
بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا١ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ٢ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٤) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا٣ قِرَدَةً خَاسِئِينَ (٦٥) فَجَعَلْنَاهَا٤ نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٦٦) }
شرح الكلمات:
الميثاق: العهد المؤكد باليمين.
﴿الطُّورَ﴾ : جبل. أو هو الجبل الذي ناجى الله تعالى عليه موسى عليه السلام
﴿بِقُوَّةٍ﴾ : بجد وحزم وعزم.
﴿تَوَلَّيْتُمْ﴾ : رجعتم عما التزمتم القيام به من العمل بما في التوراة.
﴿اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ﴾ : تجاوزوا الحد فيه حيث حرم عليهم الصيد فيه فصادوا.
﴿قِرَدَةً﴾ : القردة: جمع قرد، حيوان معروف مسخ الله تعالى المعتدين في السبت على نحوه
٢ من فضل الله تعالى عليهم إنه لم يعاجلهم بالعقوبة جزاء توليهم عن الطاعة، وإعراضهم عنها بعد أخذ الميثاق عليهم، ومن رحمته أنه في أرسل فيهم الرسل فلم تنقطع سلسلتهم إلى عيسى ابن مريم عليه السلام.
٣ الأمر هنا: كوني لا شرعي إذ لا طاقة لهم على التحول إلى قردة، وإنما تحولوا بأمره الإيرادي الكوني الذي لا يتخلف فيه مراده عز وجل.
٤ الضمير في قوله: ﴿فَجَعَلْنَاهَا﴾ يعود إلى العقوبة التي هي مسخهم قردة.

﴿خَاسِئِينَ﴾ : مبعدين عن الخير ذليلين مهانين.
﴿نَكَالاً﴾ : عقوبة شديدة تمنع من رآها أو علمها من فعل ما كانت سبباً فيه
﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا﴾ : لما بين يدي العقوبة من الناس، ولمن يأتي بعدهم.
﴿وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ١﴾ : يتعظون٢ بها فلا يقدمون على معاصي الله عز وجل.
معنى الآيات:
يذكر الحق عز وجل اليهود بما كان لأسلافهم من أحداث لعلهم يعتبرون فيذكرهم بحادثة امتناعهم من تحمل العمل بالتوراة، وإصرارهم على ذلك حتى رفع الله تعالى فوقهم جبلاً فأصبح كالظلة فوق رؤسهم، حينئذ أذعنوا غير أنهم تراجعوا بعد ذلك ولم يفوا بما التزموا به فاستوجبوا الخسران لولا رحمة الله بهم.
كما يذكرهم بجريمة كانت لبعض أسلافهم وهي أنه تعالى حرم عليهم الصيد يوم السبت فاحتالت طائفة منهم على الشرع واصطادوا فنكل الله تعالى بهم فمسخهم٣ قردة، وجعلهم عظة وعبرة للمعتبرين٤.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- وجوب الوفاء بالعهود والمواثيق.
٢- يجب أخذ أحكام الشرع بحزم، وذكرها وعدم نسيانها أو تناسيها.
٣- لا تتم التقوى لعبد إلا إذا أخذ أحكام الشرع بحزم وعزم.
٤- حرمة٥ الاحتيال لإباحة المحرم وسوء عاقبة المحتالين المعتدين.
٢ خص المتقين بالموعظة؛ لأنهم أحياء القلوب وذووا بصائر نيرة، فيشاهدون آثار المعاصي في أصحابها فيتقونها ويبتعدون عنها.
٣ جرت سنة الله فيمن يسمخهم إنهم لا يعيشون ثلاثاً حتى يهلكوا ولم يبقى منهم أحد، كذا صح عن ابن عباس رضي الله عنه.
٤ هم أهل البصائر من أهل الإيمان والتقوى، إذ هم أرباب العقول، والعاقل من اعتبر بغيره.
٥ روى أحمد بسند جيد عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل".