آيات من القرآن الكريم

وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ

شمسه نه مسند وهفت اختران ختم رسل خواجه پيغمبران
آتانِيَ الْكِتابَ الإنجيل وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مع ذلك مُبارَكاً نفاعا معلما للخير اخبر عما يكون لا محالة بصيغة الماضي والجمهور على ان عيسى آتاه الله الإنجيل والنبوة فى الطفولية وكان يعقل عقل الرجال كما فى بحر العلوم يقول الفقير المشهور انه اوحى الله اليه بعد الثلاثين فتكون رسالته متأخرة عن نبوته أَيْنَ ما كُنْتُ حيثما كنت فانه لا يتقيد باين دون اين وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ اى أمرني بها امرا مؤكدا وَالزَّكاةِ اى زكاة المال ملكية يقول الفقير الظاهر ان ايصاءه بها لا يستلزم غناه بل هى بالنسبة الى اغنياء أمته وعموم الخطابات الالهية منسوب الى الأنبياء تهييجا للامة على الائتمار والانتهاء ما دُمْتُ حَيًّا فى الدنيا قال فى بحر العلوم فيه دلالة بينة على ان العبد مادام حيا لا يسقط عنه التكاليف والعبادات الظاهرة فالقول بسقوطها كما نقل عن بعض الإباحيين كفر وضلال وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى انه مادام العبد حيا لا بد من مراقبة السر واقامة العبودية وتزكية النفس يقول الفقير اقامة التكاليف عبودية وهى اما للتزكية كالمبتدئين واما للشكر كالمنتهين وكلا الامرين لا يسقط مادام العبد حيا بالغا فاذا تغير حاله بالجنون ونحوه فقد عذر وَبَرًّا [مهربان] بِوالِدَتِي عطف على مباركا اى جعلنى بارا بها محسنا لطيفا وهو اشارة الى انه بلا فحل وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً متكبرا. وبالفارسية [كردنكشى متعظم كه خلق را تكبر كنم وانسان را برنجانم] شَقِيًّا عاصيا لربه وَالسَّلامُ عَلَيَّ [سلام خداى بر منست] يَوْمَ وُلِدْتُ بلا والد طبيعى اى من طعن الشيطان وَيَوْمَ أَمُوتُ من شدائد الموت وما بعده وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا حال اى من هول القيامة وعذاب النار كما هو على يحيى يعنى السلامة من الله وجهت الىّ كما وجهت الى يحيى فى هذه الأحوال الثلاثة العظام على ان التعريف للعهد والأظهر على انه للجنس والتعريض باللعن على أعدائه فان اثبات جنس السلام لنفسه تعريض لاثبات ضده لاضداده كما فى قوله تعالى وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى فانه تعريض بان العذاب على من كذب وتولى فلما كلمهم عيسى بهذا الكلام أيقنوا ببراءة امه وانها من اهل العصمة والبعد من الريبة ولم يتكلم بعد حتى بلغ سن الكلام قال فى الاسئلة المقحمة قوله يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا يدل على ان لا حياة فى القبر لانه ذكر حياة واحدة والجواب انه أراد بها الدائمة الباقية بخلاف حياة القبر انتهى يقول الفقير لا شك ان حياة البرزخ على النصف من حياة يوم البعث فان الاولى حياة الروح فقط والثانية حياة الروح والجسد معا وهى المرادة هاهنا ولا انقطاع لحياة الأرواح مذخلقت من الابديات فاقهم ثم انه نكر فى سلام يحيى وعرف فى سلام عيسى لان الاول من الله والقليل منه كثير قال. بعضهم قليلك لا يقال له قليل ولهذا قرأ الحسن اهدنا صراطا مستقيما اى نحن راضون بالقليل كذا فى برهان القرآن قال شيخى وسندى فى كتاب البرقيات له قدس سره انما اتى بطريق الغيبة فى حق يحيى عليه السلام وبطريق الحكاية فى حق عيسى عليه السلام لان كلا منهما اهل الحقيقة والفناء والكمال الجامع بين الجلال والجمال واهل الشريعة والبقاء والجلال والجمال مندرجون

صفحة رقم 331

تحت حيطة الكمال الا ان الميل الاستعدادي الأزلي الى جانب الحقيقة والفناء وكمال الجلال غالب فى جمعية يحيى عليه السلام بحسب الفطرة الالهية الازلية وهذه الغلبة ليست اختيارية بل اضطرارية ازلية حاصلة باستيلاء سلطنة الحقيقة والفناء وكمال الحلال على قلبه وهذا الميل الى جانب الشريعة والبقاء جمال غالب فى جمعية عيسى عليه السلام بحسب الفطرة الالهية الازلية وهذه الغلبة ايضا ليست اختيارية بل اضطرارية حاصلة باستيلاء دولة الشريعة والبقاء وجمال الكمال على قلبه ومقتضى الغلبة اليحياوية السكوت وترك النطق ولذا كان المتكلم فى بيان أحواله هو الله تعالى واتى بطريق الغيبة لانفسه وهو من قبيل من عرف كل لسانه لغلبة الفناء على البقاء وكل من كل لسانه فى معرفة الله فهو على مشرب يحيى ومقتضى الغلبة العيسوية النطق وترك السكوت ولذا كان المتكلم فى بيان احوال نفسه واتى بطريق الحكاية دون الله تعالى وهو من قبيل من عرف الله طال لسانه لغلبة البقاء على الفناء وكل من طال
لسانه فى معرفة الله فهو على مشرب عيسى عليه السلام وحال كل منهما بقضاء الله ورضاه وهما مشتركان فى الجمعية الكبرى مجتمعان فى ميل الاهلية العظمى ومنفردان فى غلبة العليا بان تكون غلبة ميل يحيى عليه السلام الى الفناء وغلبة ميل عيسى عليه السلام الى البقاء ولو اجتمعا فى تلك الغلبة ايضا لما امتاز حال أحدهما عن الآخرة بل يكون عبثا نوعا تعالى الله عن العبث ولذا لم يتجل لاحد بعين ما يتجلى به لغيره بل انما يتجلى لكل متجل له بوجه آخر ولهذه الحكمة كان الجلال غالبا فى قلب يحيى والجمال غالبا فى قلب عيسى عليه السلام حتى يكون التجلي لكل منهما بوجه آخر مع احدية أصله ويوجد بينهما فرق بعد الجمع وكل من ورث هذا المقام بعدهما الى يوم القيامة من اولياء الله الكرام يقول الله له بطريق الفيض والإلهام السلام عليك يوم ولدت ويوم تموت ويوم تبعث حيا الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وهو من قبيل مبشراتهم الدنيوية التي أشير إليها بقوله تعالىَ هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)
الا انهم يكتمون أمثاله لكونهم مأمورين بالكتمان وعلمهم بسلامتهم يكفى لهم ولا حاجة لهم بعلم غيرهم واما الأنبياء عليهم السلام فهم يخبرون بسلامتهم لكونهم شارعين فلا بد لغيرهم من العلم بسلامتهم حتى يؤمن ويقبل دعوتهم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل انتهى قال فى اسئلة الحكم اخبر رسول الله ﷺ عن مقامهما حيث قال (ان عيسى ويحيى التقيا فقال يحيى لعيسى كأنك قد امنت مكر الله وقال عيسى ليحيى كأنك قد أيست من فضل الله ورحمت فاوحى الله تعالى إليهما ان احبكما الىّ احسنكما ظنابى) وكان عاقبة امره فى مقام الجلال ان قتل فلم يزل فائرا دمه حتى قتل من اجله سبعون الفا قصاصا منه فسكن فورانه وكان عاقبة امر عيسى فى مقام البسط والجمال ان رفع الى السماء اى الى الملأ الأعلى من مظاهر الجمال فكلاهما فى مقامهما فائزان كاملان انتهى وفى التأويلات النجمية قوله (وَيَوْمَ أَمُوتُ) فيه اشارة الى ان عيسى المعنى المتولد من نفخ الحق فى القلب قابل الموت بسم غلبات صفات النفس والمعاملات المنتجة منها لئلا يغتر الواصل بانه إذا حى بحياة لا يموت المعنى الذي فى قلبه يقول الفقير

صفحة رقم 332

اى بسازنده بمرده مغرور شده از دائره زندگى دور
كشت بروى متغير حالش زهر شد جمله فيض بالش
ماند دوعين قفا صورت او كر چهـ در صورت ظاهر شده رو
در پى نفس بدش هر كه دويد تا نبندار كه سر منزل ديد
قال فى التكملة ولد عيسى عليه السلام فى ايام ملوك الطوائف لمعنى خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على ارض بابل وقيل لاكثر من ذلك وكان حمل مريم به وهى ابنة ثلاث عشرة سنة ونبئ عيسى وهو ابن ثلاثين سنة ورفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وعاشت مريم بعده ست سنين وخرجت به امه من الشام الى مصر وهو صغير خوفا عليه من هيردوس الملك وذلك ان ملك فارس علم بمولده لطلوع نجمه فوجه له هدايا من الذهب والمر واللبان فاتت رسله بالهدايا حتى دخلت على هيردوس فسألوه عنه فلم يعلم به فاخبروه بخبره وبانه يكون نبيا واخبروه بالهدايا فقال لهم لم اهديتم الذهب قالوا لانه سيد المتاع وهو سيد اهل زمانه قال لهم ولم اهديتم المر قالوا لانه يجبر الجرح والكسر وهو يشفى السقام والعلل قال ولم اهديتم اللبان قالوا لانه يصعد دخانه الى السماء وكذلك هو يرفع الى السماء فخافه هيردوس وقال لهم إذا عرفتم مكانه فعرفونى به فانى راغب فيما رغبتم فيه فلما وجدوه دفعوا الهدايا لمريم وأرادوا الرجوع الى هيردوس فبعث الله لهم ملكا وقال لهم انه يريد قتله فرجعوا ولم يلقوا هيردوس وامر الله مريم ان ينتقل به الى مصر ومعها يوسف بن يعقوب النجار فسكنت به فى مصر حتى كان ابن اثنتي عشرة سنة ومات هيردوس فرجعت الى الشام انتهى- روى- ان مريم سلمت عيسى الى معلمه فعلمه ابجد فقال عيسى أتدري ما «ابجد» قال لا فقال اما الالف فآلاء الله والباء بهاء الله والجيم جلال الله والدال دين الله فقال المعلم أحسنت فما «هوز» فقال الهاء هو الله الذي لا اله الا هو والواو ويل للمكذبين والزاى زبانية جهنم أعدت للكافرين فقال المعلم أحسنت فما «حطى» قال الحاء حطة الخطايا عن المذنبين والطاء شجرة طوبى والياء يد الله على خلقه فقال أحسنت فما «كلمن» قال الكاف كلام الله واللام لقاء اهل الجنة بعضهم بعضا والميم ملك الله والنون نور الله فقال أحسنت فما «سعفص» قال السين سناء الله والعين علم الله والفاء فعله فى خلقه والصاد صدقه فى أقواله فقال أحسنت فما «قرشت» قال القاف قدرة الله والراء ربوبيته والشين مشيئته والتاء تعالى الله عما يشركون فقال له المعلم أحسنت ثم قال لمريم خذى ولدك وانصرفي فانه علمنى ما لم أكن أعرفه كذا فى قصص الأنبياء قيل هذه الكلمات وهى ابجد وهوز وحطى وكلمن وسعفص وقرشت وثخذ وضظغ اسماء ثمانية ملوك فيما تقدم. وقيل هى اسماء ثمانية من الفلاسفة. وقيل هذه الكلمات وضعها اليونانيون لضبط الاعداد وتمييز مراتبها كذا فى شرح التقويم وقال محمد بن طلحة فى العقد الفريد أول من وضع الخط العربي واقامه وصنع حرفه واقسامه ستة اشخاص من طسم كانوا نزولا عند عدنان بن داود وكانت اسماؤهم ابجد وهوز وحطى وكلمن وسعفص وقرشت ووضعوا الكتابة والخط على اسمائهم فلما وجدوا فى الألفاظ حروفا ليست فى

صفحة رقم 333

لا يدرك غايته حيث اغفلوا الاستماع والنظر بالكلية حين ينفعهم

عمر مكن ضايع بافسوس وحيف كه فرصت عزيزست والوقت سيف
كه فردا پشيمان بر آرى خروش كه آوخ چرا حق نكردم بكوش
وَأَنْذِرْهُمْ خوفهم يا محمد يعنى الظالمين يَوْمَ الْحَسْرَةِ اى من يوم يتحسر فيه ويتحزن الناس ويندمون قاطبة اما المسيئ فعلى إساءته واما المحسن فعلى قلة إحسانه إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ بدل من يوم الحسرة الى فرغ من الحساب وتصادر الفريقان الى الجنة والنار- وروى- ان النبي عليه السلام سئل عن ذلك فقال (حين يجاء بالموت على الصورة الكبش الا ملح فيذبح والفريقان ينظرون فينادى المنادى يا اهل الجنة خلود بلا موت ويا اهل النار خلود بلا موت فيزداد اهل الجنة فرحا الى فرح واهل النار غما الى غم) وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ اى عما يفعل بهم فى الآخرة وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وهما جملتان حاليتان من الضمير المستتر فى قوله تعالى (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) اى مستقرون فى ذلك وهم فى تينك الحالتين وما بينهما اعتراض إِنَّا نَحْنُ تأكيد لانا نَرِثُ نملك الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها ذكر من تغليبا للعقلاء اى لا يبقى لاحد غيرنا عليهم ملك ولا ملك وقد سبق فى سورة الحجر ما يتعلق بهذه الآية وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ اى يردون للجزاء لا الى غيرنا استقلالا او اشتراكا اعلم ان الرجوع على نوعين رجوع بالقهر وهو رجوع العوام لان نفوسهم باقية مطمئنة بالدنيا فلا يخرجون مماهم عليه الا بالكراهة ورجوع باللطف وهو رجوع الخواص لان نفوسهم فانية غير مطمئنة بالدنيا والعقبى بل بالمولى الا على فيخرجون من الدنيا والموت ولقاء الله تعالى أحب إليهم من كل شىء. فعلى السالك ان يجتهد فى تحصيل الفناء والبقاء وتكميل الشوق الى اللقاء ويرجع الى الله تعالى قبل ان يرجع فان سرّ لمن الملك اليوم دائر على هذا
صرصر قهر وى از ممكن وحدت بوزيد حس وخاشاك تعين همه بر باد ببرد
هر چهـ در عرصه إمكان بوجود آمده بود سيل عزت همه را تا عدم آباد ببرد
ولله عباد خوطبوا فصار كلهم اذنا وشهدوا فصار كلهم عينا وجدوا فى الرحيل حتى حطوا الرحل عند الملك الجليل
نظرت فى الراحة الكبرى فلم ارها تنال الا على جنس من التعب
والجد منها بعيد فى تطلبها فكيف تدرك بالتقصير واللعب
قال الشيخ ابو الحسن المزين رحمه الله دخلت البادية على التجريد حافيا حاسرا فخطر ببالي انه ما دخل بهذه البادية فى هذه السنة أحد أشد تجريدا منى فجذبنى انسان من ورائي وقال يا حجام كم تحدث نفسك بالأباطيل فظهر ان الترك والتجرد والرجوع فى الحق على مراتب ولكل سالك خطوة فلا يغتر أحد بحاله ولا يخطر العجب بباله وعن ابراهيم الخواص قدس سره قال دخلت البادية فاصابتنى شدة فكابدتها وصابرتها فلما دخلت مكة داخلنى شىء من الاعجاب فنادتنى عجوز من الطواف يا ابراهيم كنت معك فى البادية فلم أكلمك لانى لم أرد ان اشغل سرك عنه اخرج هذا الوسواس عنك فظهر ان التوفيق للرجوع الى الله

صفحة رقم 335
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية