
وفى عرائس البقلى يعنى جاهلا بوجود الحق كما كان جاهلا فى الدنيا كما قال على رضى الله عنه من لم يعرف الله فى الدنيا لا يعرفه فى الآخرة قالَ استئناف بيانى رَبِّ [اى پروردگار من] لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً اى فى الدنيا قالَ كَذلِكَ اى مثل ذلك فعلت أنت ثم فسر بقوله أَتَتْكَ آياتُنا اى آيات الكتاب او دلائل القدرة وعلامات الوحدة واضحة نيرة بحيث لا تخفى على أحد فَنَسِيتَها اى عميت عنها وتركتها ترك المنسى الذي لا يذكر أصلا وَكَذلِكَ اى ومثل ذلك النسيان الذي كنت فعلته فى الدنيا الْيَوْمَ تُنْسى تترك فى العمى والعذاب جزاء وفاقا لكن لا ابدا كما قيل بل الى ما شاء الله ثم يزيله عنه ليرى اهوال القيامة ويشاهد مقعده من النار ويكون ذلك له عذابا فوق العذاب وكذلك البكم والصمم يزيلهما الله عنهم اسمع بهم وابصر يوم يأتوننا وَكَذلِكَ اى ومثل ذلك الجزاء الموافق للجناية نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ فى عصيانه والإسراف مجاوزة الحد فى كل فعل يفعله الإنسان وان كان ذلك فى الانفاق أشهر وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ اى بالقرآن وسائر المعجزات بل كذبها واعرض عنها وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ على الإطلاق او عذاب النار أَشَدُّ مما نعذبهم به فى الدنيا من ضنك العيش ونحوه وَأَبْقى وأدوم لعدم انقطاعه فمن أراد ان ينجو من عذاب الله وينال ثوابه فعليه ان يصبر على شدائد الدنيا فى طاعة الله ويجتنب المعاصي وشهوات الدنيا فان الجنة قد حفت بالمكاره وحفت النار بالشهوات كما ورد دعا الله جبريل فارسله الى الجنة فقال انظر إليها والى ما اعددت لاهلها فيها فرجع فقال وعزتك لا يسمع بها أحد الا دخلها فحفت بالمكاره فقال ارجع إليها فانظر فرجع فقال وعزتك لقد خشيت ان لا يدخلها أحد ثم أرسله الى النار فقال انظر إليها وما اعددت لاهلها فرجع اليه فقال وعزتك لا يدخلها أحد يسمع بها فحفت بالشهوات فقال عد إليها فانظر فرجع فقال وعزتك لقد خشيت ان لا يبقى أحد الا دخلها- روى- ان اهل النار إذا انتهوا الى ابوابها استقبلتهم الزبانية بالاغلال والسلاسل وتسلك السلسلة فى فبه وتخرج من دبره وتغل يده اليسرى الى عنقه وتدخل يده اليمنى فى فؤاده وتنزع من بين كتفيه ويشد بالسلاسل ويقرن كل آدمي مع شيطان فى سلسلة ويسحب على وجهه تضربه الملائكة بمقامع من حديد كلما أرادوا ان يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وفى الحديث (ان ادنى اهل النار عذابا الذي يجعل له نعلان يغلى منهما دماغه فى رأسه) فعلى العاقل ان يجتنب اسباب العذاب والعمى ويجتهد ان لا يحشر أعمى وأشد العذاب عذاب القطيعة من الله الوهاب
بعد حق باشد عذاب مستهين | از نعيم قرب عشرت سازهين |
هر كه نابينا شود از آي هو | ماند در تاريك مردمهاى او |

وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكى شيأ) فعلى العاقل التمسك بكلمة التوحيد حذرا من وقوع الوعيد وفى الحديث (لتدخلن الجنة كلكم الا من ابى) قيل يا رسول الله من ذا الذي ابى قال (من لم يقل لا اله الا الله قبل ان يحال بينكم وبينها فانها كلمة التوحيد وهى العروة الوثقى وهى ثمن الجنة) ثم ان تأخير العقوبة يتضمن لحكم منها رجوع التائب وانقطاع حجة المصر فينبغى للعاقل المكلف ان يتعظ بمواعظ القرآن الكريم ويتقى القادر الحكيم ويجتهد فى الطاعة والانقياد ولا يكون أسوأ من الجماد مع ان الإنسان اشرف المخلوقات وأبدع المصنوعات عن جعفر طيار رضى الله عنه قال كنت مع النبي عليه السلام فى طريق فاشتد على العطش فعلمه النبي عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام (بلغ منى السلام الى هذا الجبل وقل له يسقيك ان كان فيه ماء) قال فذهبت اليه وقلت السلام عليك ايها الجبل فقال بنطق فصيح لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلام الى رسول الله وقل له منذ سمعت قوله تعالى فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ بكيت لخوف ان أكون من الحجارة التي هى وقود النار بحيث لم يبق فىّ ماء يقال من لم ينزجر بزواجر القرآن ولم يرغب فى الطاعات فهذا أشد قسوة من الحجارة وأسوأ حالا من الجمادات نسأل الله تليين القلوب فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ اى إذا كان الأمر على ما ذكر من ان تأخير عذابهم ليس باهمال بل امهال وانه لازم لهم البتة فاصبر على ما يقولون فيك من كلمات الكفر والنسبة الى السحر والجنون الى ان يحكم فيهم فان علمه عليه السلام بانهم معذبون لا محالة مما يسليه ويحمله على الصبر وفى التأويلات النجمية على ما يقول اهل الاعتراض والإنكار لانك محتاج فى التربية الى ذلك لتبلغ الى مقام الصبر انتهى قال بعضهم هذا منسوخ بآية السيف وفى الكبير هذا غير لازم لجواز ان يقاتل ويصبر على ما يسمع منهم من الأذى قال الراغب الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع او عما يقتضيان حبسها عنه فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فان كان حبس النفس لمصيبة يسمى صبرا لا غير ويضاده الجزع وان كان فى محاربة سمى شجاعة ويضاده الجبن وان كان فى نائبة سمى رحب الصدر ويضاده الضجر وان كان فى إمساك الكلام سمى كتمانا ويضاده البذل وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وقال تعالى وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ ويسمى الصوم صبرا لكونه كالنوع له وَسَبِّحْ ملتبسا بِحَمْدِ رَبِّكَ اى صل حامدا لربك على هدايته وتوفيقه بطريق اطلاق اسم الجزء على الكل لان التسبيح وذكر الله تعالى يفيد السلوة والراحة وينسى جميع ما أصاب من الغموم والأحزان أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ المراد صلاة الفجر وفى الخبر (ان الذكر والتسبيح الى طلوع الشمس أفضل من اعتاق ثمانين رقبة من ولد إسماعيل) خص إسماعيل بالذكر لشرفه وكونه أبا العرب وَقَبْلَ غُرُوبِها يعنى صلاتى الظهر والعصر لانهما قبل غروبها بعد زوالها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ اى بعض ساعاته جمع انى بالكسر والقصر كمعى وأمعاء واناء بالفتح والمد فَسَبِّحْ فصل والمراد المغرب والعشاء وتقديم الوقت فيهما
صفحة رقم 444
لاختصاصهما بمزيد الفضل فان القلب فيهما اجمع والنفس الى الاستراحة أميل فتكون العبادة فيهما أشق وَأَطْرافَ النَّهارِ امر بالتطوع اجزاء النهار وفى العيون هو بالنصب عطف على ما قبله من الظروف اى سبح فيها وهى صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار لارادة الاختصاص كما فى قوله تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى صلاة العصر عند بعض المفسرين وفى الجلالين قبل غروبها صلاة العصر وأطراف النهار صلاة الظهر فى طرف النصف الثاني ويسمى الواحد باسم الجمع وقال الطبري قبل غروبها وهى العصر ومن آناء الليل هى العشاء الآخرة وأطراف النهار الظهر والمغرب لان الظهر فى آخر الطرف الاول من النهار وفى أول الطرف الثاني فكأنها بين طرفين والمغرب فى آخر الطرف الثاني فكانت اطرافا انتهى. وبهذا احتج الشيخ ابو القاسم الفزاري فى الاسئلة المقحمة
وقد مضى ما يناسب هذه الآية فى اواخر سورة هود وسيأتى فى سورة ق ايضا لَعَلَّكَ تَرْضى متعلق بسبح اى سبح فى هذه الأوقات رجاء ان تنال عنده تعالى ما ترضى به نفسك ويسربه قلبك وقال الكاشفى [خوشنودى در أصح اقوال بكرامتي ما شد كه خداى تعالى او را عطا دهد وآن شفاعت امتست ونكته وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى تقويت اين قول ميكند]
امت همه جسمند وتويى جان همه | ايشان همه آن تو وتو آن همه |
خوشنودئ تو جست خدا در محشر | خوشنود نه مكر بغفران همه |