قَوْلُهُ تَعَالَى: تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، أَيِ: انْتِظَارُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَالتَّرَبُّصُ: التثبّت والتوقّف، فَإِنْ فاؤُ: رَجَعُوا عَنِ الْيَمِينِ بِالْوَطْءِ، فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَإِذَا وَطِئَ خَرَجَ [١] عَنِ الْإِيلَاءِ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ [كَفَّارَةُ الْيَمِينِ] [٢] عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ بِالْمَغْفِرَةِ، فَقَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فِي إِسْقَاطِ [٣] الْعُقُوبَةِ لَا فِي الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إِنْ قَرَّبْتُكِ فَعَبْدِي حُرٌّ أو ضربتك [٤] فأنت طالق، أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ صَوْمٌ أَوْ صَلَاةٌ، فَهُوَ مُولٍ لِأَنَّ الْمُولِيَ مَنْ يَلْزَمُهُ أَمْرٌ بِالْوَطْءِ وَيُوقَفُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَإِنْ فَاءَ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوِ الْعِتْقُ الْمُعَلَّقُ بِهِ، وَإِنِ التزم في الذمة يلزمه كَفَّارَةُ الْيَمِينِ فِي قَوْلٍ، وَفِي قَوْلٍ: يَلْزَمُهُ مَا الْتُزِمَ فِي ذمّته من الإعتاق أو الصلاة أو الصوم.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٢٧ الى ٢٢٨]
وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧) وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨)
وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ، أَيْ: حَقَّقُوهُ بالإيقاع، فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ: لقولهم، عَلِيمٌ: بِنِيَّاتِهِمْ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ مَا لَمْ يُطَلِّقْهَا زَوْجُهَا، لِأَنَّهُ شَرَطَ فِيهِ الْعَزْمَ، وَقَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَقْتَضِي مَسْمُوعًا، وَالْقَوْلُ هُوَ الَّذِي يُسْمَعُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْمُطَلَّقاتُ، أَيِ: الْمُخَلَّيَاتُ [٥] مِنْ حِبَالِ أَزْوَاجِهِنَّ، يَتَرَبَّصْنَ: يَنْتَظِرْنَ، بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ، فَلَا يَتَزَوَّجْنَ، وَالْقُرُوءُ: جَمْعُ قَرْءٍ مِثْلُ فَرْعٍ، وَجَمْعُهُ الْقَلِيلُ: أَقْرُؤٌ، وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ:
أَقْرَاءٌ، وَاخْتَلَفَ أهل العلم في القرء فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا الْحَيْضُ، وَهُوَ قَوْلُ عُمْرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للمستحاضة:
ع «٢٥٤» :«دعي الصلاة أيام أقرائك».
قال الدارقطني: قال يحيى بن سعيد: الثوري أعلم الناس بهذا، زعم أن حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يسمع من عروة بن الزبير شيئا، ونقل الآبادي في «التعليق المغني» عن البيهقي في «المعرفة» قوله: حديث حبيب بن أبي ثابت ضعفه يحيى القطان وعلي المديني وابن معين، وكذا الثوري اهـ. ملخصا.
ولو صح هذا اللفظ لكان فيصلا في هذه المسألة إلا أن عدم ثبوته جعل الناس مختلفين في شأن «القرء» هل المراد الطهر أو الحيض والله تعالى أعلم، وقد صح هذا الخبر موقوفا كما رجح غير واحد.
- وأصل الخبر في «الصحيح» دون لفظ «أقرائك».
أخرجه البخاري ٢٢٨ و٣٠٦ و٣٢٠ و٣٣١ ومسلم ٣٣٣ وأبو داود ٢٨٢ والترمذي ١٢٥ والنسائي (١/ ٨١) و (٨٥ و١٨٦) ومالك (١/ ٦١) والشافعي (١/ ٣٩- ٤٠) وعبد الرزاق ١١٦٥ وابن أبي شيبة (١/ ١٢٥) والدارمي (١/ ١٩٩
(١) في المطبوع «في الفرج» بدل «خرج». [.....]
(٢) في المخطوط «الكفارة».
(٣) في المطبوع «سقوط».
(٤) في المخطوط «ضرتك» وليس فيه «فأنت».
(٥) في المخطوط «الخليات».
وَإِنَّمَا تَدَعُ الْمَرْأَةُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ، وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ وَالزُّهْرِيِّ، وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ والشافعي.
ع «٢٥٥» وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ».
فَأَخْبَرَ أَنَّ زَمَانَ الْعِدَّةِ هُوَ الطُّهْرُ. وَمِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ قَوْلُ الشَّاعِرِ [١] :
فَفِي كُلِّ عَامٍ أَنْتَ جَاشِمُ غَزْوَةٍ | تَشُدُّ لِأَقْصَاهَا عَزِيمَ عَزَائِكَا [٢] |
مُوَرِّثَةٍ مَالًا وَفِي الْحَيِّ رِفْعَةً | لِمَا ضَاعَ [٣] فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا |
إِذَا طَعَنَتِ الْمُطَلَّقَةُ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْحَيْضُ يَقُولُ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ [٥] مِنْ حَيْثُ أَنَّ اسْمَ الْقُرْءِ يَقَعُ عَلَى الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ جَمِيعًا، يُقَالُ: أَقْرَأَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا حَاضَتْ، وَأَقْرَأَتْ إِذَا طَهُرَتْ فَهِيَ مَقْرِئٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَصْلِهِ، فَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ الْوَقْتُ لِمَجِيءِ الشَّيْءِ وَذَهَابِهِ، يُقَالُ: رَجَعَ
جاءت فاطمة ابنة أبي حبيش إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم: لا إنما ذلك عرق، وليس بالحيضة، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت، فاغسلي عنك الدم ثم صلي. قال: وقال أبي: ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت.
وانظر «تلخيص الحبير» (١/ ١٧١).
٢٥٥- ع صحيح. أخرجه البخاري (٤٩٠٨) و (٧١٦٠) ومسلم ١٤٧١ ح/ ٤ والترمذي ١١٧٦ وأحمد (٢/ ٢٦) و (٥٨) و (٦١) و (٨١) و (١٣٠) والدارمي (٢/ ١٦٠) وابن الجارود ٧٣٦ والطحاوي (٣/ ٥٣) والدارقطني (٤/ ٦) والبيهقي (٧/ ٣٢٤) من طرق عن سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر.
- وأخرجه البخاري ٥٢٥١ ومسلم (١٤٧١) ح/ ١ و٢ وأبو داود ٢١٧٩ والنسائي (٦/ ١٣٨) وابن ماجه ٢٠١٩ ومالك (٢/ ٥٧٦) والشافعي (٢/ ٣٢- ٣٣) والطيالسي ١٨٥٣ وأحمد (٢/ ٦٣ و١٠٢) وابن أبي شيبة (٥/ ٢- ٣) وابن حبان ٤٢٦٣ والطحاوي (٣/ ٥٣) وابن الجارود ٧٣٤ والدارقطني (٤/ ٧) والبيهقي (٧/ ٣٢٤) والبغوي في «شرح السنة» ٢٣٥١ من طرق عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
(١) هو الأعشى. يقول لجاره: أينبغي أن تتجشم وتكلف نفسك في كل عام دخول غزوة واقتحام مكارهها، تشد وتوثق عزيمة صبرك وتورثك تلك الغزوة مالا كثيرا بغنائمها، ورفعة لك في الحي لأجل ما ضاع فيها من الأعوام- والأقراء التي تضيع على الزوج هي الأطهار، لأنها التي يوطأن فيها، لا الحيض وضياع ذلك يؤدي إلى انقطاع النسل اهـ. انظر حاشية الكشاف (١/ ٢٧١).
(٢) وقع في الأصل: «عرائكا» وهو تصحيف.
(٣) وقع في الأصل «رضاع» والمثبت هو الصواب.
(٤) في المخطوط «يضيع».
(٥) في المطبوع «الخلاف».
فُلَانٌ لِقُرْئِهِ وَلِقَارِئِهِ، أَيْ: لِوَقْتِهِ الَّذِي يَرْجِعُ فِيهِ، وَهَذَا قَارِئُ الرِّيَاحِ، أَيْ: وَقْتُ هُبُوبِهَا، قَالَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ الْهُذَلِيُّ:
كَرِهْتُ العقر عقر بني سليل | إِذَا هَبَّتْ لِقَارِئِهَا الرِّيَاحُ |
وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ، قَالَ عِكْرِمَةُ: يَعْنِي الْحَيْضَ وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ الرَّجُلَ مراجعتها، فتقول: قد حضت الثلاثة، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: يَعْنِي الْحَمْلَ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ كِتْمَانُ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي رَحِمِهَا مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ لِتُبْطِلَ حَقَّ الزَّوْجِ مِنَ الرَّجْعَةِ وَالْوَلَدِ. إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، مَعْنَاهُ: أَنَّ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمُؤْمِنَةُ وَالْكَافِرَةُ فِي هَذَا الْحُكْمِ سَوَاءً كَمَا تَقُولُ: أَدِّ حَقِّي إِنْ كُنْتَ مُؤْمِنًا، يَعْنِي: أَدَاءَ الْحُقُوقِ مِنْ فِعْلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَبُعُولَتُهُنَّ، يعني:
أزواجهنّ جمع بعل، كالفحول جَمْعُ فَحْلٍ، سُمِّيَ الزَّوْجُ بَعْلًا لقيامه بأمر [٣] زَوْجَتِهِ، وَأَصْلُ الْبَعْلِ السَّيِّدُ وَالْمَالِكُ، أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ: أَوْلَى بِرَجْعَتِهِنَّ إِلَيْهِمْ، فِي ذلِكَ، أي: في حال العدة، إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً، أَيْ: إِنْ أَرَادُوا بِالرَّجْعَةِ الصَّلَاحَ وَحَسُنَ الْعِشْرَةِ لَا الْإِضْرَارَ، كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ [كَانَ] [٤] الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، فَإِذَا قَرُبَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا رَاجَعَهَا، ثُمَّ تَرَكَهَا مدة ثم طَلَّقَهَا، يَقْصِدُ بِذَلِكَ تَطْوِيلَ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، وَلَهُنَّ، أَيْ: لِلنِّسَاءِ عَلَى الْأَزْوَاجِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ لِلْأَزْوَاجِ بِالْمَعْرُوفِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي
(٢) في المطبوع «ليال».
(٣) في المطبوع «بأمور». [.....]
(٤) زيادة من المخطوط.
مَعْنَاهُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِامْرَأَتِي كَمَا تُحِبُّ امْرَأَتِي أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ.
«٢٥٦» أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ [١] بْنِ طَرَفَةَ السِّجْزِيُّ [٢]، أَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، أَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ أَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا حَمَّادٌ أَنَا أَبُو قَزَعَةَ سُوِيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ [٣] الْبَاهِلِيُّ، عَنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ وَأَنْ تَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبَ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحَ، وَلَا تَهْجُرَ إِلَّا فِي الْبَيْتِ».
«٢٥٧» أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْجُرْجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، أَنَا مُسْلِمُ [٤] بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ، حدثنا جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ:
أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم، فسرد [لي] قِصَّةَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى أَنْ ذَكَرَ خُطْبَتَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ، قَالَ: «فاتقوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لن تضلوا بعده [إن اعتصمتم به] [٥] كِتَابُ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ [٦] قَالُوا: نَشْهَدُ
- وهو في «شرح السنة» ٢٣٢٣ بهذا الإسناد، وفيه «المير بندك شائى» بدل «المروزي».
- وعند أبي داود ٢١٤٢ بهذا الإسناد.
- وأخرجه النسائي في «الكبرى» (٩١٧١) و (١١١٠٤) وابن ماجه ١٨٥٠ وأحمد (٤/ ٤٤٧) وابن حبان ٤١٧٥ والطبراني (١٩/ ١٠٣٤) و (١٠٣٧) و (١٠٣٨) والحاكم (٢/ ١٨٧- ١٨٨) وابن أبي الدنيا في «العيال» ٤٨٨ والبيهقي (٧/ ٢٩٥ و٣٠٥) من طرق عن أبي قزعة به، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
- وأخرجه أبو داود (٢١٤٣ و٢١٤٤) وأحمد (٥/ ٥) والطبراني (١٩/ ٩٩٩) و (١٠٠٠) و (١٠٠١) و (١٠٠٢) وابن أبي الدنيا ٤٨٩ من طرق عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أبيه عن جده.
- وأخرجه أحمد (٥/ ٣) عن عبد الرزاق عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي قزعة وعطاء عن رجل من بني قشير عن أبيه، والرجل هو حكيم بن معاوية القشيري.
٢٥٧- إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو بكر هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أبي شيبة، محمد هو الباقر ابن علي بن الحسين.
- وهو في صحيح مسلم ١٢١٨ بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود ١٩٠٥ وابن ماجه ٣٠٧٤ والدارمي ١٧٩٣ وابن حبان ٣٩٤٤ من طريق حاتم بن إسماعيل به.
(١) كذا في نسخ المطبوع. وفي المخطوط «عمرة» وفي شرح السنة «محمد».
(٢) وقع في الأصل «الشجري» والتصويب من «ط» و «شرح السنة».
(٣) وقع في الأصل «حجر» والتصويب من «شرح السنة» وكتب التراجم.
(٤) وقع في الأصل «محمد» وهو خطأ ظاهر.
(٥) في المطبوع «وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده كتاب الله».
- والمثبت عن المخطوط وصحيح مسلم.
(٦) في المطبوع «قائلين».
أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ [اللَّهُمَّ اشْهَدْ] [١] ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».
«٢٥٨» أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنَا يَعْلَى بْنُ عَبَيْدٍ [٢] أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَكْمَلَ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِكُمْ».
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِمَا سَاقَ إِلَيْهَا مِنَ الْمَهْرِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنَ الْمَالِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: بِالْجِهَادِ، وَقِيلَ: بِالْعَقْلِ، وَقِيلَ: بِالشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: بِالْمِيرَاثِ، وَقِيلَ: بِالدِّيَةِ، وَقِيلَ:
بِالطَّلَاقِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: بِالرَّجْعَةِ، وَقَالَ سُفْيَانُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: بِالْإِمَارَةِ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ [٣] : وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ، مَعْنَاهُ: فَضِيلَةٌ فِي الْحَقِّ، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
«٢٥٩» أخبرنا عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بن
حسن الحديث. ووقع في «التقريب» (ع) أي روى له الجماعة، وليس كذلك. محمد بن يحيى هو الذهلي من رجال البخاري، ومن دونه توبعوا.
- وهو عند المصنف في «شرح السنة» (٢٣٣٤) و (٣٣٨٩) بهذا الإسناد.
- وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٩/ ٢٤٨) من طريق يعلى بن عبيد بهذا الإسناد.
- وأخرجه أبو داود ٤٦٨٢ والترمذي ١١٦٢ وابن أبي شيبة (٨/ ٥١٥) و (١١/ ٢٧) وفي «الإيمان» (١٧) و (١٨) وأحمد (٢/ ٢٥٠) و (٤٧٢) وأحمد (٢/ ٢٥٠) و (٤٧٢) وابن حبان ٤١٧٦ من طرق عن محمد بن عمرو بهذا الإسناد.
وصححه الحاكم (١/ ٣) على شرط مسلم، ووافقه الذهبي... ؟! وقال الترمذي: حسن صحيح.
- وورد من طريق مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هريرة عند ابن أبي شيبة (٨/ ٥١٦) و (١١/ ٢٧) و (٢٨) وأحمد (٢/ ٥٢٧) والدارمي (٢/ ٣٢٢) وصححه الحاكم (١/ ٣) على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
- وورد عن الحسن مرسلا بإسناد صحيح أخرجه ابن أبي شيبة (١١/ ٤٧).
- وله شاهد من حديث عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وألطفهم بأهله».
أخرجه الترمذي ٢٦١٢ وأحمد (٦/ ٤٧) و (٩٩) والحاكم (١/ ٥٣).
قال الترمذي: هذا حديث صحيح، ولا نعرف لأبي قلابة سماعا من عائشة.
الخلاصة: هو حديث صحيح بمجموع طرقه وشواهده.
٢٥٩- المرفوع منه صحيح لطرقه وشواهده. إسناده ضعيف لانقطاعه، أبو ظبيان اسمه حصين بن جندب بن الحارث الجنبي- بفتح الظاء- كذا ضبطه الحافظ في «التقريب» وهو ثقة روى له الشيخان، لكن لم يسمع من معاذ، وورد من طرق أخرى واهية، والمرفوع منه صحيح لشواهده، سفيان هو الثوري، والأعمش هو سليمان بن مهران، أبو حذيفة هو موسى بن مسعود.
- وهو في شرح السنة ٢٣٢٢ بهذا الإسناد.
- وأخرجه أحمد (٥/ ٢٢٧- ٢٢٨) (٢١٤٨٠) من طريق وكيع عن الأعمش عن أبي ظبيان عن معاذ بن جبل «أنه لما رجع من اليمن قال: يا رسول الله رأيت رجالا باليمن يسجد بعضهم لبعضهم، أفلا نسجد لك؟ قال: لو كنت آمرا بشرا يسجد لبشر، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها».
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) وقع في الأصل «عبيدة» والتصويب من كتب التخريج وكتب التراجم.
(٣) تحرف في المخطوط إلى «العسفني». [.....]
عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبَرْتِيُّ [١]، أَنَا [أَبُو] [٢] حُذَيْفَةَ أَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ:
أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ خَرَجَ فِي غَزَاةٍ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، ثُمَّ رَجَعَ فَرَأَى رِجَالًا يَسْجُدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا».
- وأخرجه أيضا برقم ٢١٤٨١ من طريق ابن نمير عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ظبيان يحدث عن رجل من الأنصار عن معاذ بن جبل... فذكره.
- وورد من طرق أخرى عن معاذ بن جبل مرفوعا عند الحاكم (٤/ ١٧٢) والبزار ١٤٦١ والطبراني في «الكبير» (٢٠/ ٥٢) وابن أبي الدنيا في «العيال» ٥٣٨ وصححه الحاكم على شرط الشيخين! ووافقه الذهبي! مع أنه من رواية القاسم بن عوف الشيباني، وقد تفرد عنه مسلم، ولم يدرك معاذا.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٤/ ٣٠٩) (٧٦٤٩) : ورجال البزار رجال الصحيح، وكذلك طريق من طرق أحمد، وروى الطبراني بعضه أيضا اهـ.
- وأخرجه ابن ماجه ١٨٥٣ وأحمد (٤/ ٣٨١) وابن حبان (٤١٧١) والبيهقي (٧/ ٢٩٢) من أيوب عن القاسم بن عوف الشيباني عن ابن أبي أوفي قال: لما قدم معاذ بن جبل من الشام سجد لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم... فذكره.
وفي إسناده القاسم وثقه ابن حبان، وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه. وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، ومحله عندي الصدق. وروى له مسلم حديثا واحدا.
- وأخرجه البزار (١٤٧٠) والطبراني ٧٢٩٤ وابن أبي الدنيا في «العيال» ٥٣٩ عن القاسم بن عوف عن ابن أبي ليلى عن أبيه عن صهيب أن معاذا... فذكره.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٤/ ٣١٠) : وفيه النهاس بن قهم، وهو ضعيف اهـ.
- وأخرجه البزار (١٤٦٨) و (١٤٦٩) والطبراني في «الكبير» (٥١١٧) وابن أبي الدنيا ٥٤٣ من طريق القاسم عن زيد بن أرقم قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معاذا... فذكره.
وقال الهيثمي: وأحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح، خلا صدقة بن عبد الله السمين، وثقه أبو حاتم وجماعة، وضعفه البخاري وجماعة اهـ.
- وللحديث شواهد أخرى منها:
حديث أبي هريرة عند الترمذي ١١٥٩ وابن حبان ٤١٦٢ والبيهقي (٧/ ٢٩١) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. ومحمد بن عمرو حسن الحديث.
وأخرجه الحاكم (٤/ ١٧١- ١٧٢) والبزار ١٤٦٦ من طريق سليمان بن داود من حديث أبي هريرة وصححه الحاكم وقال الذهبي: بل سليمان هو اليمامي ضعفوه.
وكذا ضعفه الهيثمي في «المجمع» (٤/ ٣٠٧).
- وحديث أنس عند النسائي في «الكبرى» ٩١٤٧ وأحمد (٣/ ١٥٨) والبزار ٢٤٥٤ وابن أبي الدنيا ٥٢٩.
وفي إسناده خلف بن خليفة صدوق اختلط في الآخر كما في التقريب.
- وحديث عائشة عند ابن ماجه ١٨٥٢ وأحمد (٦/ ٧٦) وابن أبي شيبة (٤/ ٣٠٦) وابن أبي الدنيا ٥٤١ وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.
- وحديث ابن عباس عند الطبراني ١٢٠٠٣ والبزار ١٤٦٧ وابن أبي الدنيا ٥٤٢ وفيه الحكم بن طهمان، وهو ضعيف.
الخلاصة: المرفوع منه صحيح بمجموع طرقه وشواهده وسيأتي برقم ٥٨٧.
(١) وقع في الأصل «البرني» والتصويب عن «شرح السنة» و «الأنساب».
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من «ط» و «شرح السنة».