
وكذلك التي فِي «يس» نصبٌ لأنها مردوةٌ على فعل قد نُصب بأن، وأكثر القراء على رفعهما. والرفع صوابٌ، وذلك أن تجعل الكلام مكتفيا عند قوله:
«إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ» فقد تم الكلام، ثُمَّ قال: فسيكون ما أراد اللَّه.
وإنه لاحب الوجهين إليّ، وإن كان الكسائي لا يُجيز الرفع فيهما ويذهب إلى النّسق.
وقوله: تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ... (١١٨)
يقول: تشابهت قلوبهم «١» فِي اتفاقهم على الكفر. فجعله اشتباها. ولا يجوز تشابهت بالتثقيل لأنه لا يستقيم دخول تاءين زائدتين فِي تفاعلت ولا فِي أشباهها.
وإنما يجوز الادغام إذا قلت فِي الاستقبال: تتشابه (عن قليل) «٢» فتدغم التاء الثانية عند الشين.
وقوله: وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩) قرأها ابن عَبَّاس [وأبو جَعْفَر] «٣» مُحَمَّد بْن علىّ بن الحسين جزما، وقرأها بعض أَهْل المدينة جزما، وجاء التفسير بِذَلِك، [إلا أن التفسير «٤» ] على فتح التاء على النهى.
والقراء [بعد] «٥» على رفعها على الخبر: ولست تسئل، وَفِي قراءة أبي «وما تسئل» وَفِي قراءة عَبْد اللَّه: «ولن تسال» وهما شاهدان «٦» للرفع.
وقوله: وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ... (١٢٣)
يقال: فدية.
(٢) كأنه يريد: عن قليل من العرب أو من القرّاء، وهو متعلق بقوله:
«يجوز الإدغام... ».
(٣) ساقط من أ.
(٤، ٥) ما بين المربعين ساقط من أ.
«بعد» ساقط من أ.
(٦) فى ج، ش: «وكلاهما يشهد». [.....]

وقوله: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ... (١٢٤)
يقال: أمره بخلالٍ عشرٍ من السنة خمس فِي الرأس، وخمس فِي الجسد فأما اللاتي فِي الرأس فالفرق «١»، وقص الشارب، والاستنشاق، والمضمضة، والسواك.
وأما اللاتي فِي الجسد فالختان، وحلق العانة، وتقليم الأظافر، ونتف الرفغين يعني الإبطين. قال الفرّاء: ويقال للواحد رفع «٢» والاستنجاء.
فَأَتَمَّهُنَّ: عمل بهن فقال اللَّه تبارك وتعالى: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً:
يهتدى بهداك ويستنّ بك، فقال: ربّ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي على المسألة «٣».
وقوله: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ... (١٢٤)
يقول: لا يكون للمسلمين إمام مشرك. وفي قراءة عَبْد اللَّه: «لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِون». وقد فسر هذا لأن «٤» ما نالك فقد نلته، كما تقول: نلت خيرك، ونالني خيرك.
وقوله: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ... (١٢٥)
يثوبون إليه- من المثابة والمثاب- أراد: من كل مكان. والمثابة «٥» فِي كلام العرب كالواحد مثل المقام والمقامة.
(٢) ما بين النجمتين ساقط من ج، ش.
(٣) أي مسألة من إبراهيم ربه، سأله إياها أن يكون من ذرّيته مثاله: من يؤتم به ويقتدى به ويهتدى بهديه.
(٤) كذا والأحسن: «بأن».
(٥) المثابة فى اللغة: مجتمع الناس بعد تفرقهم كالمثاب، والموضع الذي يئاب إليه أي يرجع إليه مرة بعد أخرى. وقوله: «كالواحد» يريد به المثاب. وهو يريد الردّ على من زعم أن تأنيث مثابة لمعنى الجماعة كالسيارة. وانظر تفسير الطبري.

وقوله: وَأَمْناً... (١٢٥)
يقال «١» : إن من جنى جناية أو أصاب حدّا ثُمَّ عاذ بالحرم لم يُقَم عليه حده حَتَّى يخرج من الحرم، ويؤمر بأَلا يخالط ولا يبايع، وأن يضيق عليه (حَتَّى يخرج) «٢» ليقام عليه الحد، فذلك أمنه. ومن جنى من أهل الحرم جناية أو أصاب حدّا أقيم عليه فِي الحرم.
وقوله: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى... (١٢٥)
وقد قرأت القراء بمعنى «٣» الجزم [والتفسير مع أصحاب الجزم] «٤»، ومن قرأ «وَاتَّخِذُوا» ففتح الخاء كان خبرا يقول «٥» : جعلناه مثابة لهم واتخذوه مصلى، وكل صواب إن شاء اللَّه.
وقوله: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ... (١٢٥)
يريد: من الأصنام ألا «٦» تعلق فِيهِ.
وقوله: لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ... (١٢٥)
يعنى أهله وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ يعنى أهل الإسلام.
(٢) فى ج: «فيخرج».
(٣) فى ج، ش: «بعد بالجزم» يريد بالجزم الأمر.
(٤) ما بين المربعين فى ج، ش.
(٥) فى أ: «أي».
(٦) كذا فى ج. وفى أ: «لا» وقوله: «ألا تعلق» أي إرادة ألا تعلق.

وقوله: وَمَنْ كَفَرَ... (١٢٦)
من قول الله تبارك وتعالى فَأُمَتِّعُهُ على الخبر. وفي قراءة أَبِي «وَمَن كَفَرَ فَنُمَتِّعُهُ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ» (فهذا وجه) «١». وكان ابن عَبَّاس يجعلها متصلة بمسئلة إبراهيم «٢» صلى الله عليه على معنى: رب «وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ» (منصوبة موصولة) «٣». يريد ثُمَّ أَضْطَرِرْه فإذا تركت التضعيف نصبت، وجاز فِي هذا المذهب كسر الراء فِي لغة الَّذِين يقولون مُدِّهِ. وقرأ يحيى بْن وَثَّاب:
«فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ» بكسر الألف كما تقول: أَنَا أعلم ذاك.
وقوله: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ (١٢٧) يقال هى إساس «٤» البيت. واحدتها قاعدة، ومن النساء «٥» اللواتي قد قعدن عن المحيض قاعد بغيرها. ويقال لامرأة الرجل قعيدته.
وقوله: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا... (١٢٧)
يريد: يقولان ربنا. وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه «ويقولان ربنا».
(٢) فى الطبري: كان ابن عباس يقول: ذلك قول إبراهيم يسأل ربه أن من كفر فأمتعه قليلا بتخفيف التاء وسكون العين وفتح الراء من اضطره، وفصل ثم اضطره بغير قطع همزتها على وجه الدعاء من إبراهيم ربه لهم والمسألة.
(٣) (منصوبة) أي مفتوحة الراء، و (موصولة) أي بهمزة الوصل لا بهمزة القطع. [.....]
(٤) هو جمع أس، بضم الهمزة. وهذا الضبط عن اللسان فى قعد. وضبط فى أ: «آساس» وهو جمع أس أيضا.
(٥) يريد: والواحدة من النساء... أي الواحدة من القواعد بهذا المعنى.