آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ

ويجب على هذا التأويل وصل ألف " أَضْطَرُّهُ "، وفتح ألفَ أُمتِّعُهُ ". ويجب أيضاً بناء الفعلين / على السكون لأن طلب كالأمر، ولأنه؟ سؤال من إبراهيم ﷺ لله تعالى. وإن كان الخبر من عند الله سبحانه كانت الألف في " أمتعه " ألف المتكلم، وكذلك هي في " أضطره "، ويرتفع الفعلان لأنهما إخبار عن الله جل ذكره.
ومعنى: ﴿أَضْطَرُّهُ﴾ أكرهه وألجئه إلى ذلك.
قوله: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إبراهيم القواعد مِنَ البيت﴾.
القواعد أساس البيت.
قال عطاء: هي قواعد آدم ﷺ كانت قد اندرست وخفي أثرها فبوأها الله [إبراهيم. قال عطاء: قال آدم] حين أهبط: ربي إني لأسمع أصوات الملائكة. قال: بخطيئتك، ولكن اُهبط إلى الأرض فابْنِ لي بيتاً، ثم احفُف به كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في السماء. فبناه من خمسة أجبل، من حراء، وطور سيناء، وطور زيتا، والجودي، وأبي قبيس ".
وروي عن عبد الله بن عمرو أنه قال: " أهبط الله مع آدم ﷺ من السماء إلى الأرض بيتاً يطاف به كما يطاف بعرشه في السماء. ثم رفعه أيام الطوفان، فرفع إبراهيم

صفحة رقم 437

ﷺ قواعد ذلك البيت. فكانت الأنبياء عليهم السلام يحجونه ولا يعلمونه حتى بوأه الله إبراهيم فأعلمه مكانه ".
وقال عطاء: لمَّا أهبط الله آدم من الجنة إلى الأرض، وأهبط طوله أي: نقص، شكا أنه استوحش لِفَقْدِ أصوات الملائكة، فَوُجه إلى مكة / فكان موضع قدمه قَرْية، وما بين / القدمين مفازة، فأنزل الله تعالى عليه ياقوتة من ياقوت الجنة فكانت في موضع البيت. فلم يزل يطوف به حتى أنزل الطوفان، فرفعت إلى أن بعث الله إبراهيم ﷺ فبناه ".
وقال مجاهد: " لما أراد الله خلق الأرض علا الماءَ زبدةٌ حمراء أو بيضاء كهيئة القبة، ثم دحا الأرض من تحتها، وبقيت تلك الزبدة ربوة حتى بوأها الله إبراهيم ﷺ فبناه على أساسه، وأساسه على أركان أربعة في الأرض السابعة ".
وقال ابن عباس: " وضع البيت على أركان الماء؛ أربعة أركان قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام، ثم دحيت الأرض من تحت البيت ".

صفحة رقم 438

وفي حرف ابن مسعود: " وإسماعيل يَقُولاَنِ: رَبَّنَا " فدل على أنهما جميعا دَعَوا. وقيل: القائل هو إسماعيل ﷺ وحده. والمعنى إذ يقول إسماعيل " ربنا ".
قال ابن عباس، " كان إبراهيم يبني، وإسماعيل ينقل الحجارة، فلما انتهى إلى موضع الحجر قال لإسماعيل: جئني بحجر حسن يكون عَلَماً للناس. فذهب إسماعيل فأتى بحجر فقال له: جئني بأحسن من هذا. فمضى إسماعيل ﷺ يطلب فنادى أبو قبيس: " يا إبراهيم، يا خليل الرحمن، إن لك عندي وديعة فَخُذها، فإذا هو بحجر أبيض من ياقوت الجنة كان قد نزل به آدم عليه السلام من الجنة ".
وروي أن أبا قبيس جبل هاجر من خراسان إلى مكة. وقال النبي [عليه السلام]
" الحَجَرَ يَاقُوتَةٌ / مِنْ يَاقُوتِ الجَنَّةِ [بَيْضَاءٌ، وَلَولاَ مَا لاَمَسَهُ] مِنْ أَجْنَاسِ المُشْرِكينَ وَأَرْجَاسِهِمْ مَا مَسَّهُ ذُو عَاهَةٍ إلاَّ شَفَاهُ اللهُ تعالى ".

صفحة رقم 439

وقال عليه السلام: " الحَجَرُ يَمينُ اللهِ يُصَافِحُ بِهِ عِبَادَهُ وَلَيَأْتِيَنِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالمَقَامُ، وَلَهُمَا لِسَانَانِ وَشَفَتَانِ يَشْهَدَانِ لِمَنْ وَافَاهُمَا بِالوَفَاءِ ".
وذكر السدي أن إبراهيم وإسماعيل صلى الله عليهما وسلم لما أرادا البناء لم يدريا أين البيت. فبعث الله تعالى ريحاً يقال لها الخجوج لها جناحان ورأس في صورة حية، فكنست لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول، فوضعا المعاول يحفران حتى وضعا الأساس فذلك قوله: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البيت﴾ [الحج: ٢٦]، فلما بلغا في البناء إلى الركن قال إبراهيم لإسماعيل: اطلب لي حجراً حسناً أضعه هنا. قال: يا أبت. إني كسلان تعب. قال: على ذلك. فانطلق يطلب [حجراً فجاءه بحجر فلم يرضه، فقال ائتني بحجر أحسن من هذا، فانطلق [يطلب حجراً] وجاء

صفحة رقم 440

جبريل [عليه السلام] بالحجر الأسود / وكان ياقوتة بيضاء مثل الثغامة وكان آدم ﷺ هبط به من الجنة فاسودّ من خطايا الناس، فجاءه إسماعيل ﷺ بحجر فوجده عند الركن، فقال: يا أبت من جاءك بهذا؟ فقال: جاء به من هو أنشط منك فبنياه ".
وقال عبيد بن عمير الليثي: أتى إبراهيم، وإسماعيل عليهما السلام / يَبْرَى نبلاً قريباً من زمزم، فلما رآه [قام إليه]، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد، والولد بالوالد، ثم قال: يا إسماعيل إن الله [جل وعز] أمرني بأمر. قال: فاصنع ما أمرك ربك. قال: وتعينني؟ قال: وأعينك. قال: فإن الله أمرني أن أبني / هاهنا بيتاً - وأشار إلى الكعبة مرتفعة على ما حولها - قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت،

صفحة رقم 441
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية