آيات من القرآن الكريم

وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ
ﯵﯶﯷﯸﯹ

ونعلم أن الرسل مُبشرِّين ومُنذرِين؛ ولسائل أنْ يقولَ: ولماذا تأتي صيغة الإنذار دائماً؟ وأقول: إن مَنْ يؤمن هو مَنْ يتلقَّى البشارة؛ أما مَنْ عليه أنْ يتوقَّع النِّذارة فهو الكافر المُنكِر.
وفي الإنذار تخويفٌ بشيء ينالُ منك في المستقبل؛ وعليك أنْ تَعُد العُدَّة لتبتعد بنفسك أن تكون فيه، والتبشير يكون بأمر تتمناه النَّفْس. وبالإنذار والتبشير يتضح الموقف بجلاء، ويُحَاط الإنسان بكل قضايا الحياة؛ ويتضح مسَار كُل أمرٍ من الأُمورِ.
وبذلك يكون الحق سبحانه في الآيتين السابقتين قد امتنَّ على رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بأنه قد آتاه السبع المثاني والقرآن العظيم؛ ولذلك يوصيه ألاَّ تطمح نفسه إلى ما أوتي بعضٌ من الكفار من جاه ومال، فالقرآن عزُّ الدنيا والآخرة.
ويوصيه كذلك بألا يحزنَ عليهم نتيجة انصرافهم عن دعوته، فليس عليه إلا البلاغ، وأن يتواضعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للمؤمنين ليزداد ارتباطهم به،

صفحة رقم 7772

فهم خير من كل الكافرين برسالته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. ثم يُوصيه الحق سبحانه أن يُبلغ الجميع أنه نذير وبشير، يوضح ما جاء في القرآن من خير يعُمَّ على المؤمنين، وعقاب ينزل على الكافرين.
وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «إنما مثَلي ومثَل ما بعثني اللهُ به كمثَلِ رجلٍ أتى قوماً فقال: يا قوم، إني رأيتُ الجيشَ بعينيَّ، وإني أنا النذير العُرْيان، فالنجاء النجاء، فأطاعه طائفة من قومه فَأدْلجوا فانطلقوا على مهلهِم فَنجَوْا، وكذَّبت طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم فصبَّحهم الجيش، فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثَل مَنْ أطاعني فاتَّبع ما جِئْتُ به، ومثَل مَنْ عصاني وكذَّب بما جئتُ به من الحقِّ».
ويقول سبحانه من بعد ذلك: ﴿كَمَآ أَنْزَلْنَا... ﴾.

صفحة رقم 7773
تفسير الشعراوي
عرض الكتاب
المؤلف
محمد متولي الشعراوي
الناشر
مطابع أخبار اليوم
سنة النشر
1991
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية