه، وعلق الفأس في عنقه ليحتج به عليهم إن فطنوا به، وهو صنم كبير في الصورة.
وقيل: هو أكبرها عندهم، لا أكبرها في صورته.
وقوله: ﴿لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾.
أي: لعلهم يؤمنون به إذا رأوها مكسرة لم تدفع عن أنفاسها ضر من أرادها، ولم يدفع عنها كبيرها شيئاً.
قال السدي: " قال أبو إبراهيم له، إن لنا عيداً لو خرجت معنا، والله قد أعجبك ديننا. فلما كان يوم العيد خرجوا إليه، معهم إبراهيم فلما كان ببعض الطريق، ألقى نفسه وقال: إني سقيم أشتكي رجلي وهو صريع.
فلما مضوا، نادى في آخرهم وقد بقي ضعفاء الناس ﴿وتالله لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ﴾ فسمعوها منه. ثم رجع إبراهيم إلى بيت الآلهة، فإذا هن في بهو عظيم، مستقبل باب البهو صنم عظيم إلى جنبه أصغر منه، بعضها إلى جنب بعض يليه أصغر منه حتى بلغوا باب البهو، وإذا هم قد جعلوا طعاماً فوضعوه بين يدي الآلهة. قالوا: إذا كان حين نرجع، رجعنا وقد

صفحة رقم 4768
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية