آيات من القرآن الكريم

اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ

وَقَوله تَعَالَى: ﴿الله يستهزىء بهم﴾ الْآيَة. فَإِن قَالَ قَائِل: مَا معنى الِاسْتِهْزَاء من الله تَعَالَى؟ قُلْنَا فِيهِ أَقْوَال: قَالَ بَعضهم: مَعْنَاهُ يجازيهم على صنيعهم، إِلَّا أَنه سَمَّاهُ الله استهزاء؛ لِأَنَّهُ جَزَاء الِاسْتِهْزَاء؛ كَمَا قَالَ: ﴿وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا﴾ وَإِن لم يكن الْجَزَاء سَيِّئَة حَقِيقَة.
وَقَالَ بَعضهم: يستهزىء بهم أَي يعيبهم، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: ﴿يكفر بهَا ويستهزأ بهَا﴾ أَي: يعاب كَذَلِك هَذَا.
وَقَالَ أهل الرِّوَايَة مَعْنَاهُ: الله يستهزىء بهم فِي الْآخِرَة، والاستهزاء بهم فِي الْآخِرَة يحْتَمل وَجْهَيْن؛ أَحدهمَا: أَن يضْرب للْمُؤْمِنين على الصِّرَاط نورا يَمْشُونَ بِهِ، وَإِذا وصل المُنَافِقُونَ إِلَيْهِ حَال بَينهم وَبَين الْمُؤمنِينَ، فَذَلِك الِاسْتِهْزَاء بهم؛ كَمَا قَالَ: ﴿فَضرب بَينهم بسور لَهُ بَاب﴾.
وَالثَّانِي: أَنه يقربهُمْ من الْجنَّة، حَتَّى إِذا رأو زهرتها وحسنها وبهجتها، واستنشقوا رائحتها صرفهم عَنْهَا إِلَى النَّار، فَذَلِك الِاسْتِهْزَاء بهم، وَقد نطق عَنهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِمَعْنَاهُ حَدِيث فِي الصِّحَاح.
قَوْله: ﴿ويمدهم﴾ أَي، يمهلهم حَتَّى يستدرجهم. ﴿فِي طغيانهم﴾ أَي: ضلالتهم. ﴿يعمهون﴾ أَي: يتحيرون، قَالَ الشَّاعِر:

صفحة رقم 51
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
(ومهمة أطرافها فِي مهمة أعمى الْهدى بالجاهلين العمه)