آيات من القرآن الكريم

قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ
ﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ

- ١٧ - وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى
- ١٨ - قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى
- ١٩ - قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى
- ٢٠ - فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى
- ٢١ - قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا الْأُولَى
هَذَا بُرْهَانٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمُعْجِزَةٌ عَظِيمَةٌ وَخَرْقٌ لِلْعَادَةِ بَاهِرٌ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ هَذَا إِلَّا اللَّهُ عزَّ وجلَّ، وَأَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ إِلَّا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّمَا قَالَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِينَاسِ لَهُ؛ وَقِيلَ وإنما قَالَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّقْرِيرِ، أَيْ أَمَّا هَذِهِ الَّتِي فِي يَمِينِكَ عَصَاكَ الَّتِي تَعْرِفُهَا؟ فَسَتَرَى مَا نَصْنَعُ بِهَا الْآنَ، ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾؟ اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ، ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا﴾ أَيْ أَعْتَمِدُ عَلَيْهَا، فِي حَالِ الْمَشْيِ، ﴿وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي﴾ أي أهز بها الشجرة ليتساقط ورقها لترعاه غنمي، قال الإمام مالك: الهش أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْمِحْجَنَ فِي الْغُصْنِ ثُمَّ يُحَرِّكُهُ حَتَّى يُسْقِطَ وَرَقَهُ وَثَمَرَهُ وَلَا يَكْسِرُ العود، فهذا الهش ولا يخبط، وَقَوْلُهُ: ﴿وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾ أَيْ مَصَالِحُ ومنافع وحاجات أُخر غير ذلك.
وقوله تعالى: ﴿أَلْقِهَا يَا مُوسَى﴾ أَيْ هَذِهِ الْعَصَا الَّتِي فِي يَدِكَ يَا مُوسَى أَلْقِهَا، ﴿فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾ أَيْ صَارَتْ فِي الْحَالِ حَيَّةً عَظِيمَةً، ثُعْبَانًا طَوِيلًا يَتَحَرَّكُ حَرَكَةً سَرِيعَةً، فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ، وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَيَّاتِ حَرَكَةً، وَلَكِنَّهُ صَغِيرٌ، فَهَذِهِ فِي غَايَةِ الْكُبْرِ، وَفِي غَايَةِ سُرْعَةِ الْحَرَكَةِ، ﴿تَسْعَى﴾ أَيْ تمشي وتضطرب. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ حَيَّةً، فَمَرَّتْ بِشَجَرَةٍ فَأَكَلَتْهَا، وَمَرَّتْ بِصَخْرَةٍ فَابْتَلَعَتْهَا، فَجَعَلَ مُوسَى يَسْمَعُ وَقْعَ الصَّخْرَةِ فِي جَوْفِهَا، فَوَلَّى مُدْبِرًا، ونودي أن يا موسى خذها، ثُمَّ نُودِيَ الثَّانِيَةَ أَنْ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ، فَقِيلَ لَهُ
فِي الثَّالِثَةِ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ، فأخذها. وقال وهب بن منبه: ألقاها على وجه الارض، ثم حانت منه نَظْرَةٌ فَإِذَا بِأَعْظَمِ ثُعْبَانٍ نَظَرَ إِلَيْهِ النَّاظِرُونَ، يدب يَلْتَمِسُ كَأَنَّهُ يَبْتَغِي شَيْئًا يُرِيدُ أَخْذَهُ، يَمُرُّ بالصخرة فَيَلْتَقِمُهَا، وَيَطْعَنُ بِالنَّابِ مِنْ أَنْيَابِهِ فِي أَصْلِ الشجرة العظيمة فيجتثها، عيناه تتقدان ناراً، وقد عاد المحجن منها عرفاً، فَلَمَّا عَايَنَ ذَلِكَ مُوسَى ولَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ، فَذَهَبَ حَتَّى أَمْعَنَ، وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أعجز الحية، ثم ذكر به فَوَقَفَ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، ثُمَّ نُودِيَ يَا مُوسَى أَنِ ارْجِعْ حَيْثُ كُنْتَ، فَرَجَعَ مُوسَى وَهُوَ شَدِيدُ الْخَوْفِ، فَقَالَ ﴿خُذْهَا﴾ بِيَمِينِكَ ﴿وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا الْأُولَى﴾، وَعَلَى مُوسَى حينئذٍ مِدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ، فَدَخَلَهَا بِخِلَالٍ مِنْ عِيدَانٍ، فَلَمَّا أمره بأخذها لف طرف المدرعة على يَدِهِ، ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى فَمِ الْحَيَّةِ حَتَّى سَمِعَ حِسَّ الْأَضْرَاسِ وَالْأَنْيَابِ، ثُمَّ قَبَضَ

صفحة رقم 472

فَإِذَا هِيَ عَصَاهُ الَّتِي عَهِدَهَا وَإِذَا يَدُهُ فِي مَوْضِعِهَا الَّذِي كَانَ يَضَعُهَا، إِذَا تَوَكَّأَ بَيْنَ الشُّعْبَتَيْنِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا الْأُولَى﴾ أَيْ إِلَى حَالِهَا الَّتِي تُعْرَفُ قَبْلَ ذلك.

صفحة رقم 473
مختصر تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد علي بن الشيخ جميل الصابوني الحلبي
الناشر
دار القرآن الكريم، بيروت - لبنان
سنة النشر
1402 - 1981
الطبعة
السابعة
عدد الأجزاء
3
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية