
ونزلَ في أهل السفينةِ الذين قَدِموا مع جعفرِ بنِ أبي طالبٍ، وكانوا أربعين رجلًا: اثنانِ وثلاثون من الحبشة، وثمانيةٌ من رهبان الشام، منهم بحيرا الراهبُ. وقيل: فيمن آمنَ من اليهود: عبدِ الله بنِ سلامٍ وأصحابِه، وقيلَ: في أصحابِ محمدٍ - ﷺ -، وقيل: في جميع المؤمنين (١):
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٢١)﴾.
[١٢١] ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ أي: يقرؤونه كما أُنزل، ولا يُحرِّفونه.
﴿أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ﴾ من المحرِّفين (٢).
﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ لاستبدالِهم الضلالةَ بالهدى.
﴿يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (١٢٢)﴾.
[١٢٢] ﴿يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (١٢٢)﴾.
(٢) في "ن": "المجرمين".

﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٢١)﴾.
[١٢١] ولما نزلَ المشركونَ بأُحُدٍ يومَ الأربعاء ليأخُذوا بثأرهم في يومِ بَدْرٍ، وكانوا ثلاثةَ آلافِ رجلٍ، وسمعَ رسولُ الله - ﷺ - بنزولهم، استشارَ أصحابه في الخروج إلى قتالهم، فأشارَ بعضُ الصحابةِ بالخروجِ، وأشارَ بعضهم بترك الخروج، وكان المشركون قد أقاموا بأُحُدٍ يومَ الأربعاءِ والخميسِ، وصلَّى رسولُ الله - ﷺ - الجمعةَ بأصحابه، وقد ماتَ في ذلك اليوم رجلٌ من الأنصار، فصلَّى عليه - ﷺ -، ثم خرجَ إليهم في ألفِ رجلٍ، أو تسعِ مئةٍ وخمسينَ، ونزل بالشِّعْبِ من أُحد يومَ السبت لنصفِ شوالٍ سنةَ ثلاثٍ من الهجرة، وجعلَ يقوِّم أصحابَه، إنْ رأى صَدْرًا خارجًا قالَ: "تَأَخَّرْ"، أو متأَخِّرًا قال: "تَقَدَّمْ"، وكان نزولُه في عُدْوَة الوادي، وجعلَ ظهرَ عسكرِهِ إلى أُحد، وأَمَّرَ على الرُّماةِ عبدَ اللهِ بنَ جُبيرٍ، وقال: "انْضَحُوهُمْ عَنَّا بِالنَّبْلِ لا يَأْتُونَنَا مِنْ وَرَائِنَا"، فنزل قولُه تعالى:
﴿وَإِذْ غَدَوْتَ﴾ (١) أي: واذكرْ إذْ غدوتَ.
﴿مِنْ﴾ بينِ.
﴿أَهْلِكَ﴾ من المدينةِ.
﴿تُبَوِّئُ﴾ أي: تُنَزِّلُ.
﴿الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ﴾ مواطنَ يقفونَ فيها.