آيات من القرآن الكريم

وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا
ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ

وُجُوهِهِم... » «١» الحديثَ، وقوله: كُلَّما خَبَتْ أي: كلما فرغَتْ من إِحراقهم، فسكن اللهيبُ القائمُ عليهم قَدْرَ ما يعادون، ثم يثورُ، فتلك زيادة السعير، قاله ابن عَبَّاس «٢».
قال ع «٣» : فالزيادة في حيِّزهم، وأما جهنَّم، فعلى حالها من الشدَّة، لا فتور، وخَبَتِ النارُ، معناه: سَكَن اللهيبُ، والجَمْرُ على حاله، وخَمَدَتْ معناه، سكَن الجَمْر وضَعُف، وهَمَدَتْ معناه: طُفِئت جملةً.
وقوله سبحانه: ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا... الآية: الإِشارة ب ذلِكَ إِلى الوعيد المتقدِّم بجهنم.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٩٩ الى ١٠٠]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (١٠٠)
قوله عز وجل: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ... الآية:
الرؤيةُ في هذه الآية هي رؤية القَلْبِ، وهذه الآية احتجاجٌ عليهم فيما استبعدوه من البعث، «والأجل» هاهنا: يحتمل أن يريد به القيامة، ويحتمل أن يريد أَجَلَ الموت.
وقوله سبحانه: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي... الآية: ال رَحْمَةِ، في هذه الآية: المال والنِّعم التي تُصْرَفُ في الأرزاق.
وقوله: خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ المعنى: خشية عاقبةِ الإِنفاق، وهو الفَقْر، وقال بعض اللُّغويِّين، أنْفَقَ الرجُلُ معناه: افتقَرَ كما تقول أَتْرَبَ وأَقْتَرَ.
وقوله: وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً أي: ممسِكاً، يريدُ أنَّ في طبعه ومنتهى نظره أن الأشياء تتناهى وتفنى، فهو لو ملك خزائنَ رحمة الله، لأمسك خشيةَ الفَقْر، وكذلك يظنُّ أن قدرة اللَّه تقفُ دون البَعْث، والأمر ليس كذلك، بل قدرته لا تتناهى.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١٠١ الى ١٠٤]
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً (١٠١) قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (١٠٢) فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (١٠٣) وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (١٠٤)

(١) أخرجه الترمذي (٥/ ٣٠٥)، كتاب «التفسير» باب: ومن سورة الإسراء، حديث (٣١٤٢)، من حديث أبي هريرة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وأخرجه أحمد (٢/ ٣٥٤).
(٢) أخرجه الطبري (٨/ ١٥٣) برقم: (٢٢٧٢٦) بنحوه، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٨٧)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٣٦٩)، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في كتاب «الأضداد». [.....]
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٤٨٧).

صفحة رقم 499

وقوله سبحانه: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ... الآية: اتفق المتأوِّلون والرواةُ أن الآياتِ الخَمْسَ التي في «سورة الأعراف» هي من هذه التسْعِ، وهي: الطُّوفانُ والجَرَادُ والقُمَّل والضَّفادع والَّدمُ، واختلفوا في الأربَعِ. ت: وفي هذا الاتفاق نظَرٌ، وَرَوَى في هذا صفوانُ بنُ عَسَّال أن يهوديًّا من يهودِ المدينةِ، قال لآخَرَ: سِرْ بِنَا إِلى هذا النبيِّ نسأله عن آيات موسى، فقال له الآخر: لا تقل له إنَّه نَبيٌّ، فإِنه لَوْ سَمِعَها، صَارَ له أربعة أعيُنٍ، قال: فَسَارَا إِلى النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فسألاه، فقال: «هي لا تُشْرِكُوا باللَّه شيئاً، ولا تسرِقُوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم اللَّه إِلا بالحق، ولا تمشوا ببريءٍ إلى السلطان ليقتله، ولا تَسْحَرُوا، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا المُحْصَنَات، ولا تَفِرُّوا يَوْمَ الزَّحْف، وعليْكُمْ- خاصَّةَ معْشَرِ اليهودِ ألاَّ تَعْدُوا في السبت» «١». انتهى، وقد ذكر ع «٢» هذا الحديث.
وقوله سبحانه: فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ، أي: إِذ جاءهم موسى واختلف في قوله: مَسْحُوراً فقالتْ فرقة: هو مفعولٌ على بابه، وقال الطبري «٣» : هو بمعنى ساحرٍ، كما قال/ حِجاباً مَسْتُوراً [الاسراء: ٤٥] وقرأ الجمهور: «لَقَدْ عِلمْتَ»، وقرأ الكسائيُّ: «لَقَدْ عَلِمْتُ» بتاء المتكلِّم مضمومةً، وهي قراءة علي بن أبي طالب وغيره، وقال: ما علم عَدُوُّ اللَّه قطُّ، وإِنما علم موسى والإِشارة ب هؤُلاءِ إِلى التسع.
وقوله: بَصائِرَ: جمعُ بصيرةٍ، وهي الطريقةُ، أي طرائِقَ يُهْتَدَى بها، و «المثبور» المُهْلَكُ قاله مجاهد «٤»، فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ، أي: يستخفهم ويقتلهم،

(١) أخرجه الترمذي (٥/ ٣٠٥- ٣٠٦) كتاب «التفسير» باب: ومن سورة بني إسرائيل، حديث (٣١٤٤)، وأحمد (٤/ ٢٣٩- ٢٤٠)، والنسائي (٧/ ١١١- ١١٢)، كتاب «تحريم الدم» باب السحر، حديث (٤٠٧٨)، والحاكم (١/ ٩)، وأبو نعيم في «الحلية» (٥/ ٩٧- ٩٨)، والطبري (١٥/ ١٧٢)، والطبراني في «الكبير» (٨/ ٨٣- ٨٤) برقم: (٧٣٩٦)، وأخرجه ابن ماجه مختصرا برقم: (٣٧٠٥)، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٧٠)، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وأبي يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن قانع، وابن مردويه، وأبي نعيم، والبيهقي كلاهما في «الدلائل».
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٤٨٨).
(٣) ينظر: «الطبري» (٨/ ١٥٨).
(٤) أخرجه الطبري (٨/ ١٥٩) برقم: (٢٢٧٥٩)، وذكره البغوي (٣/ ١٤٠)، وابن عطية (٣/ ٤٨٩)، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٦٧).

صفحة رقم 500
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية