
شرح الكلمات:
﴿لَقُوا ١﴾ : اللقاء: والملاقاة: المواجهة وجهاً لوجه.
﴿آمَنُوا﴾ : الإيمان الشرعي: التصديق بالله وبكل ما جاء به رسول الله عن الله، وأهله هم المؤمنون بحق.
﴿خَلَوْا﴾ : الخلو بالشيء٢: الانفراد به.
﴿شَيَاطِينِهِمْ٣﴾ : الشيطان كل بعيد عن الخير قريب من الشر يفسد ولا يصلح من إنسان أو جان، والمراد بهم هنا رؤساؤهم في الشر والفساد.
﴿مُسْتَهْزِئُونَ٤﴾ : الاستهزاء: الاستخفاف والاستسخار بالمرء.
الطغيان: مجاوزة الحد في الأمر والإسراف فيه.
العَمَه٥: للقلب؛ كالعمى للبصر: عدم الرؤية وما ينتج عنه من الحيرة والضلال.
﴿اشْتَرَوُا٦﴾ : استبدلوا بالهدى الضلالة، أي: تركوا الإيمان وأخذوا الكفر.
﴿تِجَارَتُهُمْ﴾ : التجارة: دفع رأس مال لشراء ما يربح إذا باعه، والمنافقون هنا دفعوا رأس مالهم وهو الإيمان لشراء الكفر آملين أن يربحوا عزاً وغنى في الدنيا فخسروا ولم يربحوا إذ ذُلوا وعُذبوا وافتقروا بكفرهم.
المهتدي: السالك سبيلاً قاصدة تصل به إلى ما يريده في أقرب وقت وبلا عناء، والضال خلاف المهتدي: وهو السالك سبيلاً غير قاصدة فلا تصل به إلى مراده حتى يهلك قبل الوصول.
٢ عدي فعل خلوا ب إلى ولم يعد بالباء، إذ يقال خلا بكذا؛ لأن خلو هنا بمعنى ذهبوا وانصرفوا.
٣ فسر بعضهم الشياطين بالكهان وبشياطين الجن، والصحيح إنهم رؤساؤهم في الكفر والشر والفساد من منافقي اليهود وغيرهم.
٤ أي: مكذبون بما ندعي إليه ساخرون من أهله.
٥ العمه: انطماس البصيرة والتحير في الرأي وفعله، عمه فهو عامه وأعمه.
٦ الاشتراء: افتعال من شرى يشتري بمعنى: باع. إذ فعل شرى يكون بمعنى باع وبمعنى اشترى، فاشترى كابتاع كلاهما مطاوع فعله شرى أو باع، إذ كل من البائع والمشتري أخذ شيئاً وأعطى آخر.

معنى الآيات:
ما زالت الآيات تخبر عن المنافقين وتصف أحوالهم إذ أخبر تعالى عنهم في الآية الأولى (١٤) أنهم لنفاقهم وخبثهم إذا لقوا الذين آمنوا في مكان ما أخبروهم بأنهم مؤمنون بالله والرسول وما جاء به من الدين، وإذا انفردوا برؤسائهم في الفتنة والضلالة فلاموهم عما ادّعوه من الإيمان، قالوا لهم: إنا معكم على دينكم وما آمنا أبداً. وإنما أظهرنا الإيمان استهزاء وسخرية بمحمد وأصحابه.
كما أخبر في الآية الثانية (١٥) أنه تعالى يستهزئ بهم معاملة لهم بالمثل جزاء وفاقاً ويزيدهم١ حسب سنته في أن السيئة تلد سيئة في طغيانهم لتزداد حيرتهم واضطراب نفوسهم وضلال عقولهم. كما أخبر في الآية (١٦) أن أولئك البعداء في الضلال قد استبدلوا الإيمان بالكفر والإخلاص بالنفاق، فلذلك لا تربح تجارتهم٢ ولا يهتدون إلى سبيل ربح أو نُجح محال.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- التنديد بالمنافقين والتحذير من سلوكهم في ملاقاتهم هذا بوجه وهذا بوجه آخر وفي الحديث: "شراركم ذو الوجهين"٣.
٢- إن من الناس٤ شياطين يدعون إلى الكفر والمعاصي٥، ويأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف.
٣- بيان نقم الله، وإنزالها بأعدائه عز وجل.
٢ إسناد الربح إلى التجارة لكونها سبباً للربح، وإلا فالربح للتاجر لا للتجارة، وهذا الاستعمال في اللغة نحو قول الشاعر:
نهارك هائم وليلك نائم | كذلك في الدنيا تعيش البهائم |
٣ روى البخاري ومسلم، والشاهد في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه.
٤ شياطين الإنس كشياطين الجن، إذ كل من بعد في الشر وتوغل فيه وأصبح لا يروم الخير ولا يحبه فهو شطان يستعاذ بالله منه.
٥ المعاصي: جمع معصية، وهو ترك ما أوجب الله ورسوله القيام أو فعل ما حرم الله ورسوله فعله، سواء في ذلك الاعتقاد، والقول، والعمل إذا الواجبات والمنهيات تكون في الاعتقاد والقول والعمل.