
الله بأنَّ له ولدا (١).
وقال الحسن في هذه الآية: هي والله (٢) لكل واصف كذب (٣) إلى يوم القيامة (٤).
يعني من وصف كذباً على الله في صفاته وأحكامه (٥)، فهو من أهل هذه الآية (٦).
ثم بين أن جميع المخلوقين عبيده.
١٩ - فقال: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي (٧): عبيداً ومِلْكاً (٨) ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ﴾ يعني الملائكة.
[قال أبو إسحق: أي هؤلاء الذين ذكرتم أنهم أولاد الله عباد الله] (٩)
(٢) في (د)، (ع): (لله)، وهو خطأ.
(٣) في المطبوع من ابن أبي شيبة ١٧/ ٥٠٧: كذوب.
(٤) رواه أبي شيبة في "مصنفه" ١٣/ ٥٠٦ - ٥٠٧، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦٢٠ ونسبه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث.
(٥) في (د)، (ع): (وأحكامه).
(٦) قال الطبري ١٧/ ١١: ﴿وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾ يقول: ولكم الويل من وصفكم ربكم بغير صفته، وقيلكم: إنه اتخذ زوجة وولدا، وفريتكم عليه. ثم قال -بعد أن ذكر قول مجاهد المتقدم وقول من قال "تصفون" تشركون-: وذلك وإن اختلفت به الألفاظ فمعانيه متفقة: لأن من وصف الله بأن له صاحبة فقد كذب في وصفه إياه بذلك وأشرك به ووصفه بغير صفته، غير أن أولى العبارات أن يعبر بها عن معاني القرآن أقربها إلى فهم سامعيه. اهـ.
(٧) أي: ليست في (د)، (ع).
(٨) "الكشف والبيان" للثعلبي ٣/ ٢٨ ب.
(٩) ساقط من (أ)، (ت).

﴿لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾ [لا يأنفون عن عبادته] (١) ولا يتعظمون عنها (٢)، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ [الأعراف: ٢٠٦]. الآية. وقد مرَّ.
﴿وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ﴾ يقال: حَسَر (٣) واستَحْسَر، إذا تعب وأعيا. والحسير: المنقطع إعياء وكلالاً (٤). هذا معناه وتفسيره. وهذا قول قتادة، ومقاتل: لا يُعْيون (٥).
وقال السدي: لا ينقطعون من العبادة (٦).
وقال مجاهد (٧): لا يحسرون (٨).
وقال ابن قتيبة: لا يعجزون (٩).
وهذه الأقوال صحيحة متقاربة، ورويت أقوال بعيدة:
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٨٧.
(٣) كضرب وفرح. "القاموس المحيط" ٢/ ٨.
(٤) من قوله يقال.. وإعياء. هذا كلام الزجاج في "معانيه" ٣/ ٣٨٥. ومن قوله الحسير:.... إلى آخره. هذا كلام ابن قتيبة في "غريب القرآن" ص ٢٨٥. وانظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٢٨٧ (حسر)، "تاج العروس" للزبيدي ١١/ ١٣ (حسر).
(٥) قول قتادة رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٢٣، والطبري ١٧/ ١٢. وقول مقاتل في "تفسيره" ٢/ ١٢ ب.
(٦) رواه ابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" ٥/ ٦٢١.
(٧) في (د)، (ع): (مقاتل)، وهو خطأ. والصواب مجاهد.
(٨) رواه الطبري ١٧/ ١٢. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦٢٠ ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. وهو في تفسير مجاهد ١/ ٤٠٨ - ٤٠٩.
(٩) في "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٢٨٥: (لا يعنون).

قال الكلبي، عن ابن عباس: لا يستنكفون (١)
وقال عطاء عنه: لا يخالفون (٢) ربوبيتي.
وقال الوالبي عنه: لا يرجعون (٣).
(٢) في (ت)، (ز): (يخافون)، وهو خطأ.
(٣) رواه الطبري ١٧/ ١٢ من طريق الوالبي، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦٢ ونسبه لابن أبي حاتم. وذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٢٨ ب، وقد تكلم العلماء على رواية الوالبي عن ابن عباس، فقال أبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص ٧٥ عن هذا الطريق: وهو صحيح عن ابن عباس، والذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، وإنما أخذ التفسير عن مجاهد وعكرمة. قال أبو جعفر: وها القول لا يجب طعنا؛ لأنه أخذه عن رجلين ئقتين، وهو في نفسه ثقة صدوق. ثم روى النحاس بسنده عن أحمد بن حنبل رحمه الله قال: بمصر كتاب التأويل عن معاوية بن صالح، لو جاء رجل إلى مصر فكتبه ثم انصرف ما كانت رحلته عندي ذهبن باطلا. وقال الذهبي في "ميزان الأعتدال" ٣/ ١٣٤ - ترجمة علي بن أبي طلحة- روى معاوية بن صالح، عنه، عن ابن عباس تفسيرًا كبيرًا ممتعا.
وقال ابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب" (ق ٣ ب): (وعليُّ صدوق، ولم يلق ابن عباس لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه؛ فلذا كان البخاري وأبو حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة". وقال أيضًا في "تهذيب التهذيب" ٧/ ٣٤٠ - في ترجمة علي-: "ونقل البخاري من تفسيره رواية معاوية بن صالح، عنه، عن ابن عباس شيئًا في التراجم وغيرها ولكنه لم يسميه يقول: قال ابن عباس، أو يذكر عن ابن عباس". وقال السيوطي في "الإتقان" ٢/ ٥٣٢: وقد ورد عن ابن عباس في التفسير ما لا يُحصى كثرة، وفيه روايات وطرت مختلفة، فمن جيدها طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي عنه.