آيات من القرآن الكريم

وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ

لأنهما لا يجعلان في الكلام عطفاً.
وعلى قول الكسائي: الأمر أن الله يحسن الابتداء بها أيضاً.
قوله تعالى ذكره: ﴿فاختلف الأحزاب مِن بَيْنِهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً﴾.
أي: فاختلف المختلفون بعد رفع عيسى ﷺ. فصاروا أحزاباً، وقد ذكر اختلافهم كيف كان.
ثم قال: ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾.
أي: وادٍ في جهنم للكافرين الذين زعموا أن عيسى إله، والذين زعموا أنه ابن الله. ﴿مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ يعني يوم القيامة.
ثم قال: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا﴾.
أي: ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة إذا عاينوا ما لا يحتاج إلى فكر ولا رؤية. وقد كانوا في الدنيا عمياً عن إبصار الحق، صماً عن سماع الهدى.
قال قتادة: سمعوا حين لا ينفعهم السمع، وأبصروا حين لا ينفعهم البصر.

صفحة رقم 4541

قال ابن زيد: كانت في الدنيا على أبصارهم غشاوة، وفي آذانهم وقر، فلما كان يوم القيامة، أبصروا، وسمعوا فلم ينتفعوا، وقرأ ﴿رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فارجعنا نَعْمَلْ صَالِحاً﴾ [السجدة: ١٢].
ثم قال تعالى ذكره: ﴿لكن الظالمون اليوم فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾ أي: لكن الكافرون في الدنيا في ذهاب مبين عن سبيل الحق.
و ﴿يَوْمَ يَأْتُونَنَا﴾ وقف حسن. والعامل فيه " أسمع بهم وأبصر " أي: ما أبصرهم وأسمعهم في هذا اليوم، أي: هم ممن يقال ذلك فيهم، ففيه معنى التعجب، ولفظه، لفظ الأمر، ولا ضمير في الفعلين، إذ ليس بأمر للمأمور، إنما هو لفظ وافق لفظ الأمر، وليس به.
ثم قال: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحسرة إِذْ قُضِيَ الأمر﴾ أي: أنذر هؤلاء المشركين يوم حسرتهم على ما فرطوا في جنب الله إذا رأوا مساكنهم في الجنة قد أوروثها الله أهل الإيمان به، وعوضوا منها منازل في النار، وأيقن الفريقان في الخلود.
قال ابن مسعود: ليسي نفس إلا وهي تنظر إلى بيت في الجنة، وبيت في النار، وهو يوم الحسرة، فيرى أهل النالا البيت الذي في الجنة فيقال: / لو آمنتم، فتأخذهم الحسرة، ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار، فيقال لهم: لولا ما منّ به الله

صفحة رقم 4542

عليكم.
وقيل: ﴿يَوْمَ الحسرة﴾ يوم يعطى كتابه بشماله.
وروى أبو سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال: " يجاء بالموت فيوضع بين الجنة والنار كأنه كبش أملح. قال فيقال: يا أهل الجنة، هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون، فيقولون: نعم هذا الموت. قال: فيقال: يا أهل النار، هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون فيقولون: نعم، هذا الموت. ثم يؤمر به فيذبح. ٤قال: فيقول: يا أهل الجنة، خلود بلا موت، ويا أهل النار، خلود بلا موت. ثم قرأ رسول الله ﷺ: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحسرة﴾ الآية. وأشار بيده في الدنيا " يريد الغفلة في الدنيا.
وكذلك رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ أنه قال:
" يؤتى بالموت يوم القيامة، فيوقف على الصراط. وقال في أهل الجنة، فيطلعون خائفين وجلين أن يخرجوا من

صفحة رقم 4543

مكانهم، وقال في أهل النار، فيطلعون فرحين مسرورين، رجاء أن يخرجوا من مكانهم. وقال فيذبح على الصراط ".
قال ابن عباس: " يصور الله الموت كأنه كبش أملح. فيذبح، فييأس أهل النار من الموت، فلا يرجونه، فتأخذهم الحسرة من أجل الخلود في النار، ويأمن أهل الجنة الموت، فلا يخشونه ".
وقال ابن عباس: " يوم الحسرة " من أسماء يوم القيامة، عظّمه الله وحذره عباده.
ومعنى: ﴿إِذْ قُضِيَ الأمر﴾ إذ فرغ من الحكم لأهل النار بالخلود فيها ولأهل الجنة بالخلود [فيها]. /
وقوله: ﴿وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ﴾ أي: هؤلاء المشركون في غفلة عما الله فاعل بهم يوم القيامة.
﴿وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ أي: لا يصدقون بآيات الله ولا بالرجوع إليه يوم القيامة.
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرض وَمَنْ عَلَيْهَا﴾ أي: نفني من على الأرض، فتبقى لا مالك لها غيرنا.
﴿وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾.

صفحة رقم 4544

اي: يرد هؤلاء المشركون وغيرهم، فيجازي كلاً بعمله. والمعنى: إلى حكم الله يرجعون وقضائه فيهم ومجازاتهم. لم يرد برجوعهم إليه، إلى مكانه، ولا إلى ما قرب منه، إنما رجوعهم إلى جزائه وحكمه فيهم. وكذلك كل ما شابهه.
﴿قُضِيَ الأمر﴾ وقف، إلا أن يجعل " وهم في غفلة " في موضع الحال فلا يقف على ذلك. والتمام " يؤمنون ".
ثم قال تعالى: ﴿واذكر فِي الكتاب إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً﴾.
أي: أتل على هؤلاء قصص إبراهيم وأبيه التي أخبرناك بها في الكتاب المنزل عليك، وكذلك معنى قوله: ﴿واذكر فِي الكتاب﴾ في كل موضع، إنما معناه اذكر لقومك ما أنزل عليك في القرآن من قصة إبراهيم، وموسى وغيرهما.
﴿إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً﴾ أي: كان من أهل الثدق في حديثه وأخباره ومواعيده. " نبيئاً " أي: تنبأه الله وأوحى إليه.
ولا يوقف على " نبي " لأن " إذ " متعلقة بما قبلها.
﴿إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يا أبت لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ﴾.
أبتِ عند سيبويه لا تقع بالتأنيث إلا في النداء. ويكون للمذكر والمؤنث. و " التاء " عنده عوض من ياء الإضافة. ولذلك لا يجمع بينهما. ووقف ابن كثير بالهاء،

صفحة رقم 4545

وجميع القراء غيره يقفون بالتء، لأنه مضاف في التقدير.
وقرأ ابن عامر بفتح التاء على تقدير يا أبتاه، فحذف الهاء لأنه واصل وحذف الألف كما تحذف ياء الإضافة، لأنها بدل منها.
وقيل: إنه أبدل من كسرة " التاء " فتحة، ومن " الياء " التي كانت في الأصل ألفاً. ثم حذف الألف، إذ لا يجمع بين الياء والتاء، والألف عوض من الياء. فكما لا تثبت الياء مع التاء، كذلك لا تثبت الألف التي هي عوض من الياء.
وهذا القول أشبه من الأول، وفيهما نظر.
وقوبه: ﴿مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ﴾ يعني الأصنام، لا يسمعك إذا دعوته، ولا بيبصرك إذا أجبته ولا يغني عنك شيئاً: إن نزل بكل أمر أو ضر لم ينفعك ولا دفع عنك شيئاً.
ثم قال: ﴿يا أبت إِنِّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ العلم مَا لَمْ يَأْتِكَ﴾. يعني: الوحي الذي أوحى الله إليه.
﴿فاتبعني﴾ أي: أقبل قولي، وما أدعوك إليه.

صفحة رقم 4546
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية