
وبعقوبة الدنيا في إِلزام الكفَّارة، فيضعَّف القول بأنها اليمين المكفَّرة لأن المؤاخذة قد وَقَعَتْ فيها، وتخصيصُ المؤاخذة بأنها في الآخرة فقَطْ تحكُّم.
ت: والقولُ الأوَّل أرجح، وعليه عَوَّل اللَّخْميُّ وغيره.
وقوله تعالى: وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ.
قال ابن عبَّاس وغيره: ما كسب القلْبُ هي اليمينُ الكاذبة الغموسُ «١»، فهذه فيها المؤاخذة في الآخرةِ، أي: ولا تكفّر.
ع «٢» : وسمِّيت الغَمُوسَ لأنها غَمَسَتْ صاحِبَها في الإثم، وغَفُورٌ حَلِيمٌ:
صفتان لائقتان بما ذكر من طَرْح المؤاخذة، إذ هو باب رفق وتوسعة.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٢٦ الى ٢٢٧]
لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧)
وقوله تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ... الآية: يُؤْلُونَ: معناه يَحْلِفُون، والإِيلاءُ: اليمين.
واختلف مَنِ المرادُ بلزومِ حكمِ الإِيلاء «٣». فقال مالكٌ: هو الرجل يغاضب امرأته،
لا كفارة لها لأنها أعظم من أن تكفّر، وقال الشافعي، وأحمد في الرواية الأخرى: تكفّر.
ينظر: «أنيس الفقهاء» (١٧٢).
(١) أخرجه الطبري (٢/ ٤٢٧) برقم (٤٤٧٢)، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٣٠٢). [.....]
(٢) «المحرر الوجيز» (١/ ٣٠٢).
(٣) الإيلاء لغة: الحلف، وهو: مصدر. يقال: آلى بمدة بعد الهمزة، يؤلي إيلاء، وتألّى وأتلى، والآليّة، بوزن فعيلة: اليمين، وجمعها ألايا: بوزن خطايا، قال الشاعر: [الطويل]
قليل الألايا حافظ ليمينه | وإن سبقت فيه الأليّة برّت |
ينظر: «الصحاح» (٦/ ٢٢٧)، «المغرب» (٢٨)، «لسان العرب» (١/ ١١٧)، «المصباح المنير» (١/ ٣٥).
واصطلاحا:
عرفه الحنفية بأنه: عبارة عن اليمين على ترك وطء المنكوحة أربعة أشهر أو أكثر.
وعرّفه الشافعية بأنه: حلف زوج يصح طلاقه ليمتنعن من وطئها مطلقا أو فوق أربعة أشهر.
وعرفه المالكية بأنه: حلف الزوج المسلم المكلف الممكن وطؤه بما يدل على ترك وطء زوجته غير الموضع أكثر من أربعة أشهر أو شهرين للعبد، تصريحا أو احتمالا، قيد أو أطلق وإن تعليقا. -