آيات من القرآن الكريم

فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ

وأنشد ابن الأنباري لعمران بن (١) حطان:

لاَ تَجْعَلَنْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْزِلِي يَا رَبِّ (٢) مَنْزِلَ خَاسِئً مَدْحُورِ (٣)
وتقدير الآية: كونوا خاسئين قردة، لأنه لولا التقديم والتأخير لكان: قردة خاسئة (٤).
٦٦ - قوله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا﴾ الآية، اختلفوا في الكناية، فقيل: إنها راجعة إلى القردة (٥).
وقال الفراء: الكناية تعود إلى المسخة (٦)، لأن معنى: ﴿كُونُوا قِرَدَةً﴾ مسخناهم قردة، فوقعت الكناية عن الكلام المتقدم (٧).
(١) في (ج): (عمر بن الخطاب). وابن حطان: هو عمران بن حطان من بني عمرو بن سيبان بن ذهل، كان رأس القَعدة من الصُّفْرية إحدى فرق الخوارج، وكان خطيبًا شاعرا، توفي سنة أربع وثمانين ذكر الجاحظ أخباره في "البيان والتبيين" ١/ ٤٧، والمبرد في "الكامل" ٣/ ١٦٧، وانظر: "تهذيب التهذيب" ٣/ ٣١٧.
(٢) في (ج): (يارب منزلى).
(٣) لم أجد هذا البيت فيما اطلعت عليه من شعر عمران بن حطان ضمن "ديوان الخوارج" جمع نايف محمود معروف، ولا في "شعر الخوارج" لـ (إحسان عباس).
(٤) أي لو كان (خاسئين) صفة لقردة لقال: (خاسئة)، انظر "الوسيط" ١/ ١٢٥، وللعلماء في إعرابه وجوه: الأول: أنه خبر ثانٍ لـ (كان)، أو حال من (الواو) في كونوا، أو نعت لقردة، وهذا الوجه رده المؤلف. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٤، و"المشكل" لمكي ١/ ٥٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٣٦، و"البيان" ١/ ٩٠، و"الإملاء" ١/ ٤١، "الدر المصون" ١/ ٤١٤.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٧٦، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨١ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٥.
(٦) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣.
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٣٣، "زاد المسير" ١/ ٩٥.

صفحة رقم 639

وقال ابن عباس: فجعلنا تلك (١) العقوبة لهؤلاء القوم الذين مسخوا قردة وخنازير، وعلى هذا الكناية تعود إلى العقوبة (٢)، وهي مدلول عليها بقوله: ﴿كُونُوا قِرَدَةً﴾ لأن ذلك يدل على المسخ، والمسخ عقوبة، ويقال: الهاء عائدة على الأمة (٣) الذين اعتدوا، لأن قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ﴾ (٤) يدل على أنهم كانوا أمة وفرقة من الناس، فرجع العائد على المعنى (٥).
وقال الزجاج: وجعلنا هذه الفعلة عبرة (٦).
والنَّكَال (٧) اسم لما جعلته نكالًا لغيره إذا رآه خاف أن يعمل عمله (٨).
وأصل هذا من قولهم: نكل عن الأمر ينكُل نُكولًا، إذا جبن عنه، يقال: نَكَّلْت بفلان، إذا عاقبته في شيء أتاه عقوبةً تُنَكِّل غيره عن ارتكاب مثله، أي: تمنع وتردد. والنِّكْل: القيد، لأنه يمنع الجري، والنِّكْلُ: حديد اللجام (٩).

(١) (تلك) ساقط من (ج).
(٢) أخرجه الطبري عن الضحاك عن ابن عباس. الطبري ١/ ٣٣٣، وانظر: "الماوردي" ١/ ٣٥٧، "زاد المسير" ١/ ٩٥.
(٣) (الأمة) ساقط من (ب).
(٤) في (ب): (الذين اعتدوا).
(٥) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٢١، و"تفسير الطبري" ١/ ٣٣٣، وأورد أقوالا أخرى منها: أنها تعود على قرية القوم الذين مسخوا، أو تعود على الحيتان، وهي وإن لم يجر لها ذكر ففي الخبر دلالة عليها، "تفسير الطبري" ٢/ ١٧٦، وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٨١ ب، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٥٧، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٤٤.
(٦) "معاني القرآن" ١/ ١٢١، والنص من "تهذيب اللغة" (نكل) ١٠/ ٢٤٧.
(٧) في (ب): (النكل).
(٨) ذكره الأزهري عن الليث. "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٦٥، وانظر: "اللسان" (نكل) ٨/ ٤٥٤٤.
(٩) ذكره الأزهري عن شمر. "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٦٥، وانظر: "اللسان" ٨/ ٤٥٤٤.

صفحة رقم 640

وقوله تعالى: ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا﴾ قال أبو إسحاق: ﴿لِّمَا بَينَ يَدَيهَا﴾ الأمم التي تراها، ﴿وَمَا خَلْفَهَا﴾ ما يكون بعدها (١). فما في هذا القول عبارة عن الأمم.
وقال الفراء: جعلت نكالا لما مضى من الذنوب، ولما (٢) يعمل بعدها، ليخافوا (٣) أن يعملوا بما عمل الذين مسخوا فيمسخوا (٤). فعلى هذا القول (ما) عبارة عن الذنوب، والهاء في (يديها) يعود (٥) على الفرقة الممسوخة وكذلك الهاء في ﴿خَلْفَهَا﴾ (٦).
وقيل: هذا على (٧) التقديم والتأخير، تقديره: فجعلناها وما خلفها مما أعد لهم من العذاب في الآخرة عقوبةً ونكالًا لما بين يديها، أي: لما (٨) تقدم من ذنوبهم في اعتدائهم يوم السبت (٩).

(١) ما ذكره أحد قولين أوردهما الزجاج في "المعاني" ١/ ١٢١، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٣٣.
(٢) في (ج): (يعملوا).
(٣) في (ب): (ليخافون).
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٤٣، وهو قول للزجاج. انظر: "المعاني" ١/ ١٢١، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٥) في (ج): (تعود).
(٦) رجح الطبري في "تفسيره" أنها تعود على (العقوبة) ١/ ٣٣٥، وذكر مكي: ثلاثة أقوال وهي، أنها تعود على القردة، أو المسخة، أو العقوبة. "المشكل" ١/ ٥٢، وانظر: "البيان" ١/ ٩١.
(٧) (على) ساقط من (ب).
(٨) في (ب): (أي التقديم).
(٩) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨١ ب، وانظر: "تفسير البغوي" ١/ ٨١.

صفحة رقم 641

المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
عماد البحث العلمي
التَّفْسِيرُ البَسِيْط
لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي
(ت٤٦٨هـ)
سورة البقرة من آية (٦٧) -آية (١٩٥)
تحقيق
د. محمد بن عبد العزيز الخضيري
أشرف على طباعته وإخراجه

د. عبد العزيز بن سطام آل سعود أ. د. تركى بن سهو العتيبي
الجزء الثالث

صفحة رقم 1

المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
جامعة الإِمام محمد بن سعود الإسلامية
عماد البحث العلمي
التَّفْسِيرُ البَسِيْط
لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي
(ت٤٦٨هـ)
سورة البقرة من آية (٦٧) -آية (١٩٥)
تحقيق
د. محمد بن عبد العزيز الخضيري
أشرف على طباعته وإخراجه

د. عبد العزيز بن سطام آل سعود أ. د. تركى بن سهو العتيبي
الجزء الثالث

صفحة رقم 2

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ١٤٣٠هـ
فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر
الواحدي، علي بن أحمد
التفسير البسيط لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي
(ت٤٦٨هـ)./ علي بن أحمد الواحدي، محمد بن صالح بن
عبد الله الفوزان، الرياض١٤٣٠هـ.
٢٥مج. (سلسلة الرسائل الجامعية)
ردمك: ٤ - ٨٥٧ - ٠٤ - ٩٩٦٠ - ٩٧٨ (مجموعة)
١ - ٨٥٨ - ٠٤ - ٩٩٦٠ - ٩٧٨ (ج١)
١ - القرآن تفسير... ٢ - الواحدي، علي بن أحمد
أ- العنوان... ب- السلسة
ديوي ٣. ٢٢٧... ٨٦٨/ ١٤٣٠
رقم الإيداع: ٨٦٨/ ١٤٣٠هـ
ردمك ٤ - ٨٥٧ - ٠٤ - ٩٩٦٠ - ٩٧٨ (مجموعة)
١ - ٨٥٨ - ٠٤ - ٩٩٦٠ - ٩٧٨ (ج١)

صفحة رقم 3

التَّفْسِيرُ البَسِيْط
لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الواحدي
(ت٤٦٨هـ)
[٣]

صفحة رقم 4

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

صفحة رقم 5

باقي تفسير سورة البقرة

صفحة رقم 6
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية