آيات من القرآن الكريم

فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ

﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦) ﴾
﴿وَهُزِّي إِلَيْكَ﴾ يَعْنِي قِيلَ لِمَرْيَمَ: حَرِّكِي ﴿بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ تَقُولُ الْعَرَبُ: هَزَّهُ وَهَزَّ بِهِ، كَمَا يَقُولُ: حَزَّ رَأْسَهُ وَحَزَّ بِرَأْسِهِ، وَأَمْدَدَ الْحَبَلَ وَأَمْدَدَ بِهِ، ﴿تُسَاقِطْ عَلَيْكِ﴾ الْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْقَافِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ، أَيْ: تَتَسَاقَطُ، فَأُدْغِمَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي السِّينِ أَيْ: تُسْقِطُ عَلَيْكِ النَّخْلَةُ رُطَبًا، وَخَفَّفَ حَمْزَةُ السِّينَ وَحَذَفَ التَّاءَ الَّتِي أَدْغَمَهَا غَيْرُهُ.
وَقَرَأَ حَفْصٌ بِضَمِّ التَّاءِ وكسر القاف خفيف عَلَى وَزْنِ تَفَاعُلٍ. وتُسَاقِطُ بِمَعْنَى أَسْقَطَ، وَالتَّأْنِيثُ لِأَجْلِ النَّخْلَةِ.
وَقَرَأَ يَعْقُوبُ: "يَسَّاقَطُ" بِالْيَاءِ مُشَدَّدَةً رِدَّةً إِلَى الْجِذْعِ.
﴿رُطَبًا جَنِيًّا﴾ مَجْنِيًّا. وَقِيلَ: الْجَنْيُ هُوَ الَّذِي بَلَغَ الْغَايَةَ، وَجَاءَ أَوَانَ اجْتِنَائِهِ. قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: مَا لِلنُّفَسَاءِ عِنْدِي خَيْرٌ مِنَ الرُّطَبِ، وَلَا لِلْمَرِيضِ خَيْرٌ مِنَ الْعَسَلِ (١). قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي﴾ أَيْ: فَكُلِي يَا مَرْيَمُ مِنَ الرُّطَبِ، وَاشْرَبِي مِنْ مَاءِ (٢) النَّهْرِ ﴿وَقَرِّي عَيْنًا﴾ أَيْ: طِيبِي نَفْسًا. وَقِيلَ: قَرِّي عَيْنَكِ بِوَلَدِكِ عِيسَى. يُقَالُ: أَقَرَّ الله عينك ٧/أأَيْ: صَادَفَ فُؤَادَكَ مَا يُرْضِيكَ، فَتَقَرُّ عَيْنُكَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى غَيْرِهِ. وَقِيلَ: أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ: يَعْنِي أَنَامَهَا، يُقَالُ: قَرَّ يَقِرُّ إِذَا سَكَنَ.
وَقِيلَ: إِنَّ الْعَيْنَ إِذَا بَكَتْ مِنَ السُّرُورِ فَالدَّمْعُ بَارِدٌ، وَإِذَا بَكَتْ مِنَ الْحُزْنِ فَالدَّمْعُ يَكُونُ حَارًّا، فَمِنْ هَذَا قِيلَ: أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ وَأَسْخَنَ اللَّهُ عَيْنَهُ.
﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا﴾ أَيْ: تَرَيْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ نُونُ التَّأْكِيدِ فَكُسِرَتِ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.
مَعْنَاهُ: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَيَسْأَلُكِ عَنْ وَلَدِكِ ﴿فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا﴾ أَيْ: صَمْتًا وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَأُ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَالصَّوْمُ فِي اللُّغَةِ الْإِمْسَاكُ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ (٣) وَالْكَلَامِ (٤).

(١) أخرجه سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، انظر: "الدر المنثور": ٥ / ٥٠٥.
(٢) ساقط من "أ".
(٣) ساقط من "أ".
(٤) انظر: "لسان العرب": ١٢ / ٣٥٠-٣٥١.

صفحة رقم 227
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية