وقال الضحّاك: لِأُولِي النُّهى يعني الذين ينتهون عمّا حرّم عليهم.
وقال قتادة: لذوي الورع، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لذوي التقى.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٥٥ الى ٧٦]
مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (٥٥) وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى (٥٦) قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً (٥٨) قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩)
فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (٦٠) قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (٦١) فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (٦٢) قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (٦٣) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى (٦٤)
قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (٦٥) قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (٦٦) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (٦٧) قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (٦٨) وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (٦٩)
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١) قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (٧٣) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (٧٤)
وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى (٧٦)
مِنْها أي من الأرض خَلَقْناكُمْ يعني أباكم آدم. وقال عطاء الخراساني: إن الملك ينطلق فيأخذ من تراب المكان الذي يدفن فيه فيذرّه على النطفة، فيخلق من التراب، ومن النطفة فذلك قوله سبحانه مِنْها خَلَقْناكُمْ.
وَفِيها نُعِيدُكُمْ أي عند الموت والدفن،
قال عليّ: «إن المؤمن إذا قبض الملك روحه انتهى به إلى السماء، وقال: يا ربّ عبدك فلان قبضنا نفسه فيقول: ارجعوا فإنّي وعدته: مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ فإنّه يسمع خفق نعالهم إذا ولّوا مدبرين» «١».
وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى مرّة أخرى بعد الموت عند البعث.
وَلَقَدْ أَرَيْناهُ يعني فرعون آياتِنا كُلَّها يعني اليد والعصا والآيات التسع فَكَذَّبَ بها وزعم أنّها سحر وَأَبى أن يسلم قالَ فرعون أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا يعني مصر بِسِحْرِكَ يا مُوسى فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً فاضرب بيننا وبينك أجلا وميقاتا لا نُخْلِفُهُ لا نجاوزه نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً مستويا. قرأ الحسن وعاصم والأعمش وحمزة سوى بضم السين، الباقون: بكسر وهما لغتان مثل عدي وعدي، وطوى وطوى.
قال قتادة ومقاتل: مكانا عدلا بيننا وبينك، وقال ابن عباس: صفا، وقال الكلبي: يعني سوى هذا المكان، وقال أبو عبيد والقيسي: وسطا بين الفريقين، وقال موسى بن جابر الحنفي:
وإن أبانا كان حلّ ببلدة | سوىّ بين قيس قيس عيلان والفزر |
قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ قال ابن عباس وسعيد بن جبير: يعني يوم عاشوراء.
وقال مقاتل والكلبي: يوم عيد لهم في كل سنة يتزيّنون ويجتمعون فيه.
وروى جعفر عن سعيد قال: يوم سوق لهم، وقيل: هو يوم النيروز.
وقرأ الحسن وهبيرة عن حفص يَوْمَ الزِّينَةِ بنصب الميم أي في يوم، وقرأ الباقون بالرفع على الابتداء والخبر.
وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى وقت الضحوة، يجتمعون نهارا جهارا ليكون أبلغ في الحجة وأبعد من الريبة. فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ حيله وسحرته ثُمَّ أَتى الميعاد.
قال ابن عباس: كانوا اثنين وسبعون ساحرا مع كل واحد منهم حبل وعصا، وقيل: كانوا أربعمائة.
قالَ موسى للسحرة لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ قرأ أهل: الكوفة فَيُسْحِتَكُمْ بضم الياء «١» وكسر الحاء، وقرأ الباقون بفتح الياء والحاء، وهما لغتان: سحت وأسحت.
قال مقاتل والكلبي: فيهلككم، وقال قتادة: فيستأصلكم، وقال أبو صالح: يذبحكم، قال الفرزدق:
وعضّ زمان يا ابن «٢» مروان لم يدع | من المال إلّا مسحت أو مجلف «٣» «٤» |
(٢) في نسخة أصفهان: بأيد.
(٣) كتاب العين: ٢/ ٢٢٤.
(٤) في نسخة أصفهان: إلّا مسحة أو يحلف.
فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى أي المناجاة تكون اسما ومصدرا. قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ قرأ عبد الله: واسرّوا النجوى إن هذان ساحران «١» بفتح الألف وجزم نونه ساحران بغير لام، وقرأ ابن كثير وحفص إِنْ بكسر الالف وجزم النون هذانِ بالألف على معنى ما هذان إلّا ساحران، نظيره: قوله وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ «٢» «٣» قال الشاعر:
ثكلتك أمّك إن قتلت لمسلما | حلّت عليك عقوبة الرّحمن «٤» |
حدّثنا أبو العباس الأصم قال: حدّثنا محمد بن الجهم السمري قال: حدّثنا الفرّاء قال: حدّثني أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها سئلت عن قوله سبحانه في النساء لكِنِ الرَّاسِخُونَ «٧» وَالْمُقِيمِينَ «٨» وعن قوله في المائدة إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ «٩» وعن قوله إِنْ هذانِ لَساحِرانِ «١٠» فقالت: يا بن أخي هذا خطأ من الكاتب.
وقال عثمان بن عفان: إنّ في المصحف لحنا وستقيمه العرب بألسنتهم.
وقال أبان: قرئت هذه الآية عند عثمان فقال: لحن وخطأ، فقيل له: ألم تغيّره فقال:
دعوه فإنّه لا يحلّ حراما ولا يحرّم حلالا، وقال آخرون: هذه لغة الحارث بن كعب وخثعم وزبيد وكنانة يجعلون الأسين في رفعهما ونصبهما وخفضهما بالألف.
قال الفرّاء: أنشدني رجل من بني الأسد وما رأيت افصح منه.
وأطرق إطراق الشجاع ولو ترى | مساغا لناباه الشجاع لصمما «١١» |
(٢) الشعراء: ١٨٦.
(٣) في نسخة أصفهان زيادة أي ما نظنك إلّا من الكاذبين.
(٤) تفسير القرطبي: ٢/ ٤٢٧.
(٥) في نسخة أصفهان: إن ذان لساحران. [.....]
(٦) في نسخة أصفهان: أبو عمرو العلاء.
(٧) النساء: ١٦٢.
(٨) النساء: ١٦٢.
(٩) البقرة: ٦٢.
(١٠) طه: ٦٣.
(١١) كتاب العين: ٧/ ٩٢ والعبارة: فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى مساغا لنابيه الشجاع لصمما.
ويقولون: كسرت يداه، وركبت علاه، بمعنى يديه وعليه. وقال الشاعر:
تزوّد منّا بين أذناه ضربة... دعته إلى هابي التراب عقيم «١»
أراد بين أذنيه. وقال آخر:
أي قلوص راكب نراها... طاروا علاهنّ فطر علاها «٢»
أي عليهن وعليها. وقال آخر:
إنّ أباها وأبا أباها... قد بلغا في المجد غايتاها «٣»
وروي أنّ أعرابيا سأل ابن الزبير شيئا فحرّمه فقال: لعن الله ناقة حملتني إليك، فقال ابن الزبير: إن وصاحبها، يعني نعم. وقال الشاعر:
بكرت عليّ عواذلي يلحينني وألومهنّه... ويقلن شيب قد علاك وقد كبرت فقلت إنّه «٤»
أي نعم، وقال الفرّاء: وفيه وجه آخر: وهو أن يقول: وجدت الألف دعامة من هذا على حالها لا تزول في كل حال، كما قالت العرب: الذي ثمّ زادوا نونا يدلّ على الجمع فقالوا:
الذين في رفعهم ونصبهم وخفضهم وكناية تقول: اللّذون.
يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ مصر بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى حدّث
الشعبي عن عليّ قال: يصرفا وجوه الناس إليهما وهي بالسريانية.
وقال ابن عباس: يعني بسراة قومكم وأشرافكم وقال مقاتل والكلبي: يعني الأمثل فالأمثل من ذوي الرأي والعقول.
وقال عكرمة: يعني يذهب أخياركم.
وقال قتادة: طريقتكم المثلى يومئذ، بنو إسرائيل كانوا أكثر القوم عددا يومئذ وأموالا، فقال عدو الله: إنما يريدان أن يذهبا به لأنفسهما.
وقال الكسائي: بِطَرِيقَتِكُمُ يعني بسنّتكم وهديكم وسمتكم، والْمُثْلى نعت للطريقة، كقولك امرأة كبرى، تقول العرب: فلان على الطريقة المثلى يعني على الهدى المستقيم. قال الشاعر:
فكم متفرقين منوا بجهل... حدى بهم إلى زيغ فراغوا
وزيغ بهم عن المثلى فتاهوا... وأورطهم مع الوصل الرداغ
(٢) تاج العروس: ٤/ ٤٢٧.
(٣) تفسير القرطبي: ١١/ ٢١٧.
(٤) لسان العرب: ١٣/ ٣١.
فزلّت فيه أقدام فصارت | إلى نار غلا منها الدماغ |
فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ قرأ أبو عمرو فاجمعوا بوصل الألف وفتح الميم، من الجمع يعني لا تدعوا شيئا من كيدكم إلا جئتم به، وتصديقه قوله: فَجَمَعَ كَيْدَهُ، وقرأ الباقون: فَأَجْمِعُوا بقطع الألف وكسر الميم وله وجهان: أحدهما: بمعنى الجمع، يقول العرب: أجمعت الشيء وجمعته بمعنى واحد. قال أبو ذؤيب:
فكأنّه بالجزع جزع يتابع | وأولاه ذي العرجاء تهب مجمّع «١» |
يا ليت شعري والمنى لا تنفع | هل أغدون يوما وأمري مجمع «٢» |
ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا قال مقاتل: والكلبي: جميعا، وقيل: صفوفا، وقال أبو عبيد: يعني المصلّى والمجتمع، وحكي عن بعض العرب الفصحاء: ما استطعت أن آتي الصفّ أمس، يعني المصلّى.
وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى يعني فاز من غلب.
قالُوا يعني السحرة يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ عصاك من يدك وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى عصاه قالَ موسى بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ وهو جمع العصا يُخَيَّلُ إِلَيْهِ قرأ ابن عامر بالتاء، ردّه إلى الحبال والعصيّ، وقرأ الباقون: بالياء ردّوه إلى الكيد أو السحر، ومعناه شبّه إليه من سحرهم حتى ظنّ أَنَّها تَسْعى أي تمشي، وذلك أنّهم كانوا لطّخوا حبالهم وعصيّهم بالزئبق فلمّا أصابه حرّ الشمس ارتهشت واهتزت فظنّ موسى أنها تقصده فَأَوْجَسَ أي أحسّ ووجد، وقيل: أضمر فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى قال مقاتل: إنّما خاف موسى إذ صنع القوم مثل صنيعه ان يشكّو فيه فلا يتبعوه ويشك فيه من تابعه.
قُلْنا لموسى لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى الغالب وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ يعني العصا تَلْقَفْ تلتقم وتلتهم ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا يعني إنّ الذي صنعوا كَيْدُ ساحِرٍ قرأ أهل الكوفة بكسر السين من غير ألف، وقرأ الباقون: ساحِرٍ بالألف على فاعل، واختاره أبو عبيد،
(٢) لسان العرب: ٨/ ٥٧.
قال: لأنّ إضافة الكيد إلى الرجل أولى من إضافته إلى السّحر وإن كان ذلك لا يمتنع في العربية.
وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى من الأرض، وقيل: معناه حيث احتال.
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى قالَ آمَنْتُمْ لَهُ يعني به كقوله فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ... قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ لرئيسكم ومعلّمكم الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ يعني الرجل اليسرى واليد اليمنى وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ يعني جذوع النخل «١»، قال سويد بن أبي كاهل:
وهم صلبوا العبدي في جذع نخلة... فلا عطست شيبان إلّا بأجدعا «٢»
وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً أنا أو ربّ موسى وَأَبْقى قالُوا «٣» يعني السحرة لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ قال مقاتل: يعني اليد والعصا.
وأخبرنا البيهقي والاصفهاني قالا: أخبرنا مكي بن عبدان «٤» قال: حدّثنا أبو الأزهر، قال:
حدّثنا روح قال: حدّثنا هشام بن أبي عبد الله عن القاسم بن أبي برزة قال: جمع فرعون سبعين ألف ساحر، فألقوا سبعين ألف حبل وسبعين ألف عصا حتى جعل موسى يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى، فأوحى الله سبحانه أَنْ أَلْقِ عَصاكَ... ، فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ فاغرفاه، فابتلع حبالهم وعصيّهم وألقي السحرة عند ذلك سجدا فما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة والنار ورأوا ثواب أهلها، عند ذلك قالوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ يعنى الجنة والنار وما رأوا من ثوابهم ودرجاتهم «٥».
قال: وكانت امرأة فرعون تسأل: من غلب؟ فيقال: غلب موسى، فتقول: آمنت برب موسى وهارون، فأرسل إليها فرعون فقال: انظروا أعظم صخرة تجدونها فأتوها فإن هي رجعت عن قولها فهي امرأته، وإن هي مضت على قولها فألقوا عليها الصخرة، فلما أتوها رفعت بصرها إلى السماء فأريت بيتها في الجنة فمضت على قولها وانتزعت روحها، وألقيت على جسد لا روح فيه.
وَالَّذِي فَطَرَنا يعني وعلى الذي خلقنا، وقيل: هو قسم فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ فاحكم
(٢) لسان العرب: ٣/ ٢٧٧. [.....]
(٣) في نسخة أصفهان وَأَبْقى وأدوم قالُوا.
(٤) في نسخة أصفهان: وأخبرنا شعيب بن محمد البيهقي وعبد الله بن حامد الاصفهاني قالا: أخبرنا أبو علي ابن عبدان.
(٥) في نسخة أصفهان: الثواب والدرجات.