آيات من القرآن الكريم

فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ

رحمة للعالمين- وجملة سبقت صفة لكلمة وخبر المبتدا محذوف يعنى لولا كلمة سبقت حاصلة لَكانَ إهلاكنا هؤلاء الكفار بمثل ما نزل بالقرون الخالية نم من عاد وثمود وأشباههم لِزاماً اى ملازما لهؤلاء الكفار غير منفك عنهم- مصدر من باب المفاعلة وصف به مبالغة او على انه بمعنى الفاعل او اسم فمعز الدولة سمى به اللازم لفرط لزومهم وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩) عطف على كلمة اى ولولا أجل مسمى لمدة بقائهم في الدنيا او لقيام القيامة او لعذابهم ففى الكلام تقديم وتأخير تقديره ولولا كلمة سبقت من ربّك وأجل مسمّى لكان لزاما- وجاز ان يكون أجل مسمّى عطف على الضمير المستكن في كان ولا بأس به بوجود الفصل- والتقدير على هذا ولولا كلمة سبقت من ربّك بتأخير العذاب لكان العذاب العاجل والعذاب المؤجل بأجل مسمّى كلاهما لازمين لهم- والجملة الشرطية اعنى لولا كلمة الى آخره معطوفة على جملة محذوفة مفهومة من قوله وكم أهلكنا- تقديره كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم وهؤلاء الكفار مثلهم في استحقاق نزول العذاب- ولولا كلمة لكان لزاما وأجل مسمّى-.
فَاصْبِرْ يا محمد يعنى إذا علمت انّ عذاب هؤلاء الكفار مؤجل الى أجل مسمى فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ فيك وَسَبِّحْ يعنى صل متلبسا بِحَمْدِ رَبِّكَ يعنى حامدا على ما وقفك للصلوة والتسبيح واعانك عليه- كانّ فيه اشارة الى ان العبد ان صدر منه العبادة لا يغتربه بل يشكر الله على إتيانه واعانته كما يشير اليه قوله تعالى إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ بعد قوله إِيَّاكَ نَعْبُدُ يعنى نستعين بك على عبادتك ويمكن ان يستنبط من هذه الاية وجوب قراءة الفاتحة في كل صلوة على ما صرح به النبي ﷺ حيث قال لا صلوة الا بفاتحة الكتاب- وفي لفظ لا صلوة لمن لم يقراء بفاتحة الكتاب- رواه الشيخان في الصحيحين واحمد فان الاية اقتضت بإتيان الصلاة متلبسا بالحمد- لكن التلبس مجمل فالتحق قول رسول الله ﷺ بيانا له وظهر ان المراد بالتلبس بالحمد قراءة الفاتحة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الى اخر السورة قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يعنى صلوة الصبح وَقَبْلَ غُرُوبِها يعنى صلوة العصر- وقيل المراد بقبل الغروب بعد نصف النهار

صفحة رقم 175

يعنى الظهر والعصر جميعا وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ اى من ساعاة جمع انى بالكسر والقصر يعنى المغرب والعشاء- قال ابن عباس يريد أول الليل قلت ويمكن ان يراد به التحجد ايضا فانها كانت واجبة على النبي ﷺ والظرف متعلق بقوله فَسَبِّحْ والفاء زائدة او على تقدير اما يعنى وامّا من اناء اللّيل فسبّح على الخصوص لكون الليل وقت خلّو القلب عن الاشغال- والنفس فيها أميل الى الاستراحة فكانت العبادة فيها احسن وأفضل- قال الله تعالى إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا... وَأَطْرافَ النَّهارِ عطف على قبل طلوع الشمس وعلى محل من آناء اللّيل- ولعل هذا تكرير لصلوتى الفجر والعصر لارادة الاختصاص ومزيد التأكيد- لان الفجر وقت نوم والعصر وقت اشتغال بالدنيا- فالاية نظيرة لقوله تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الوسطى ومجيئه بلفظ الجمع للامن من الالتباس- او المراد باطراف النهار صلوة الظهر فقط لان وقته نهايت النصف الاول من النهار وبداية النصف الاخر- وجمعه باعتبار النصفين- وقيل المراد من اناء اللّيل صلوة العشاء ومن أطراف النّهار صلوة الظهر والمغرب- لان الظهر في اخر الطرف الاول من النهار وفي أول الطرف الاخر فهو طرفين منه والطرف الثالث غروب الشمس وعند ذلك يصلى المغرب- او المراد منه التطوع في اجزاء النهار لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠) اى لكى ترضى يعنى سبح في هذه الأوقات لان تنال من عند الله ما به ترضى- وقرأ الكسائي وأبو بكر بالبناء للمفعول اى لكى يرضيك ربك- وقيل معنى ترضى ان يرضاك الله كما قال وكان عند ربّه مرضيّا- وقيل معنى الاية لعلك ترضى بالشفاعة كما قال وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى - روى الشيخان في الصحيحين واحمد واصحاب السنن الاربعة عن جرير بن عبد الله انه قال كنا جلوسا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فراى القمر ليلة البدر فقال انكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رويته فان استطعتم ان لا تغلبوا على صلوة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها والله اعلم.
اخرج ابن ابى شيبة وابن مردوية والبزار وابو يعلى عن ابى رافع قال نزل عند رسول الله ﷺ ضيف فارسلنى الى رجل من اليهود ان أسلفني دقيقا- وفي رواية يعنى كذا وكذا

صفحة رقم 176
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية