آيات من القرآن الكريم

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا
ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖ

أن يضاف العاقبة إلى الله تعالى أو يوصف بالعاقبة، وإنما المعنى عاقبة طاعته خير من عاقبة طاعة غيره، فهو خير عقب طاعة وإثابة ونصرة وما يكون من هذا المعنى، ثم حذف المضاف إليه (١).
﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا﴾ [الكهف: ٤٥].
٤٥ - قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ قال ابن عباس: (يريد لقومك) (٢). وقوله تعالى: ﴿كَمَاءٍ﴾ الكاف في محل الرفع لخبر ابتداء محذوف، أي: هو كماء يعني: مثل الحياة الدنيا (٣).
﴿كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ﴾ يعني: المطر (٤). ﴿فَاخْتَلَطَ﴾ فالتف واجتمع به، بذلك الماء أي: بسببه؛ لأن النبات إنما يختلط ويكثر بالماء (٥).
وقال أبو إسحاق: (تأويله أنه نجع في النبات حتى خالطه، فأخذ النبات زخرفه) (٦). يريد: أن النبات شرب من ذلك الماء فبدأ فيه الري والنضارة، فعلى هذا الوجه قد اختلط النبات بالماء حيث يروى به.
وقوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ﴾ أي: النبات ﴿هَشِيمًا﴾ معنى الهَشْم في اللغة: الكسر، والهَاشِم: الذي يَهْشِم الخبز ويكسره في الثريد، وبه سمي

(١) "تفسير غريب القرآن" ١/ ٢٦٨، "مجاز القرآن" ١/ ٤٠٥، "القرطبي" ١/ ٤١١.
(٢) ذكره البغوي في "تفسيره" ٥/ ١٧٤ بدون نسبة، وكذلك القرطبي ١٠/ ٤١١.
(٣) "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٤٠٠ "المحرر الوجيز" ٩/ ٣١٩، "الدر المصون" ٧/ ٥٠٠.
(٤) "جامع البيان" ١٥/ ٢٦٤، "معالم التنزيل" ٥/ ١٧٤.
(٥) "المحرر الوجيز" ٩/ ٣١٩، "النكت والعيون" ٣/ ٣٠٩، "القرطبي" ١٠/ ٤١٢.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٩١.

صفحة رقم 33

هَاشِم، والهَشِيم: ما تَكَسَّر وتَهَشَّم وتَحَطَّم من يَبَسِ النبات (١).
وقال المفسرون في الهشيم: (أنه الكسير المتفتت) (٢).
وقوله تعالى: ﴿تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ﴾ الذَّرُّ حمل الريح الشيء ثم تثيره، يقال: ذَرَتْه الريح، تَذْرُوه، وتَذْرِيه، وبه قرأ عبد الله: (تَذْرِيه الرياح) (٣). وتَذْرُوة، وتَذْرِية وتُذْرِية لغات أربع (٤).
قال المفسرون: (تَرْفعه وتُفْرقه وتنسفه) (٥). وهذه الآية مختصرة من قوله في سورة يونس: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [يونس: ٢٤] الآية. وقد شرحناها هناك.
قال أبو إسحاق: (أعلم الله أن الحياة الدنيا زائلة، وأن مثلها هذا المثل) (٦).
وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرً﴾ أي: على كل شيء من الإنشاء والإفناء قادرًا، أنشأ النبات ولم يكن، ثم أفناه. قال الحسن: (كان الله على كل شيء مقتدرًا أن يكونه قبل كونه) (٧). قال الزجاج وهو مذهب

(١) انظر: "تهذيب اللغة" (هشم) ٤/ ٣٧٦٣، "مقاييس اللغة" (هشم) ٦/ ٥٣، "القاموس المحيط" (هشم) ١١٧٠،"الصحاح" (هشم) ٤/ ٢٠٥٨.
(٢) "جامع البيان" ١٥/ ٢٥٢، "معالم التنزيل" ٥/ ١٧٤، "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٢٥، "النكت والعيون" ٣/ ٣٠٩.
(٣) "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٢٠، "الكشاف" ٢/ ٣٩٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٠/ ٤١٣، "البحر المحيط" ٦/ ١٣٣.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" (ذرا) ٢/ ١٢٧٢، "لسان العرب" (ذرا) ٣/ ١٤٩١.
(٥) "معالم التنزيل" ٥/ ١٧٤، "المحرر الوجيز" ٣٢٠/ ٩، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ٩٥، "الجامع لأحكام القرآن" ١٠/ ٤١٣.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٩١.
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٩١.

صفحة رقم 34
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية