آيات من القرآن الكريم

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا
ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜ

المنعوتون بما ذكر من ضلال السعى مع الحسبان المزبور الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ بدلائله الداعية الى التوحيد عقلا ونقلا وَلِقائِهِ بالبعث وما يتبعه من امور الآخرة على ما هى عليه فَحَبِطَتْ بطلت بذلك أَعْمالُهُمْ المعهودة حبوطا كليا فلا يثابون عليها فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى لاولئك الموصوفين بما مر من حبوط الأعمال وَزْناً اى فنزدرى بهم ولا نجعل لهم مقدارا واعتبارا [بلكه خوار ومبتذل خواهند بود] لان مداره الأعمال الصالحة وقد حبطت بالمرة وحيث كان هذا الازدراء من عواقب حبوط الأعمال عطف عليه بطريق التفريع واما ما هو من اجزية الكفر فسيجيئ بعد ذلك وفى الحديث (يؤتى بالرجل الطويل الأكول الشروب فلا يزن جناح بعوضة) اى لا يوضع له قدر لخساسته وكفره وعجبه (اقرأوا ان شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) اى لا نضع لاجل وزن أعمالهم ميزانا لانه انما يوضع لاهل الحسنات والسيئات من الموحدين ليتميز به مقادير الطاعات والمعاصي ليترتب عليه التكفير او عدمه لان ذلك فى الموحدين بطريق الكمية واما الكفر فاحباط للحسنات بحسب الكيفية دون الكمية فلا يوضع لهم الميزان قطعا وفى التأويلات النجمية لان وزن الاشخاص والأعمال فى ميزان القيامة انما يكون بحسب الصدق والإخلاص فمن زاد إخلاصه زاد ثقل وزنه ومن لم يكن فيه وفى اعماله اخلاص لم يكن له ولا لعمله وزن ومقدار كما قال الله تعالى وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ اى بلا اخلاص فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً فلا يكون للهباء المنثور وزن ولا قيمة ذلِكَ اى الأمر ذلك وقوله تعالى جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ جملة مبينة له بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً يعنى بسبب كفرهم وإنكارهم لما يجب ايمانهم وإقرارهم به واتخاذهم القرآن وغيره من الكتب الالهية ورسل الله وأنبياءه سخرية واستهزاء من قبيل الوصف بالمصدر للمبالغة يعنى انهم بالغوا فى الاستهزاء بآيات الله ورسله فكأنهم جعلوها وإياهم عين الاستهزاء او المعنى مهزوا بهما او مكان هزء واعلم ان العلماء ورثة الأنبياء وعلومهم مستنبطة من علومهم فكما ان العلماء العاملين ورثة الأنبياء والمرسلين فى علومهم وأعمالهم كذلك المستهزءون بهم ورثة ابى جهل وعقبة ونحوهما فى استهزائهم وضلالهم ومن استهزاء ابى جهل بالنبي ﷺ انه كان يخلج بانفه وفمه خلف رسول الله يسخر به فاطلع عليه عليه السلام يوما فقال (كن كذلك) فكان كذلك الى ان مات. ومن استهزاء عقبة به عليه السلام انه بصق يوما فى وجه النبي ﷺ فعاد بصاقه على وجهه وصار برصا وفى حقه نزل وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ اى فى النار يأكل احدى يديه الى المرفق ثم يأكل الاخرى فتنبت الاولى فيأكلها وهكذا كذا فى انسان العيون وفى الحديث (ان المستهزئين بالناس يفتح لاحدهم باب من الجنة فيقال هلم هلم فيجيئ بكربه وغمه فاذا جاء اغلق دونه فما يزال كذلك حتى ان الرجل ليفتح له الباب فيقال هلم هلم فما يأتيه) كما فى الطريقة اللهم اجعلنا من اهل الجد لا من اهل الهزل ووفقنا للعمل بما فى القرآن الجزل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا فى الدنيا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ من الأعمال وهى ما كانت خالصة لوجه الله تعالى كانَتْ لَهُمْ فى علم الله تعالى جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ [بهشتهاى فردوس يعنى بوستانهاى مشتمل بر أشجار كه

صفحة رقم 305

الى الرب اشعار به واشارة اليه وتسمية الممكنات بالكلمات من تسمية المسبب باسم السبب لانها انما تكوّنت بكلمة كن كما قال تعالى إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ الآية ومحصل الكلام ان نفاد البحر وقوعا او فرضا امر ذاتى غير معلل مطلقا كان مدادا أم لا فان كل جسم متناه ونافد قطعا وعدم نفاد كلمات الرب لا وقوعا ولا فرضا امرا صلى غير معلل ازلا فانها غير متناهية ابدا ولا نافدة سرمدا انتهى كلام حضرة الشيخ روح الله روحه قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ قل يا محمد ما انا الا آدمي مثلكم فى الصورة ومساويكم فى بعض الصفات البشرية يُوحى إِلَيَّ من ربى أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ما هو الا متفرد فى الالوهية لا نظير له فى ذاته ولا شريك له فى صفاته يعنى انا معترف ببشريتى ولكن الله من على من بينكم بالنبوة والرسالة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان بنى آدم فى البشرية واستعداد الانسانية سواء النبي والولي والمؤمن والكافر والفرق بينهم بفضيلة الايمان والولاية والنبوة والوحى والمعرفة بان اله العالمين اله واحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد انتهى كما قال الشيخ سعدى

ره راست بايد نه بالاى راست كه كافر هم از روى صورت چوماست
فَمَنْ كانَ يَرْجُوا شرط جزاؤه فليعمل. والمعنى بالفارسية [پس هر كه اميد ميدارد] لِقاءَ رَبِّهِ قال فى الإرشاد كان للاستمرار ولرجاء توقع وصول الخبر فى المستقبل والمراد بلقائه كرامته اى فمن استمره على رجاء كرامته تعالى وقال الامام أصحابنا حملوا لقاء الرب على رؤيته والمعتزلة على لقاء ثوابه يقال لقيه كرضيه راء كما فى القاموس فَلْيَعْمَلْ لتحصيل ذلك المطلوب العزيز عَمَلًا صالِحاً [كارى شايسته يعنى پسنديده خداى] قال الانطاكى من خلق المقام بين أيدي الله فليعمل عملا يصلح للعرض عليه والرجاء يكون بمعنى الخوف والأمل كما فى البغوي وقال ذو النون العمل الصالح هو الخالص من الرياء وقال ابو عبد الله القرشي العمل الصالح الذي ليس للنفس اليه التفات ولا به طلب ثواب وجزاء وقال فى التأويلات النجمية العمل الصالح متابعة النبي عليه السلام والتأسي بسنته ظاهرا وباطنا فاما سنة باطنه فالتبتل الى الله وقطع النظر عما سواه [يعنى ديده همت از ما سوى بر بستن وجز بشهود حضرت مولى ناكشودن] كما قال الله تعالى ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى
روى از همه برتافتم وسوى تو كردم چشم از همه بربستم وديدار تو ديدم
وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [شريك نيارد وانباز نسازد بپرستش پروردگار خود يكى را] قال ابو البقاء اى فى عبادة ربه ويجوز ان يكون على بابه اى بسبب عبادة ربه انتهى وفى الإرشاد اشراكا جليا كما فعله الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ولا اشراكا خفيا كما يفعله اهل الرياء ومن يطلب به اجرا انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما لم يقل ولا شرك به لانه أراد العمل الذي يعمله ويحب ان يحمد عليه وعن الحسن هذا فيمن أشرك بعمل يريد الله به والناس على ما روى ان جندب بن زهير رضى الله عنه قال لرسول الله ﷺ انى لاعمل العمل لله فاذا اطلع عليه أحد سرنى فقال (ان الله لا يقبل ما شورك فيه) فنزلت تصد يقاله عليه السلام وروى انه قال له (لك أجران اجر السر واجر العلانية) وهذا على

صفحة رقم 309

حسب النية فاذا سره ظهوره ليقتدى به كما هو شأن الكاملين المخلصين المعرضين عما سوى الله او تنتفى عنه التهمة إذ كان ذلك من الواجبات فله أجران فاما إذا أراد به مجرد مدح الناس وانتشار الصيت والذكر فهو محض الرياء والشرك فيخفى المقتدى احترازا عن إفساد العمل وعن عبد الله بن غالب انه كان إذا أصبح يقول رزقنى الله البارحة خيرا قرأت كذا وصليت كذا فاذا قيل له يا أبا فراس أمثلك يقول مثل هذا يقول قال الله تعالى وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وأنتم تقولون لا تحدث بنعمة الله وانما يجوز مثله إذا قصد به اللطف وان يقتدى به غيره وأمن على نفسه الفتنة والستر اولى ولو لم يكن فيه الا التشبه باهل الرياء والسمعة لكفى كذا فى الكشاف فى سورة الضحى. والآية جامعة لخلاصتى العلم
والعمل وهما التوحيد والإخلاص فى العمل: قال الشيخ سعدى قدس سره

عبادت بإخلاص نيت نكوست وكر نه چهـ آيد زبى مغز پوست
چهـ زنار مغ در ميانت چهـ دلق كه در پوشى از بهر پندار خلق
بروى ريا خرقه سهلست دوخت كرش با خدا در توانى فروخت
قال فى بحر العلوم ان قلت ما معنى الرياء قلت العمل لغير الله بدليل قوله عليه السلام (ان أخوف ما أخاف على أمتي الا شراك بالله اما انى لا أقول يعبدون شمسا ولا قمرا ولا شجرا ولا وثنا ولكن أعمالا لغير الله تعالى) قال فى الأشباه ولا يدخل الرياء فى الصوم انتهى هذا إذا لم يجوّع نفسه إظهارا لاثره فى وجهه او لم يقل ولم يعرض به كما لا يخفى على ما روى عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول (من صلى صلاة يرائى بها فقد أشرك ومن صام صوما يرائى به فقد أشرك) وقرأ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ الآية كما فى الحدادي وقس عليه التصدق والحج وسائر وجوه البر
مرايى هر كسى معبود سازد مرايى را از ان كفتند مشرك
وفى الحديث (انما حرم الله الجنة على كل مرائى) ليس البر فى حسن اللباس والزي ولكن البر المسكنة والوقار
كرا جامه پاكست وسيرت پليد در دوزخش را نبايد كليد
بنزديك من شب رو راهزن به از فاسق پارسا پيرهن
وفى الحديث (إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان أشرك فى عمل عمله لله أحدا فليطلب ثواب عمله من عند غير الله فان الله اغنى الشركاء عن الشرك)
ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار چودر خانه زيد باشى بكار
وفى الحديث (ان فى جهنم واديا تستعيذ جهنم من ذلك الوادي فى كل يوم مائة مرة أعد ذلك للمرائين) وفى الحديث (اتقوا الشرك الأصغر) قيل وما الشرك الأصغر قال (الريا) وفى الحديث (ان أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي فاياكم وشرك السرائر فان الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا فى الليلة الظلماء) فشق على الناس فقال عليه السلام (أفلا أدلكم على ما يذهب

صفحة رقم 310

صغير الشرك وكبيره قولوا اللهم انى أعوذ بك من ان أشرك بك شيأ وانا اعلم واستغفرك لما لا اعلم) كذا فى عين المعاني- حكى- ان بعض الخلفاء أراد ان يتطهر فعدا غلمانه ليصبوا عليه الماء فصدهم عن ذلك وتلا هذه الآية وأظنه المرتضى على بن ابى طالب رضى الله عنه كذا فى الاسئلة المقحمة لابى القاسم الفزاري يقول الفقير كان المرتضى رضى الله عنه عمم الإشراك الى الرياء والاستعانة فى الوضوء ونحوه نظرا الى ظاهر النظم وذلك زيادة فى التقوى ونظيره ان الشافعي أوجب الوضوء من لمس المرأة باليد ونحوها نظرا الى اطلاق قوله تعالى أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ وهو عمل بالعزيمة كما لا يخفى وعن ابى الدرداء رضى الله عنه قال قال عليه السلام (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) رواه مسلم قال ابن ملك اللام فيه للعهد ويجوز ان تكون للجنس لان الدجال من يكثر منه الكذب والتلبيس وقد جاء فى الحديث (يكون فى آخر الزمان دجالون) فاهل الأهواء والبدع دجاجلة زمانهم والسر فى العصمة منه ان هذه الآيات العشر مشتملة على قصة اصحاب الكهف وهم لما التجئوا الى الله تعالى من شر دقيانوس الكافر أنجاهم الله منه فالمرجو منه تعالى ان يحفظ قارئها من الدجال ويثبته على الدين القويم وفى رواية للنسائى (من قرأ العشر الأواخر من من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال عليه السلام (من قرأ الكهف كما أنزلت كانت له نورا يوم القيامة من مقامه الى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يسلط عليه) رواه الحاكم وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال عليه السلام (من قرأ سورة الكهف فى يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه الى عنان السماء يضيئ له يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين) وعن ابى سعيد (قال من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق) رواه الدارمي فى مسنده موقوفا على ابى سعيد كذا فى الترغيب والترهيب للامام المنذرى وفى تفسير التبيان روى عبد الله بن فردة رضى الله عنه قال قال عليه السلام (ألا أدلكم على سورة شيعها سبعون الف ملك حين نزلت ملأ عظمها ما بين السماء والأرض لتاليها مثل ذلك) قالوا بلى يا رسول الله قال (سورة الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر له الى يوم الجمعة الاخرى وزيادة ثلاثة ايام واعطى نورا يبلغ السماء ووقى فتنة الدجال) وفى تفسير الحدادي عن ابى بن كعب رضى الله عنه قال قال عليه السلام (من قرأ سورة الكهف فهو معصوم الى ثمانية ايام من كل فتنة تكون فيها ومن قرأ الآية التي فى آخرها حين يأخذ مضجعه كان له نور يتلألأ الى مكة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم من مضجعه وان كان مضجعه بمكة فتلاها كان له نور يتلألأ من مضجعه الى البيت المعمور حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه ويستغفرون له حتى يستيقظ) وفى تفسير البيضاوي عن النبي عليه السلام (من قرأ عند مضجعه قل انما انا بشر مثلكم كان له نور فى مضجعه يتلألأ الى مكة حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يستيقظ) وفى فتح القريب من قرأ عند ارادة النوم (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات) إلخ ثم قال اللهم أيقظني فى أحب الأوقات إليك واستعملني بأحب الأعمال إليك فانه سبحانه يوقظه

صفحة رقم 311
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية