
اى بالساعة هذا وان كان بحسب الظاهر نهيا للكافر عن صد موسى عن الساعة لكنه فى الحقيقة نهى له عن الانصداد عنها على ابلغ وجه وآكده فان النهى عن اسباب الشيء ومباديه المؤدية اليه نهى عنه بالطريق البرهاني وابطال للسببية من أصلها وَاتَّبَعَ هَواهُ مراده المبنى على ميل النفس لا يعضده برهان سماوى ولا دليل عقلى وفى الإرشاد ما تهواه نفسه من اللذات الحسية الفانية فَتَرْدى من الردى وهو الموت والهلاك اى فتهلك فان الاغفال عنها وعن تحصيل ما ينجى من أحوالها مستتبع للهلاك لا محالة والمراد بهذا النهى الأمر بالاستقامة فى الدين وهو خطاب له والمراد غيره واعلم ان هذه الآيات والآتية بعدها دلت على ان الله تعالى كلم موسى عليه السلام وانه سمع كلام الله تعالى فان قيل بأى شىء علم موسى انه كلام الله قيل لم ينقطع كلامه بالنفس مع الحق كما ينقطع به مع المخلوق بل كلمه تعالى بمدد وحداني غير منقطع وبانه سمع الكلام من الجوانب الستة وبجميع الاجزاء فصار الوجود كله سمعا وكذا المؤمن فى الاخرة وجه محض وعين محض وسمع محض ينظر من كل جهة وبكل جهة وعلى كل جهة وكذا يسمع بكل عضو من كل جهة وإذا شاهد الحق يشهده بكل وجه ليس فى جهة من الجهات لا يحتجب سمعه وبصره بالجهات ويجوز ان يخلق الله تعالى علما ضروريا بذلك كما خلق لنبينا عليه السلام عند ظهور جبريل بغار حراء ثم اعلم ان للكلام مراتب فكلام هو عين المتكلم وكلام هو معنى قائم به كالكلام النفسي وكلام مركب من الحروف ومتعين بها وهو فى عالمى المثال والحس بحسبهما فموسى عليه السلام قد تنزل له الكلام فى مرتبة الأمر الى مرتبة الروح ثم الى مرتبة الحس ومن مشى على المراتب لم يعثر ألا ترى ان نبينا عليه السلام إذا نزل عليه الوحى كان يسمع فى بعض الأحيان مثل صلصلة الجرس فان التجلي الباطني لا يمنع مثل هذا فان قلت لماذا كلم الله موسى حتى صار كليم الله دون سائر الأنبياء قلت لان الجزاء انما هو من جنس العمل وكان قد احترق لسانه عليه السلام عند الامتحان الفرعوني فجازاه الله بمناجاته اسماع كلامه
هر محنتى مقدمه راحتى بود | شد همزبان حق چوزبان كليم سوخت |

معنى الاشارة ولم يقل بيدك لاحتمال ان يكون فى يساره شىء مثل الخاتم ونحوه فلو أجمل اليه لتحير فى الجواب للاشتباه وسيأتى سر الاستفهام أن شاء الله تعالى قالَ موسى هِيَ عَصايَ نسبها الى نفسه تحقيقا لوجه كونها بيمينه وتمهيدا لما يعقبه من الأفاعيل المنسوبة اليه عليه السلام أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها اى اعتمد عليها عند الاعياء فى الطريق وحال المشي وحين الوقوف على رأس القطيع فى المرعى وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي الهش [بيفشاندن برك از درخت] يقال هش الورق يهشه ويهشه خبطه بعصا ليتحات اى ضربه ضربا شديدا ليسقط. والمعنى اخبط بها الورق وأسقطه على رؤس غنمى لتأكله. وبالفارسية [وفرو ميريزم برك از درختها] وَلِيَ فِيها مَآرِبُ جمع مأربة بفتح الراء وضمها وهى الحاجة أُخْرى لم يقل آخر لرعاية الفاصلة اى حاجات اخر غير التوكى والهش وهى انه إذا سار القاها على عاتقه وعلق بها قوسه وكنانته وحلابه ومطهرته وحمل عليها زاده وتحدثه. يعنى [در راه با موسى سخن كفتى] وكان لها شعبتان ومحجن فاذا طال الغصن حناه بالمحجن وإذا حاول كسره لواه بالشعبتين وفى أسفلها سنان ويركزها فيخرج الماء وتحمل أي ثمرة أحب وربما يدليها فى البئر وتصير شعبتاها كالدلو فيخرج الماء وإذا قصر الرشاء وصله بها وتضيئ بالليل كالشمع وتحارب عنه. يعنى [با دشمن وى حرب كردى] وإذا تعرضت لغنمه السباع قاتل بها وتطرد الهوام فى النوم واليقظة ويستظل بها إذا كان قعد يعنى إذا كان فى البرية ركزها والقى كساءه عليها فكان ظلا وكانت اثنى عشر ذراعا بذراعه عليه السلام من عود آس من شجر الجنة استودعها عند شعيب ملك من الملائكة فى صورة انسان وقال الكاشفى [آن عصا از چوب مرد بهشت بود طول او ده كز وسر او دو شاخه ودر زير او سنانى نشانده نامش عليق بود يانيعه از آدم ميراث بشعيب رسيده بود وازو بموسى رسيد] وفى العصا اشارة الى ان الأنبياء عليهم السلام رعاة الخلق والخلق مثل البهائم محتاجون الى الرعي والكلاءة من ذئاب الشياطين واسد النفس فلا بد من العمل بإرشادهم والوقوف بالخدمة عند باب دارهم: قال الحافظ
شبان وادي ايمن كهى رسد بمراد | كه چند سال بجان خدمت شعيب كند |

ثم انه يظهر صنعه الفائق فيه فيقول لهم خذوا منه كذا وكذا كما يريك الزراد زبرة من حديد ويقول لك ما هى فتقول زبرة حديد ثم يريك بعد ايام لبوسا مسردا فيقول لك هى تلك الزبرة صيرتها الى ما ترى من عجيب الصنعة وأنيق السرد فالله تعالى لما أراد ان يظهر من العصا تلك الآيات الشريفة عرضها اولا عليه فقال هل حقيقة ما فى يدك إلا خشبة لا تضر ولا تنفع ثم قلبها ثعبانا عظيما فنبه به على كمال قدرته ونهاية حكمته قال الكاشفى [استفهام متضمن تنبيه است يعنى حاضر شو تا عجايب بينى] وقال فى التأويلات انما امتحن موسى بهذا السؤال تنبيها له ليعلم ان للعصا عند الله اسما آخر وحقيقة اخرى غير ما علمه منها فيحيل علمها الى تعالى فيقول أنت اعلم بها يا رب فلما اتكل على علم نفسه وقال هى عصاى فكأنه قيل له اخطأت فى هذا الجواب خطأين أحدهما فى التسمية بالعصا والثاني فى اضافتها الى نفسك وهو ثعبانى لا عصاك فان قيل هذا سؤال من الله
مع موسى ولم يحصل لمحمد عليه السلام قلنا خاطبه ايضا فى قوله (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى)
الا انه ما أفشاه وكان سرا لم يؤهل له أحدا من الخلق وايضا فان دار الكلام بينه وبين موسى فامة محمد يخاطبونه فى كل يوم مرات على ما قاله عليه السلام (المصلى يناجى ربه) وقال بعضهم فهم موسى ان هذا السؤال ليس للاستعلام لانه تعالى منزه عن ذلك بل للتذكر واستحضار حقيقتها وما يعلم من منافعها ولذا زاد فى الجواب وقال الكاشفى [جواب داد وجهت تعداد نعم ربانى بر آن افزود] وقال بعضهم سأل الله عما فى يده للتقرير على انها عصا حتى لا يخاف إذا صارت ثعبانا ويعلم انها معجزة عظيمة ولازالة الوحشة عن موسى ولذا كرر يا موسى يعنى ليحصل زيادة الانبساط والاستئناس وازالة تلك الهيبة والدهشة الحاصرة من استماع ذلك الكلام الذي لم يشبه كلام الخلق مع مشاهدة تلك النار وتلك الشجرة وسمع تسبيح الملائكة ومن ثمة لما زالت بذلك اطنب فى الجواب قال نبينا عليه السلام قلت اى ليلة المعراج اللهم انه لما لحقنى استيحاش سمعت مناديا ينادى بلغة تشبه لغة ابى بكر رضى الله عنه فقال لى قف فان ربك يصلى فعجبت من هاتين هل سبقنى ابو بكر الى هذا المقام وان ربى لغنى عن ان يصلى فقال تعالى انا الغنى عن ان أصلي لاحد وانما أقول سبحانى سبحانى سبقت رحمتى على غضبى أقرا يا محمد هو الذي يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما فصلاتى رحمة لك ولامتك واما امر صاحبك يا محمد فان أخاك موسى كان أنسه بالعصا فلما أردنا كلامه قلنا وما تلك بيمينك يا موسى قال هى عصاى وشغل بذكر العصا عن عظيم الهيبة وكذلك أنت يا محمد لما كان انسك بصاحبك ابى بكر خلقنا ملكا على صورته ينادى بلغته ليزول عنك الاستيحاش لما يلحقك من عظيم الهيبة كذا فى انسان العيون وذكر الراغب الاصفهانى فى المحاضرات انه قال الامام الشاذلى قدس سره صاحب الحزب البحر اضطجعت فى المسجد الأقصى فرأيت فى المنام قد نصب تحت خارج الأقصى فى وسط الحرم فدخل خلق كثير أفواجا أفواجا فقلت ما هذا الجمع فقالوا جمع الأنبياء والرسل عليهم السلام قد حضروا ليشفعوا فى حسين الحلاج عند محمد عليه السلام فى اساءة ادب وقعت منه فنظرت الى التخت