
الدنيا، ولا يسألون حظًا في الآخرة لأنهم كانوا غير مؤمنين بالآخرة (١).
وحذف مفعول ﴿آتِنَا﴾ من الكلام، وهو المسؤول من الدنيا؛ للعلم (٢).
٢٠١ - قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ الآية.
هؤلاء المسلمون يسألون الحظ في الدنيا والآخرة. قال ابن عباس في رواية عطاء: أمّر رسول الله - ﷺ - أبا بكر رضي الله عنه (٣) عام الفتح على الموسم، ثم بعث عليًا رضي الله عنه بسورة التوبة، وصلى أبو بكر بالناس في الموسم، وعَرَّفَهُم مناسكهم.
ولما (٤) قَضَوْا حَجَّهم ومناسكهم ذكروا الله أشد من ذكرهم آباءهم، فكان أول من قال: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ أبو بكر، ثم اتبعه علي والناس أجمعون (٥).
قال ابن عباس: ﴿فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ يريد: العملَ بما يُرضِي الله، وأكلَ الحلال، والزوجةَ الصالحة، ﴿وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً﴾ يريد: الجنةَ
(٢) "التفسير الكبير" ٥/ ٢٠٣، "البحر المحيط" ٢/ ١٠٤ - ١٠٥، وقال: حذف مفعولي آتى، وأحدهما جائز اختصارا واقتصارا، لأن هذا من باب: أعطى، وذلك جائز فيه.
(٣) قوله: (أبا بكر -رضي الله عنه-) سقطت من (م).
(٤) في (م): (فلما).
(٥) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٣٠٧، وأبو حيان في "البحر" ٢/ ١٠٥.

والحور العين، والنعيم المقيم (١).
وروى مجاهد، عن ابن عباس قال: عند الركن اليماني مَلَكٌ قائم منذ خلق الله السموات والأرض يقول: آمين، فقولوا: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار (٢).
ولفظ الحسنة في الآية منكّرة مبهمة محتملة لكل حسنة من الحسناتِ على البدل، وأَتَمُّها ما قال ابن عباس (٣).
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ١٠/ ٣٦٨، والفاكهي في "أخبار مكة" ١/ ١١٠، والآجري في "مسألة الطائفين" ٣٣، وابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال" ٣٠١، والبيهقي في "شعب الإيمان" ٣/ ٤٥٣ كلهم من طريق عبد الله بن مسلم بن هرمز عن مجاهد به، وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف عبد الله بن مسلم. ينظر: "التقريب" ص ٣٢٢ (٣٦١٦)، وضعفه الدكتور/ المنيع في تحقيقه لـ"تفسير الثعلبي" ٢/ ٦٠٠، ورواه الأزرقي في "أخبار مكة" ١/ ٣٤١ بهذا السند موقوفا على مجاهد، وله شاهد من حديث أبي هريرة، رواه ابن ماجه (٢٩٥٧) كتاب: المناسك، باب: فضل الطواف، عن حميد بن أبي سوية، قال: سمعت ابن هشام يسأل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني، وهو يطوف بالبيت، فقال عطاء: حدثني أبو هريرة أن النبي - ﷺ - قال: وُكِّل به سبعون ملكًا، فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، قالوا: آمين، الحديث، قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ٢/ ١٣٥: إسناده ضعيف، حميد قال فيه ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة، وقال الذهبي: مجهول، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه" (٦٤٠).
(٣) والمروي عن السلف كله مقارب لهذا في المعنى، تنظر المرويات في ذلك عند الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٠٠ - ٣٠١، واختار الطبري أن المراد بالحسنة عام، فيشمل كل ما قيل فيها، وأما حسنة الآخرة فالجنة، لأن الله لم يخص شيئا من=