آيات من القرآن الكريم

وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ

ت: وما ذكره وَهْبُ [مصرح به في القرآن، ففي آخر المائدة: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ... الآية. [المائدة: ١١٧]. وامتراؤهم] «١» في عيسى هو اختلافهم فيقول بعضُهم: لَزَنْيَةٌ، وهم اليهُود، ويقول بعضُهم: هو اللهُ تعالى اللهُ عن قولهم عُلُوّاً كبيراً، فهذا هو امتراؤُهم، وسيأتِي شرح ذلك بإثر هذا.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٣٧ الى ٣٩]
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٩)
وقوله: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ هذا ابتداء خبر من الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلّم بأَن بني إسْرَائِيلَ اختلفوا أَحزاباً، أيْ: فرقاً.
وقوله: مِنْ بَيْنِهِمْ بمعنى: من تلقَائِهم، ومن أَنْفسِهم ثار شرُّهم، وإنّ الاِخْتلاف لم يخرج عنهم بل كانوا هم المختلفين.
وروي في هذا عن قتادةَ: أَنَّ بني إسْرَائِيلَ جمعوا من أَنفسهم أَربعة أحبار غاية في المَكَانةِ والجَلاَلة عندهم وطلبوهم أن يبيِّنُوا لهم أَمْرَ عيسى فقال أَحَدُهم: عيسى هو اللهُ تعالى الله عن قولهم.
وقال له الثلاثة: كذبتَ، واتبعه اليعقوبيةُ، ثم قِيلَ للثلاثة فقال أحدهم: عيسى ابنُ الله، [تعالى الله عن قولهم] «٢» فقال له الاِثنان: كذبت، واتبعه النُّسْطُورِيَّةُ، ثم قيل للاِثنين فقال أَحدهما: عيسى أحد ثلاثةٍ: الله إله، ومريم إله، وعيسى إله [تعالى الله عن قولهم عُلوّاً كبيراً] «٣» فقال له الرابع: كذبت، واتَّبَعَتْهُ الإِسْرَائِيلية، فقِيلَ للرابع فقال:
عيسى عبدُ الله، وكلمتُه أَلقاها إلى مريم، فاتّبعَ كلَّ واحد فريقٌ من بني إسْرَائِيل، ثم اقْتَتلُوا فغُلِبَ المؤمنون، وقُتِلوا، وظَهَرَت اليَعْقُوبيّة على الجميع «٤».
و «الويل» : الحزنُ، والثُّبور، وقِيلَ: «الويل» : واد في جهنّم، ومَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ:
هو يوم القيامة.

(١) سقط في ج.
(٢) سقط في ب، ج.
(٣) في ب، ج. سقط.
(٤) أخرجه الطبريّ (٨/ ٣٤٣) برقم (٢٣٧٢٤)، وذكره ابن عطية (٤/ ١٦)، وابن كثير (٣/ ١٢١)، والسيوطي (٤/ ٤٨٨، ٤٨٩)، وعزاه لعبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن قتادة نحوه. [.....]

صفحة رقم 19

وقولُه سبحانه: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ أي: ما أَسْمَعَهم، وأبصرهم يوم يرجعُون إلَيْنا، ويرَوْن ما نصنع بهم، لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ أَيْ: في الدنيا في ضَلالٍ مُبِينٍ أَيْ بيِّنٍ، وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ وهو يوم ذَبْحِ الموت قاله الجمهورُ.
وفي هذا حَدِيثٌ صحيحٌ خرجه البُخَاريُّ وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلّم: أَنَّ المَوْتَ يُجَاءُ بِهِ في صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُذْبَحُ عَلَى الصِّرَاطِ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ويُنَادِى: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، خُلُودٌ لاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ لاَ مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ... «١» [الآية] «٢».
قال ع «٣» :[وعند ذلك تُصِيب أَهلَ النار حسرةٌ لا حَسْرة مثلها.
وقال ابنُ زيد، وغيره: يَوْمَ الحَسْرَةِ] «٤» : هو يَوْمَ القِيَامَةِ «٥».
قال ع «٦» : ويحتمل أَن يكونَ يوم الحسرة اسمُ جِنْسٍ شاملٌ لحسَرَاتٍ كَثِيرَةٍ بحسب مواطن الآخرة: منها يومَ مَوْتِ الإنسان، وأَخْذِ الكتاب بالشِّمال، وغير ذلك، وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ
يريد: في الدنيا.

(١) أخرجه البخاري (٨/ ٢٨٢) كتاب التفسير: باب وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ حديث (٤٧٣٠)، ومسلم (٤/ ٢١٨٨- ٢١٨٩) كتاب الجنة والنار: باب النار يدخلها الجبارون، حديث (٤٠، ٤١/ ٢٨٤٩)، والترمذي (٥/ ٣١٥- ٣١٦) كتاب التفسير: باب ومن سورة مريم، حديث (٣١٥٦)، والنسائي في «الكبرى» (٦/ ٣٩٣) كتاب التفسير: باب قوله تعالى: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ، حديث (١١٣١٦)، وأحمد (٣/ ٩)، وأبو يعلي (٢/ ٣٦٤) رقم (١١٢٠)، والطبريّ في «تفسيره» (٨/ ٣٤٥) رقم (٢٣٧٣٣) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٤٨٩)، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن مردويه.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة: أخرجه النسائي في «الكبرى» (٦/ ٣٩٣- ٣٩٤) كتاب التفسير:
باب قوله تعالى وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ حديث (١١٣١٧)، والطبريّ في «تفسيره» (٨/ ٣٤٥) رقم (٢٣٧٣٤) كلاهما من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٤٨٩)، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه.
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١٧).
(٤) سقط في ب.
(٥) أخرجه الطبريّ (٨/ ٣٤٥) برقم (٢٣٧٣٧)، وذكره ابن عطية (٤/ ١٧)، وابن كثير (٣/ ١٢٢).
(٦) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١٧).

صفحة رقم 20
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية