آيات من القرآن الكريم

اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ

واجتهادك. وقال (١) أبو إسحاق: أي: يسمع ما يعقده الإنسان على نفسه من أمر الإيمان، ويعلم نيته في ذلك (٢).
٢٥٧ - قوله تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآية، الوَلِيُّ: فعيل بمعنى فاعل، من قولهم: وَلِيَ فلانٌ الشيءَ يَلِيهِ ولايةً فهو والٍ وَوَليِّ (٣)، وأصله من الوَلْيِ الذي هو القُرْب، قال الهذلي (٤):
عدَتْ عَوَادٍ دَون وَليك تَشْعَبُ (٥).
ومِنْ هذا يقال: داري تَلِي دارَه، أي، تَقْرُبُ منه، ومن هذا المعنى يقال للنصير المعاون المحب: وَلِيّ، لأنه يقرب منك (٦) بالمحبة والنصرة، ولا يفارقك (٧)، ومن ثَم قالوا في خلاف الولاية: العَدَاوة، ألا ترى أن العداوة من: عَدَا الشيءَ، إذا جَاوَزَه، فمن ثَمَّ كانت خِلافَ الوِلاية، فالوَلِيّ في اللغة هو: القريب من غير فصل (٨)، والله تعالى ولي المؤمنين على معنى أنه يلي أمورهم، أي: يتولاها، وإن كانت أمور الكفار تجري بمشيئته، ففي هذا تخصيص للمؤمنين وتفضيل، كقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ

(١) في (ي): (قال).
(٢) "معاني القرآن" ١/ ٣٣٩.
(٣) ليست في (ي).
(٤) خويلد بن خالد بن محرث الهذلي: شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، وأسلم، وحسن إسلامه، تقدمت ترجمته.
(٥) عجز بيت وصدره:
هجرتْ غضوبُ وحبَّ من يتجنبُ.
ورد في "لسان العرب" ٨/ ٤٩٢٢؛ ونُسب لساعدة (مادة: ولى).
(٦) في (ش): (منه ومنك).
(٧) ساقط من (ي).
(٨) ينظر في الولي: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٥٦، "المفردات" ص ٥٤٧ - ٥٤٩، "اللسان" ٨/ ٤٩٢١.

صفحة رقم 368

الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: ١١]، ووليهم أيضًا على معنى أنه يَتَوَلَّى ثوابَهُم ومجازاتهم بحسن أعمالهم (١).
وقوله تعالى: ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ أىِ: من الكفر والضلالة إلى الإيمان والهداية (٢).
قال الواقدي: كل ما في القرآن من الظلمات والنور فإنه أراد به الكفر والإيمان، غير التي في الأنعام ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: ١]، فإنه يعني الليل والنهار. وجعل الكفر ظلمات؛ لأنه كالظلمة في المنع من إدراك الحق (٣).
وقال الزجاج: لأن أمر الضلالة مظلمٌ غيُر بَيِّن، وأمر الهدى بَيِّنٌ واضح كبيان النور (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ﴾ أي: الذين يتولون أمرهم الطاغوت، والطاغوت هاهنا جمع، وقد ذكرناه (٥).
وقرأ الحسن: (أوليائهم الطواغيت) على الجمع (٦).
وقال مقاتل: يعنى بالطاغوت هاهنا: كعب بن الأشرف وحيي بن

(١) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٣٩.
(٢) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٧٩.
(٣) نقله في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٣٩، "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٧٩، "تفسير البغوي" ١/ ٣١٥.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٣٩.
(٥) في (ش): (وقد ذكرنا).
(٦) ينظر: "المحتسب" لابن جني ١/ ١٣١، وابن خالويه في "مختصر شواذ القرآن" ص ٢٣، والثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٤٨١.

صفحة رقم 369

أخطب (١) وسائر رؤوس الضلالة (٢).
وقوله تعالى: ﴿يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ قال قتادة (٣) والمقاتلان (٤): يعنى: اليهود كانوا مؤمنين بمحمد - ﷺ - قبل أن يبعث لِما يجدونه في كتبهم من نعته وصفته، فلما بعث جحدوه وأنكروه (٥) وكفروا به. بيانه (٦) قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ [البقرة: ٨٩] وعلى هذا، الطاغوتُ: علماؤهم، يخرجون أتباعهم عما كانوا عليه من الإيمان بمحمد قبل مبعثه، بقولهم: إنه ليس ذلك الذي نُعت (٧) في كتابنا. وسائر المفسرين على أن هذا على العموم في جميع الكفار (٨).
ووجه إخراجهم من النور ولم يكونوا فيه، أنّ منع الطاغوت إياهم عن الدخول فيه إخراجٌ لهم منه، كما تقول: أخرجني والدي من ميراثه، تأويله: أنه (٩) منعني الدخول فيه؛ لأنه لو لم يعمل ما عَمِلَ لدخلتُ فيه ومثل هذا:

(١) هو: حيي بن أخطب النضري اليهودي، جاهلي من الأشداء العتاة، كان ينعت بسيد الحاضر والبادي، أدرك الإسلام وآذى المسلمين فأسروه يوم قريظة ثم قتلوه. ينظر: "سيرة ابن هشام" ٣/ ٢٢٩، "الأعلام" ٢/ ٢٩٢.
(٢) "تفسير مقاتل" ١/ ٢١٥، وذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ٣١٥، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٢٥٣.
(٣) ذكره ابن أبي حاتم ٢/ ٤٩٨، والثعلبي ٢/ ١٤٨٢.
(٤) ذكره عن مقاتل بن حيان: ابن أبي حاتم ٢/ ٤٩٧، والثعلبي ٢/ ١٤٨٢، وقول مقاتل في "تفسيره" ١/ ٢١٥.
(٥) زيادة من (ي).
(٦) في (ش): (ببيانه).
(٧) في (ش): (بعث).
(٨) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٨٢.
(٩) في (ي): (أن).

صفحة رقم 370
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية