
قوله: ﴿القسط﴾ : في نصب «القِسْطَ» وجهان أحدهما: أنه نعتٌ للموازين، وعلى هذا: فلِمَ أُفْرِد؟ وعنه جوابان، أحدهما:
صفحة رقم 163
أنه في الأصلِ مصدرٌ، والمصدر يوحَّد مطلقاً. والثاني: أنَّه على حَذْفِ مضاف. الوجه الثاني: أنه مفعولٌ من أجله أي: لأجلِ القسطِ. إلاَّ أنَّ في هذا نظراً من حيث إن المفعولَ له إذا كان معرَّفاً بأل يَقِلُّ تجرُّده من حرف العلة تقول: جئتُ للإِكرام، ويَقِلُّ: جئت الإِكرامَ، كقول الآخر:
٣٣٤٤ - لا أَقْعُدُ الجبنَ عن الهَيْجاءِ | ولو توالَتْ زُمَرُ الأعداءِ |
قوله: ﴿لِيَوْمِ القيامة﴾ في هذه اللام أوجه، أحدها: قال الزمخشري: «مثلُها في قولك: جِئْتُ لخمسٍ خَلَوْنَ من الشهر، ومنه بيتُ النابغة.
٣٣٤٥ - تَوَهَّمْتُ آياتٍ لها فَعَرَفْتُها | لستةِ أعوام وذا العامُ سابعُ |

الدارمي:
٣٣٤٦ - أولئك قومي قد مضَوْا لسبيلِهم | كما قد مضى مِنْ قبلُ عادٌ وتُبَّعُ |
٣٣٤٧ - وكلُّ أبٍ وابنٍ وإنْ عُمِّرا معاً | مُقِيْمَيْنِ مفقودٌ لوقتٍ وفاقدُ |
أي: لحسابِ يومِ القيامة.
قوله: ﴿شَيْئاً﴾ يجوز أن يكون مفعولاً ثانياً، وأن يكون مصدراً، أي: شيئاً من الظلم.
قوله: ﴿مِثْقَال﴾ قرأ نافعٌ هنا وفي لقمان برفع» مِثْقال «على أنَّ» كان «تامة، أي: وإنْ وُجِد مثقال. والباقون بالنصب على أنَّها ناقصةٌ، واسمها مضمر أي: وإنْ [كان] العملُ. و ﴿مِّنْ خَرْدَلٍ﴾ صفةٌ لحَبَّة.
وقرأ العامَّة» أَتَيْنَا «من الإِتيان بقَصْرِ الهمزة أي: جِئْنا بها، وكذا قرأ ابن مسعود وهو تفسيرُ معنى لا تلاوة. وقرأ ابنُ عباس ومجاهدٌ وسعيد وابن أبي صفحة رقم 165

إسحاق والعلاء بن سيابة وجعفر بن محمدٍ» آتَيْنا «بمدِّ الهمزة وفيها أوجهٌ، أحدُها: وهو الصحيحُ أنه فاعَلْنا من المؤاتاة وهي المجازاةُ والمكافَأَة. والمعنى: جازَيْنا بها، ولذلك تعدى بالباء. الثاني: أنها مُفاعَلَةٌ من الإِتيان بمعنى المجازاة والكافأةِ لأنهم أَتَوْه بالأعمال وأتاهم بالجزاءِ، قاله الزمخشري. الثالث: أنه أفْعَل من الإِيتاء. كذا توهَّمَ بعضُهم وهو غلطٌ. قال ابن عطية:» ولو كان آتَيْنا أعطينا لَما تعدَّى بحرفِ جرّ. ويُوْهِنُ هذه القراءةَ أنَّ بدلَ الواوِ المفتوحةِ همزةً ليس بمعروفٍ، وإنما يُعْرَفُ ذلك في المضمومةِ والمكسورة «يعني أنَّه كان مِنْ حَقِّ هذا القارىءِ أَنْ يَقْرَأَ» واتَيْنا «مثل واظَبْنا؛ لأنها من المُواتاةِ على الصحيح، فأبدل هذا القارِىءُ الواوَ المفتوحةًَ همزةَ. وهو قليلٌ ومنه أَخَذَ» واتاه «.
وقال أبو البقاء:» ويُقرأ بالمدِّ بمعنى جازَيْنا بها، فهو يَقْرُبُ مِنْ معنى أَعْطَيْنا؛ لأنَّ الجزاءَ إعطاءٌ، وليس منقولاً مِنْ أَتَيْنا، لأن ذلك لم يُنْقَلْ عنهم.
وقرأ حميد «أَثَبْنا» من الثواب. والضمير في «بها» عائد على المِثْقال، وأنَّث ضميرَه لإِضافتِه لمؤنث فهو كقوله:
٣٣٤٨ -............................. | كما شَرِقَتْ صدرُ القناةِ من الدَّمِ |