(١٨) سورة الكهف مكية وآياتها عشر ومائة
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١ الى ٨]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢) ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (٣) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (٤)ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (٥) فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦) إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧) وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً (٨) صفحة رقم 528
اللغة:
(عِوَجاً) : جاء في القاموس وغيره من معاجم اللغة: عوج بكسر الواو يعوج بفتحها عوجا العود ونحوه انحنى، والإنسان ساء خلقه فهو أعوج والعوج بكسر ففتح الاسم من عوج والالتواء وعدم الاستقامة ولم تفرق هذه المعاجم بينهما وفي الأساس: «يقال في العود عوج وفي الرأي عوج» ففرق بينهما وهذا هو الحق بدليل الآية.
فالعوج بكسر ففتح في المعاني كالعوج بفتحتين في الأعيان، وقال الشهاب في حاشيته على البيضاوي: «يعني أن المكسور يكون فيما لا يدرك بالبصر بل بالبصيرة والمفتوح فيما يدرك به» وقال في الكشاف: والعوج بكسر ففتح في المعاني كالعوج بفتحتين في الأعيان.
وسيأتي المزيد عنه في باب البلاغة.
(قَيِّماً) : مستقيما معتدلا لا إفراط فيه ولا تفريط أو قيما بمصالح العباد فيكون وصفا للكتاب بالتكميل بعد وصفه بالكمال أو قيما على الكتب السابقة مصدقا لها شاهدا بصحتها وفي القاموس والتاج واللسان: القيم على الأمر متوليه كقيم الوقف وغيره وقيم المرأة زوجها وأمر قيم مستقيم والديانة القيمة: المستقيمة وفي التنزيل «ذلك دين القيمة» أي دين الأمة القيمة ويتعدى بالباء وبعلى.
(باخِعٌ نَفْسَكَ) : مهلكها وقاتلها يقال: بخع الرجل نفسه يبخعها من باب نفع بخعا وبخوعا أهلكها وجدا وسيأتي مزيد بيان لها في باب البلاغة.
(صَعِيداً) : ترابا أو فتاتا يضمحل بالريح لا اليابس الذي يرسب.
(جُرُزاً) بضمتين والجرز الذي لا نبات فيه فهو حائل البهجة باطل الزينة يقال سنة جرز وسنون أجراز وجرز الجراد الأرض: أكل ما فيها والجروز المرأة الأكول قال الراجز:
إن العجوز حية جروزا... تأكل كل ليلة فقيزا
وجرزه الزمان اجتاحه. قال تبع:
لا تسقني بيديك إن لم ألقها... جرزا كأن أشاءها مجروز
وفي أمثال العرب: «لن ترضى شانئة إلا بجرزة» وهو يضرب في العداوة وان المبغض لا يرضى إلا باستئصال من يبغضه.
الإعراب:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) الحمد مبتدأ ولله متعلقان بمحذوف تقديره ثابت لله فهو الخبر والذي نعت وجملة أنزل صلة وعلى عبده متعلقان بأنزل والكتاب مفعول به والواو يجوز أن تكون عاطفة فالجملة معطوفة على أنزل داخلة في حيز الصلة ويجوز أن تكون اعتراضية فالجملة معترضة بين الحال وهي قيما وصاحبها وهو الكتاب ويجوز أن تكون حالية فالجملة حال من الكتاب فتكون قيما حالا متداخلة كما سيأتي. (قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ) اضطربت أقوال النحاة والمفسرين في اعراب قيما اضطرابا شديدا وقد وقع اختيارنا على أن تكون حالا من الكتاب وجملة ولم يجعل معترضة واختار أبو البقاء أن تكون حالا من الهاء في له والحال مؤكدة واختار الزمخشري أن تكون منصوبة بفعل مقدر
تقديره جعله قيما وننقل عبارته لأهميتها: «فإن قلت بم انتصب قيما؟
قلت: الأحسن أن ينتصب بمضمر ولا يجعل حالا من الكتاب لأن قوله ولم يجعل معطوف على أنزل فهو داخل في حيز الصلة فجاعله حالا من الكتاب فاصل بين الحال وذي الحال ببعض الصلة، وتقديره ولم يجعل له عوجا جعله قيما لأنه إذا نفى عنه العوج فقد أثبت له الاستقامة» وقد فطن حفص الى هذا الاضطراب في إعراب قيما فوقف على تنوين عوجا مبدلا له ألفا سكتة لطيفة من غير قطع نفس إشعارا بأن قيما ليس متصلا بعوجا وإنما هو من صفة الكتاب. وصرح أبو حيان في البحر بأن المفرد يبدل من الجملة كقوله تعالى «ولم يجعل له عوجا قيما» فقيما بدل من جملة ولم يجعل له عوجا لأنها في معنى المفرد أي جعله مستقيما. وهناك أعاريب أخرى ضربنا عنها صفحا لأنها لا تخرج عن هذا النطاق.
ولينذر اللام للتعليل وينذر فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور متعلقان بأنزل وينذر ينصب مفعولين وحذف أولهما وتقديره الكافرين وبأسا مفعول به ثان وشديدا صفة ومن لدنه صفة ثانية أو متعلقان بقوله لينذر. (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً) ويبشر عطف على لينذر والفاعل مستتر تقديره هو والمؤمنين مفعول به وجملة يعملون الصالحات صلة وأن وما في حيزها قيل هو مصدر مؤول مفعول به ثان ليبشر على رأي من يرى أن يبشر تتعدى لمفعولين وقيل هو مصدر مؤول منصوب بنزع الخافض والجار والمجرور متعلقان بيبشر ولهم خبر ان المقدم وأجرا اسمها المؤخر وماكثين حال من الهاء في لهم أي مقيمين فيه وفيه متعلقان بماكثين وأبدا ظرف متعلق بماكثين أيضا. (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ
قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً)
وينذر عطف على لينذر الأولى والذين مفعول ينذر الأول وحذف الثاني وهو الغرض المنذر به لأنه سبق ذكره وهو البأس فيكون في الكلام احتباك وجملة قالوا صلة وجملة اتخذ مقول القول والله فاعل وولدا مفعول به. (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ) جملة مستأنفة مسوقة لتقرير جهالتهم وانهم يقولون مالا يعرفون وما نافية ولهم خبر مقدم وبه متعلقان بعلم ومن حرف جر زائد وعلم مبتدأ مؤخر ولا الواو عاطفة ولا نافية ولآبائهم عطف على لهم. (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) كبرت فعل ماض لانشاء الذم والتاء علامة التأنيث والفاعل ضمير مستتر يعود على مقالتهم المختلقة وهي قولهم اتخذ الله ولدا أي كبرت مقالتهم وكلمة تمييز والكلام مبني على أسلوب التعجب كأنه قيل: ما أكبرها كلمة وجملة تخرج نعت لكلمة ومن أفواههم متعلقان بتخرج ويجوز أن يكون الفاعل ضميرا مفسرا بنكرة وهي كلمة المنصوبة على التمييز فيكون الكلام للذم المحض ويكون المخصوص بالذم مخذوفا تقديره هي أي الكلمة وكلا الوجهين مستقيم سائغ، وإن نافية ويقولون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل وإلا أداة حصر وكذبا فيه وجهان أظهرهما أنه نعت لمصدر محذوف أي إلا قولا كذبا، ويجوز أن يكون مفعولا به لأنه يتضمن جملة وعليه يتمشى قول دعبل:
ما أكثر الناس لا بل ما أقلهم | الله يعلم اني لم أقل فندا |
إني لأغمض عيني ثم أفتحها | على كثير ولكن لا أرى أحدا |
وسيأتي مزيد بيان عنه في باب البلاغة وإن شرطية ولم يؤمنوا فعل الشرط وبهذا متعلقان بيؤمنوا والحديث بدل من اسم الاشارة وأسفا مفعول لأجله أو على انه مصدر في موقع الحال وجواب الشرط محذوف دل عليه الترجي والتقدير فلا تحزن ولا تذهب نفسك عليهم حسرات.
(إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) ان واسمها والجملة تعليل للنهي المقصود من الترجي وجملة جعلنا خبر إنا وما موصول مفعول به أول لجعلنا إن كانت بمعنى التصيير وعلى الأرض صلة ما وزينة مفعول به ثان لجعلنا وان كانت بمعنى خلقنا فتكون زينة حالا ومن العجيب أن يعربها بعضهم مفعولا لأجله مع أن الزينة ليست من المصادر القلبية مهما أسرفنا في التأويل، ولها صفة لزينة ولنبلوهم اللام للتعليل ونبلوهم منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور متعلقان بجعلنا وأيهم اسم استفهام مبتدأ والهاء مضاف إليه وأحسن خبر وعملا تمييز والجملة في محل نصب سادة مسد مفعولي نبلو لأنه في معنى نعلم وقد علق عن العمل بأي الاستفهامية ويجوز أن تكون أي موصولة بمعنى الذي وتعرب بدلا من الهاء في نبلوهم، والتقدير: لنبلو الذي هو أحسن، وأحسن خبر لمبتدأ محذوف أي هو أحسن والجملة صلة للموصول وتكون الضمة في أي للبناء لأن شرطه موجود وهو أن تضاف ويحذف صدر صلتها أو تكون ضمتها ضمة إعراب على رأي بعض النحاة والضمير في نبلوهم يعود على سكان الأرض كما يفهم من سياق الكلام أو على ما ولكنه بعيد لأنه يحتاج إلى تأويل ما بأنها خاصة بالعقلاء. (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً) الواو عاطفة وان واسمها واللام المزحلقة وجاعلون خبرها وما مفعول به ثان لجاعلون وعليها صلة وصعيدا مفعول به ثان لجاعلون وجرزا نعت لصعيدا ويجوز اعتبار الكلمتين بمعنى واحد نحو الرمان حلو حامض أي مز، فهما
بمثابة المفعول الثاني ولعله أولى وسيأتي تحقيقه في موضعه من هذا الكتاب.
البلاغة:
اشتملت هذه الآيات على أفانين متعددة من فنون البلاغة نذكرها فيما يلي:
١- التكرير:
١- التكرير وقد تقدم ذكره في قوله تعالى «ولم يجعل له عوجا قيما» فإن نفي العوج معناه إثبات الاستقامة وإنما جنح الى التكرير لفائدة منقطعة النظير وهي التأكيد والبيان، فرب مستقيم مشهود له بالاستقامة، مجمع على استقامته ومع ذلك فإن الفاحص المدقق قد يجد له أدنى عوج فلما أثبت له الاستقامة أزال شبهة بقاء ذلك الأدنى الذي يدق على النظرة السطحية الاولى.
٢- المطابقة:
فقد طابق سبحانه بين العوج والاستقامة فجاء الكلام حسنا لا مجال فيه لمنتقد كما حدث لأبي الطيب الذي أهمل المطابقة في قصيدة من أبدع قصائده وذلك انه أنشد في مجلس سيف الدولة قوله:
نظرت الى الذين أرى ملوكا | كأنك مستقيم في محال |
فإن تفق الأنام وأنت منهم | فإن المسك بعض دم الغزال |
ولكل عين قرة في قربه | حتى كأن مغيبه الأقذاء |
ولم يعظم لنقص كان فيه | ولم يزل الأمير ولن يزالا |
وكذلك قوله رغم سموه وابداعه:
لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها | سرور محب أو اساءة مجرم |
وانه المشير عليك فيّ بضدّه | فالحر ممتحن بأولاد الزنا |
٣- نفي الشيء بايجابه:
وذلك في قوله تعالى «وقالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم» وقد تقدم ذكر هذا الفن وله تسمية أخرى وهي عكس الظاهر وهو من مستطرفات علم البيان وذلك أن تذكر كلاما يدل ظاهره على أنه نفي لصفة موصوف وهو نفي للموصوف أصلا فإن لقائل أن يقول: ان اتخاذ الله ولدا هو في حد ذاته محال فكيف ساغ قوله «مالهم به من علم» ؟
وهو يشبه الاعتراض في قوله تعالى «وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا» فإن ذلك كله وارد على سبيل التهكم وإلا فلا سلطان على الشرك حتى ينزل، والولد في حد ذاته محال لا يستقيم تعلق العلم ولكنه ورد على سبيل التهكم والاستهزاء بهم، ونظيره كما تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تثنى فلتاته» أي لا تذاع سقطاته وليس ثمة فلتات فتثنى وقول الشاعر يصف فلاة:
لا تفزع الأرنب أهوالها | ولا ترى الضبّ بها ينجحر |
٤- التشبيه التمثيلي البليغ المصون عن الابتذال:
وذلك في قوله تعالى «فلعلك باخع نفسك على آثارهم ان لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا» فقد شبهه تعالى وإياهم حين تولوا عنه ولم يؤمنوا به وأصروا على المكابرة والعناد واللجاج بالسفسطة الباطلة ثم ما تداخله من جراء ذلك من وجد وأسف على توليهم وإشفاق عليهم لسوء المغاب التي تؤول إليها أمورهم. شبه ذلك سبحانه برجل فارقه أحبته وأعزته فهو يتساقط حسرات على آثارهم ويبخع نفسه وجدا عليهم وتلهفا على فراقهم وأتى بهذه الصورة الفريدة صيانة لتشبيهه من الابتذال فإن التلهف على فراق الأحبة، واستشعار الوجد أمر شائع تناوله الشعراء في أشعارهم، وتحدثوا في قصائدهم عن لواعجهم، وهذا مقياس يقاس به البليغ يترفع في تشبيهه المألوف عن العادي من التشبيه بتزاويقه وتحاسينه ويفيض عليه من روائه وكان المتنبي، بنوع خاص، يتفطن لذلك ويصون تشبيهه الذي لا مندوحة له عنه من الابتذال وسنورد لك نماذج من شعره لتعلم الى أي مدى بلغ هذا الشاعر الخالد.
فقد صور أبو الطيب موقفا من مواقف الغزل اضطر فيه إلى تشبيه نفسه بالميت المتكلم ومحبوبته بالبدر المبتسم وكلا هذين التشبيهين وارد تناولته الشعراء فابتذل وذهبت جدته وإذن فليجعل من الحوار وسيلة إلى تصوير موقف رائع يحلو فيه التشبيه ويبدو معه جديدا كل الجدة قال:
نرى عظما بالبين والصد أعظم | ونتهم الواشين والدمع منهم |
ومن لبّه مع غيره كيف حاله | ومن سره في جفنه كيف يكتم |
ولما التقينا والنوى ورقيبنا | غفولان عنا ظلت أبكي |
وتبسم فلم أر بدرا ضاحكا قبل وجهها | ولم تر قبلي ميتا يتكلم |
ونعود الى الآية فنقول ان الله تعالى أراد أن يسلي نبيه وأن يهدهد عنه ما ألم به من جوى وارتماض فعرض الموقف بصيغة الترجي وان كان المراد به النهي أي لا تبخع نفسك ولا تهلكها من أجل غمك على عدم إيمانهم وأتى بهذا التشبيه التمثيلي البديع والأسف المبالغة في الحزن.
الفوائد:
١- نصب المفعول لأجله:
اشترط النحاة لنصب المفعول لأجله خمسة أمور وهي:
١- كونه مصدرا.
٢- كونه قلبيا من أفعال النفس الباطنة كالتعظيم والاحترام والإجلال والتحقير والخشية والخوف والجرأة والرغبة والرهبة صفحة رقم 538
والحياء والوقاحة والشفقة والعلم والجهل ونحوها ويقابل أفعال الجوارح أي الحواس الظاهرة وما يتصل به كالقراءة والكتابة والقيام والقعود والوقوف والجلوس والمشي والنوم واليقظة وغيرها وذلك لأن العلة هي الحاملة على إيجاد الفعل والحامل على الشيء متقدم عليه وأفعال الجوارح ليست كذلك.
٣- كونه علة لأنه الباعث على الفعل.
٤- اتحاده مع الفعل المعلل به في الزمان فلا يجوز: تأهبت اليوم السفر غدا لأن زمن التأهب غير زمن السفر.
٥- اتحاده مع الفعل المعلل به في الفاعل فلا يجوز: جئتك محبتك إياي لأن فاعل المجيء المتكلم وفاعل المحبة المخاطب.
ومتى فقد شرطا من هذه الشروط وجب جره بحرف تعليل كاللام ومن والباء وفي، وفيما يلي أمثلة لكل شرط مفقود:
١- «والأرض وضعها للأنام» فالأنام علة للوضع ولكنه ليس مصدرا فلذلك جر باللام.
٢- «ولا تقتلوا أولادكم من إملاق» فإملاق هو علة القتل ولكنه ليس مصدرا قلبيا فلذلك جر بمن.
٣- قتلته صبرا، فصبرا مصدرا ولكنه ليس علة فامتنع نصبه مفعولا لأجله وامتنع جره باللام لأن اللام تفيد العلية.
٤- قول امرئ القيس:
فجئت وقد نضت لنوم ثيابها | لدى الستر إلا لبسة المتفضل |
وإني لتعروني لذكراك هزة | كما انتفض العصفور بلّله القطر |
ابدال المفرد من الجملة:
قلنا في الاعراب ان أبا حيان اختار اعراب قيما بدلا من جملة لم يجعل لها عوجا لأنها في معنى المفرد. وأقول ان النحاة صرحوا بابدال الجملة من المفرد بدل كل كقول الفرزدق:
إلى الله أشكو بالمدينة حاجة | وبالشام أخرى كيف يلتقيان |