آيات من القرآن الكريم

قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا
ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ

وأمالَ الكسائيُّ وخلفٌ لنفسِه، وعن حمزةَ فتحة النونِ والهمزةِ، وأمال أبو بكرٍ عن عاصمٍ، والسوسيُّ عن أبي عمرٍو بخلافٍ عنه، وخلادٌ عن حمزةَ فتحَ الهمزةِ فقط، وفتحوا النونَ، وقرأ الباقون: بفتحِ النونِ والهمزةِ على وزنِ نَعَى (١).
﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ﴾ الشدةُ والبلاءُ ﴿كَانَ يَئُوسًا﴾ شديدَ القنوطِ من رحمةِ اللهِ تعالى.
...
﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (٨٤)﴾.
[٨٤] ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ طريقتِهِ.
﴿فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا﴾ أوضحُ طريقًا.
...
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)﴾.
[٨٥] روى عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ: أنه كانَ مع رسولِ الله - ﷺ -، فمرَّ على حرثٍ بالمدينةِ، وإذا فيه جماعةٌ من اليهودِ، فقالَ بعضُهم لبعضٍ: سلوهُ عن الرُّوحِ، فإن أجابَ فيه، عرفتم أنه ليسَ بنبيٍّ، وذلكَ أنه كانَ عندَهم في التوراةِ أنَّ الروحَ مما انفردَ اللهُ تعالى بعلِمه، ولا يُطْلع عليه أَحَدًا من عبادِه، قال ابنُ مسعودٍ: وقالَ بعضُهم: لا تسألوه؛ لئلَّا يأتيَ فيه بشيء تكرهونه،

= (٢/ ٣٠٨)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٣٣٥ - ٣٣٦).
(١) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٢٨٦)، والمصادر السابقة.

صفحة رقم 126

قال: فسألوهُ، فوقفَ رسولُ الله - ﷺ - متوكئًا على عسيبٍ، فظننتُ أنه يُوحَى إليه، ثم تلا عليهم: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ (١).
قال الجمهور: وقعَ السؤالُ عن الأرواحِ التي في الأشخاصِ الحيوانيةِ ما هي؟ فالروحُ اسمُ جنسٍ على هذا، وهو الشكلُ الذي لا تفسيرَ له، وفسرَها جمهورُ المتكلمين بجسمٍ لطيفٍ مشتبكٍ بالبدنِ اشتباكَ الماءِ بالعودِ الأخضرِ، وقال كثيرٌ منهم: إنها عَرَضٌ، وهي الحياةُ التي صارَ البدنُ بوجودها حَيًّا، قالَ السَّهْرَوَرْدِيُّ: ويدلُّ للأول وصفُها في الأخبارِ بالهبوطِ والعُروج والتردُّدِ في البرزخ، وقيل: هو جبريلُ، أو ملكٌ أعظمُ منهُ ومن جميعِ الملائكة، وقيل: عيسى عليه السلام، وقيلَ: القرآنُ، قالَ ابنُ عطيةَ: والأولُ أظهرهُا وأصوبُها (٢)، قال الكواشيُّ: واختلفوا فيه، وفي ماهيته، ولم يأتِ أحدٌ منهم على دعواهُ بدليلٍ قطعيٍّ، غيرَ أنه شيءٌ بمفارقتهِ يموتُ الإنسانُ، وبملازمته له يبقى.
ثم أومأ تعالى إلى تعذُّرِ معرفتهِ حقيقةً بقوله: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ أي: من علمِه ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ﴾ أيُّها المؤمنونَ والكافرونَ.
﴿مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ في جنبِ علمِ اللهِ تعالى، فالخطابُ في هذا لجميعِ العالَم، وهو الصحيحُ.
وحُكِيَ أن عظيمَ الرومِ كتبَ إلى أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه يسألهُ عن الروحِ، فكتب لهُ الإمامُ عمرُ الآيةَ الشريفة

(١) رواه البخاري (٤٤٤٤)، كتاب: التفسير، باب: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾، ومسلم (٢٧٩٤)، كتاب: صفات المنافقين وأحكامهم، باب: سؤال اليهود النبي - ﷺ - عن الروح.
(٢) انظر: "المحرر الوجيز" (٣/ ٤٨٢).

صفحة رقم 127
فتح الرحمن في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو اليمن مجير الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العليمي الحنبلي
تحقيق
نور الدين طالب
الناشر
دار النوادر (إصدَارات وزَارة الأوقاف والشُؤُون الإِسلامِيّة - إدَارَةُ الشُؤُونِ الإِسلاَمِيّةِ)
سنة النشر
1430 - 2009
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
7
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية