
قوله تعالى: ﴿الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ... ﴾
صفحة رقم 149
قال ابن عرفة: هذا تشريف واعتناء بمقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حيث (تولى) الله عقوبتهم (بنفسه) ولم يقل: ملائكة الله يستهزئون بهم.
قال (ابن عرفة) (وأوردوا) هنا سؤالا في إسناد الاستهزاء إلى الله (فقدّره) المعتزلة (بأنّه) قبيح، وصدور القبح من الله تعالى محال، (وقدّره) أهل السنة/ بأنّ الاستهزاء ملزوم بالجهل لقوله تعالى: ﴿قالوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بالله أَنْ أَكُونَ مِنَ الجاهلين﴾ والجهل على الله تعالى محال فالاستهزاء في حقه محال.
وأجاب ابن عطية بثلاثة أوجه: إما أنه مجاز (المقابلة) كقولك:
قَالُوا: اقترح شيئا نجد لك طبخه قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا.

وقول لبيد:
أَلا لا يَجهلن أحد علينا | فنجهل فوق جهل الجاهلينا |
قال الزمخشري: هلا قيل: الله مستهزئ بهم كما قالوا هم: إنما نحن مستهزؤون؟ وأجاب بأن الفعل يفيد حدوث الاستهزاء وتجدده وقتا بعد وقت.
(فرده) ابن عرفة بأن دوامه عليهم أشد وأشنع.
قال: ويجاب عليه بأن التجدّد يقتضي تنويعه واختلافه عليهم صفحة رقم 151

شيئا بعد شيء فلا يستهزئ بهم بنوع واحد.
وأجاب الطيبي بأن دوام العذاب فيه توطين لهم، فقد تألفه نفوسهم وتدرّب عليه بخلاف تجدّده فإنه إذا ارتفع عنهم يرجون انقطاعه (وإذا) عاد إليهم كان أشد عليهم.
قيل لابن عرفة: نقل بعض الشيوخ عن الأستاذ ابن نزار أنه كان ينهى عن الوقف على ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ﴾ لأن قوله ﴿الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ﴾ مقابل لما قبله فالصواب إيصاله (به) ؟
فقال ابن عرفة: كان غيره يختار في مثل هذا الوقف في الفصل بين كلام الله وكلامهم كما ينهى عن الوقف على «إنَّا مَعَكُمْ».