آيات من القرآن الكريم

قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا
ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ

[ تعالى].
وهذه مثل قوله في مريم: ﴿إِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرحمن خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً﴾ [مريم: ٥٨].
وقوله: ﴿إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً﴾.
أي: ما كان وعد ربنا من ثواب وعذاب إلا مفعولاً. وقيل: معناه: إن كان وعد ربنا أن يبعث محمداً ﷺ لمفعولاً.
قال: ﴿قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن﴾.
معنى الآية: أن النبي ﷺ كان يدعو ربه فيقول: مرة يا الله، ومرة: يا رحمن. فظن الجاهلون من المشركين أنه يدعو الهين. فأنزل الله تعالى هذه الآية احتجاجاً عليهم.
قال ابن عباس: سمع المشركون النبي ﷺ يدعو في سجوده يا رحمن يا

صفحة رقم 4310

رحيم: فقالوا: [إن] هذا يزعم أنه يدعو واحداً وهو يدعو مثنى مثنى. فأنزل الله [ تعالى] الآية: ﴿قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن﴾.
وروي: أن أبا جهل سمع النبي ﷺ وهو ساجد يقول في دعائه يا الله يا رحمن فقال: يا معشر قريش، محمد ينهانا أن نعبد إلهين وهو يعبد إلهاً آخر يقال له الرحمن، فأنزل الله [ تعالى] الآية.
وقوله: ﴿أَيّاً مَّا تَدْعُواْ﴾.
ما صلة، و (ايا) منصوب بتدعوا. وتدعوا جزم بالشرط وقيل [" ما "] بمعنى أي كررت لاختلاف [اللفظ كما تقول ما إن رأيتكما الليلة. فإن بمعنى ما كررت لاختلاف]. اللفظين.
وقال الأخفش ﴿أَيّاً مَّا تَدْعُواْ﴾ معناه: أي الدعاءين تدعوا كأنه يجعل ما اسماً.

صفحة رقم 4311

وقال أبو إسحاق: المعنى: أي الأسماء تدعو إن / دعوت الله أو الرحمن فكله اسم لله لأن له الأسماء الحسنى.
ويلزم في هذين القولين ألا تنون " أي ": وأن تكون مضافة إلى " ما ". وفي إجماع المصاحف والقراء على تنوين " أي ": ما يدل على صحة كون " ما " زائدة للتأكيد وكونها بمعنى " أي " أعيد للتأكيد وحسن ذلك لاختلاف اللفظ.
ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ﴾.
قالت عائشة رضي الله عنها، وابن عباس، ومجاهد، وابن جبير وعروة بن الزبير: نزلت في الدعاء. فالصلاة هنا الدعاء على قولهم.
وقال الضحاك: هي منسوخة بقوله: ﴿واذكر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً﴾ [الأعراف: ٢٠٥]. الآية، وروي ذلك عن ابن عباس أيضاً: أن " الصلاة " هنا: القراءة في الصلاة، قال: كان

صفحة رقم 4312

النبي ﷺ إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع ذلك المشركون، سبوا القرآن، ومن أنزله، ومن جاء به. فقال الله [ تعالى] لنبيه ﷺ ﴿ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ﴾ فيسمع المشركون ﴿وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا﴾ حتى لا يسمعك أصحابك ﴿وابتغ بَيْنَ ذلك سَبِيلاً﴾ أي: اطلب بين الإعلان والتخافت طريقاً.
قال الضحاك: هذا كان بمكة.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: نزلت هذه الآية في التشهد. وكذلك قال ابن سيرين، قال: كانت العرب ترفع أصواتها بالتشهد، فنزلت هذه الآية في ذلك.
وقال عكرمة والحسن: كان النبي ﷺ يصلي بمكة جهاراً [فأمر] بإخفائها.

صفحة رقم 4313

وقال قتادة: معناه ولا تحسن صلاتك مرائياً في العلانية، ولا تخافت [بها] تسيئها في السريرة.
وعن ابن عباس أنه قال: لا تصل مراءاة للناس، ولا تدعها مخافة الناس.
واختار الطبري قول من قال: أنه الدعاء [لأنه] أتى عقيب قوله: ﴿[قُلِ] ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن﴾، فهي محكمة، لأن رفع الصوت بالدعاء مكروه، وهو قول أبي هريرة وأبي موسى الأشعري وعائشة رضي الله عنهم.
وقد روي عن النبي ﷺ: النهي عن رفع الصوت بالدعاء فقال: " إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً بصيراً ".

صفحة رقم 4314
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية