آيات من القرآن الكريم

قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ
ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ

﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً﴾ خرج إلى الإخبار عن الله جلّ ذكره، لأن كلام موسى مع فرعون انتهى إلى قوله: " السماء ماء. ثم أخبر الله تعالى عن نفسه بجميل صنعه لخلقه في معاشهم ومعاش أنعامهم فقال: " فأخرجنا به ".
وقيل: كله من كلام موسى، أخبر موسى عن نفسه، ومن معه بالزراعة والمعالجة في الحرث. فالماء هو سبب خروج النبات وبه تم وكمل. والمعالجة في الحرث غيره لبني آدم بعون الله لهم وأقادره إياهم على ذلك. فلذلك أخبر عن نفسه فقال: فأخرجنا به أزواجاً. وقد قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ﴾ [الواقعة: ٦٣] فأضاف الحرث إلى الخلق، وهو الزارع المنبث للحرث لا إله إلا هو. أي: أخرجنا بالمطر من الأرض أشابهاً وضروباً من نبات شتى. " وتشى ": نعت للنبات أو للأزواج. ومعناه: مختلفة الأطعمة والرائحة والمنظر.
قوله تعالى: ﴿كُلُواْ وارعوا أَنْعَامَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَأَن يُحْشَرَ الناس ضُحًى﴾.
أي: كلوا من طيبات ما أخرجنا لكم بالغيث وارعوا أنعامكم فيه. ﴿إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لأُوْلِي النهى﴾ أي: إن في قدرة الله وسلطانه لعلامات لأولي العقول. أي: لأصحاب العقول.
قال قتادة: " لأولي النهي " لأولي الورع.

صفحة رقم 4651

" والنهي " جمع نهية. يقال: فلان ذو نهية. أي ذو عقل. وخص أهل النهى بذلك، لأنهم أهل التفكير والاعتبار والتدبر والاتعاظ.
ثم قال تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾.
أي: من الأرض خلقنا أصلكم. وهو آدم، وفي الأرض نعيدكم بعد الموت، ومن الأرض نخرجكم عند البعث في القيامة أحياء كما كنتم " تارة أخرى " أي: مرة أخرى.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنهـ: " إذا قبض الملك روح المؤمن عرج به إلى السماء فقال: قد قبضت روح فلان. فيقول الله تعالى: " ردّ بها. أي: قد وعدته ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أخرى﴾. قال: فإنه ليسمع صوت نعالهم (إذا ولوا مدبرين).
ثم قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا﴾ أي: أرينا فرعون أدلتنا وحججنا الي أعطينا موسى وهارون كلها عياناً فكذب بها وأبى أن يؤمن، استكباراً وعتواً.
ثم قال: ﴿قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ ياموسى﴾ أي: قال فرعون لموسى لما رأى الآيات: ﴿أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ ياموسى * فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فاجعل بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى﴾ أي: مكاناً عدلاً نصفاً لنا/ ولك، قاله قتادة.
وقال مجاهد: " مكانا منصفاً بينهم ".

صفحة رقم 4652

وقال ابن زيد: مكاناً مستوياً يتبين للناس ما فيه لا صيب ولا نشز، فيغيب بعض ذلك عن بعض.
وقيل: معناه: مكاناً سوى ذلك المكان الذي كانوا فيه، فيكون الأحسن على هذا المعنى كسر السين. وعلى المعاني المتقدمة الضم. والكسر في السين لغتان بمعنى، وفي العدل لغة أخرى، وهي فتح السين والمد، ومنه قوله: ﴿إلى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا﴾ [آل عمران: ٦٤ أي: عدل.
ثم قال تعالى: ﴿قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزينة وَأَن يُحْشَرَ الناس ضُحًى﴾.
أي: ال موسى لفرعون - حين سأله فرعون الاجتماع - موعدكم يوم الزينة. يعني يوم اعيد كان لهم.
وقيل: يوم سوق كان لهم يتزينون فيه.

صفحة رقم 4653

﴿وَأَن يُحْشَرَ الناس ضُحًى﴾ أي: يساق الناس ويجمعنن من كل فج وناحية. والتقدير: وقت موعدكم يوم الزينة.
وقد قرأ الحسن " يوم " بالنصب على الظرف على غير حذف. أي: موعدكم في هذا اليوم. أي: موعدكم يقع يوم الزينة " وأن يحشر الناس ".
وإن في موضع رفع عطف على يوم على قراءة من رفع. أي: وقت موعدكم يوم الزينة، ووقت حشر الناس. واختار النحاس أن تكون " وإن " في موضع خفض عطفاً على الزينة.
قال السدي: " يوم الزينة يوم عيد لهم.
وقال ابن جبير: " هو يوم سوق لهم ".
وقوله: ﴿وَأَن يُحْشَرَ الناس ضُحًى﴾ أي يجتمعون في ذلك الوقت الموضع.

صفحة رقم 4654
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية