آيات من القرآن الكريم

فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ

١٣٠ - قوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ أمره بالصبر إلى أن يحكم الله، ثم حكم فيهم بالقتل، فنسخ الصبر على ما يسمع من أذاهم (١). ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ صل لله بالحمد له والثناء عليه (٢). ﴿قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ﴾ يريد: الفجر ﴿وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ يريد: العصر (٣). ﴿وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ﴾ (٤) ساعاته واحدها إِنْيٌ مثل: نِحْيٍ وأَنْحَاء، وإِنْيً مثل: مِعيً وأَمْعَاء (٥)، قال الأعشى (٦):

(١) "الكشف والبيان" ٣/ ٢٦ أ، "معالم التنزيل" ٥/ ٣٠٢، "زاد المسير" ٥/ ٣٣٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٦٠، "التفسير الكبير" ٢٢/ ١٢٣.
والذي يظهر لي والله أعلم أنه لا نسخ في هذه الآية، فالآية تأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصبر على ما كان يفعله كفار قريش وما يقولونه ويتهمونه به، وفي نفس الوقت تتوعد المشركين بعقاب الله الشديد في الآخرة، فلا تعارض بين الأمر بالصبر وقتالهم. انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس ٢٥١، "نواسخ القرآن" لابن الجوزي ٣٩٩، "قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ" ١٤٠، "ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه" ٤٠.
(٢) "جامع البيان" ١٦/ ٢٣٣، "معالم التنزيل" ٥/ ٣٠٢، "زاد المسير" ٥/ ٣٣٣.
(٣) "تفسير القرآن" للصنعاني ٢/ ٢٠، "جامع البيان" ١٦/ ١٦٨، "الكشف والبيان" ٣/ ٢٦/ أ، "بحر العلوم" ٢/ ٣٥٨، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٨٨.
(٤) في نسخة (ص): أناء الليل ساعاته.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (أنى) ١/ ٢٢٥، "القاموس المحيط" (أنى) ٤/ ٣٠١، "الصحاح" (أنا) ٦/ ٢٢٧٣، "لسان العرب" (أنى) ١/ ١٦٧.
(٦) هذا عجز بيت ينسب لأبي أثيلة المتنخل الهذلي، ولم أقف عليه منسوبًا للأعشى. وصدر البيت:
حُلْو وَمْر كَعَطْفِ الاقِدْح مِرَتُهُ
انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ١٠٢، "شرح أشعار الهذليين" ٣/ ١٢٨٣، "الشعر والشعراء" ٢/ ٦٦٦، "المنصف" ٧/ ١٠٧، "كتاب حروف المدود والقصور" ٦٤، "تهذيب اللغة" (أنى) ١/ ٢٢٥، "لسان العرب" (أنى) ١/ ١٦١، "الصحاح" (أنا) ٦/ ٢٢٧٣.

صفحة رقم 557

بِكُلِّ إِنْيٍ قَضَاهُ اللَّيلُ يَنْتَعِلُ
وأنشد بن الأعرابي في الإنى (١):

أَتَمَّتْ حَمْلَهَا في نِصْف شَهر وَحَمْلُ الحَامِلاَتِ إِنىً طَويلُ
قال ابن عباس: (يريد أول الليل المغرب والعشاء) (٢). ﴿فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ﴾ يريد: الظهر. هذا الذي ذكرنا في تفسير هذه الآية من أوقات الصلاة المكتوبة، قول ابن عباس في رواية عطاء، ومذهب مجاهد، وقتادة (٣). وعلى هذا سمي وقت صلاة الظهر أطراف النهار؛ لأن وقته عند الزوال وهو طرف النصف الأول وطرف النصف الثاني، فجعل الطرفان أطرافًا على مذهبهم في تسمية الإثنين باسم الجمع كقوله: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ وقد مر. وهذا قول الفراء في هذه الآية (٤). وقال أبو العباس: (جمع الطرفين؛ لأنه يلزم في كل نهار يعود) (٥). ومن المفسرين من حمل أطراف النهار على: الغدوة والعشية (٦). وعلى هذا استفاد من الآية بقوله: ﴿قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾. وقال ابن الأعرابي: (أطراف النهار: ساعاته) (٧).
وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ قال ابن عباس: (يريد: الثواب
(١) لم أقف على قائله. وذكرته كتب اللغة بلا نسبة. انظر: "تهذيب اللغة" (أنى) ١/ ٢٢٥، "لسان العرب" (أنى) ١/ ١٦١.
(٢) "معالم التنزيل" ٥/ ٣٠٢، "زاد المسير" ٥/ ٢٣٠.
(٣) "تفسير القرآن" للصنعاني ٢/ ٢٠، "جامع البيان" ١/ ٢٣٣٦، "زاد المسير" ٥/ ٣٣٣، "الدر المنثور" ٤/ ٥٥٩.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٩٥.
(٥) "تهذيب اللغة" (طرف) ٣/ ٢١٨١.
(٦) "جامع البيان" ١٦/ ٢٣٣، "تفسير كتاب الله العزيز" ٣/ ٥٩.
(٧) "تهذيب اللغة" (طرف) ٣/ ٢١٨١.

صفحة رقم 558
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية