آيات من القرآن الكريم

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
ﭫﭬﭭﭮﭯ

وقوله: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ [٨٥] يُقال: للمتفكرين. ويُقال للناظرين المتفرسين.
قوله: الأَيْكَةِ [٧٨] قرأها الأعمش وعاصم والحسن البصرىّ: (الأيكة) بالهمز فِي كل القرآن. وقرأها أهلُ المدينة كذلك إلا فِي الشعراء وَفِي ص فإنَّهم جَعلوها بغير ألف ولام ولم يُجروها.
ونرى- والله أعلم- أنّها كتبت فِي هذين الموضعين عَلَى ترك الْهَمْز فسقطت الألف لتحرك اللام.
فينبغي أن تكون القراءة فيها بالألف واللام لأنَّها موضع واحد فِي قول الفريقين، والأيكة:
الغيضة.
وقوله: وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ [٧٩] يقول: بطريق لَهم يَمرونَ عليها فِي أسفارِهم. فجعل الطريق إمامًا لأنّه يُؤَمّ ويُتَّبع.
وقوله تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمنين [٨٢] أن تَخرَّ عليهم. ويُقال: آمنين للموت.
وقوله: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي [٨٧] يعني فاتحة الكتاب وهي سبع آيات فِي قول أهل المدينة وأهل العراق. أهل المدينة يعدون «١» (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) آية. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي حِبَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرّحيم آيَةٌ مِنَ الْحَمْدِ. وَكَانَ حَمْزَةُ يَعُدُّهَا آيَةً وَآتَيْنَاكَ (الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ).
وقوله: إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ [٨٩] كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ [٩٠] يقول: أنذرتكم ما أُنزل بالمقتسِمين. والمقتسمون رجال من أهل مكَّة بعثهم أهل مكَّة عَلَى عِقَابَها «٢» أيَّام الحج فقالوا: إذا سألكم الناس عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقولوا: كاهن. وقالوا لبعضهم قولوا: ساحر، ولبعضهم: يفرق

(١) أي لما لم يعدوا البسملة آية من الفاتحة عدوا أنعمت عليهم آية وبذلك كانت الآيات سبعا أما من عد البسملة آية فلا يعد (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) آية.
(٢) العقاب جمع عقبة وهى المرقى فى الجبل أو الطريق فيه.

صفحة رقم 91

بين الاثنين ولبعضهم قولوا: مجنون، فأنزلَ الله تبارك وتعالى بِهم خزيًا فماتوا أو خمسة منهم شرَّ مِيتة فسمّوا المقتسمين لأنَّهم اقتسموا طرق مكّة.
وقوله: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ [٩١] يقول: فَرَّقُوه إذ جعلوه سِحرًا وكذبًا وأساطيرَ الأولين. والعِضُونَ فِي كلام العرب: السحر بعينه. ويُقال: عضَّوهُ أي فَرَّقُوهُ كَما تُعضَّى الشاة والْجَزور. وواحدة الْعِضِين عِضَة رفعها عِضُون ونصبها وخفضها عِضِين. ومن العرب من يجعلها بالياء عَلَى كل حال ويُعْرِبُ نونها فيقول: عِضِينُك، ومررتُ بعضِينِك وسنينك وهي كثيرة فِي أَسَد وَتَمِيم. وَعَامِر. أنشدني بعض بني عَامِر:

ذرانِي من نَجْدٍ فإن سِنِينَه لعبنَ بنا شِيبا وشَّيبننا مُرْدا
مَتى نَنج حَبْوًا من سنينٍ ملحّة نشمّر لأخرى تنزل الأعصم الفردا «١»
وأنشدنى فِي بعض بني أسد:
مثل الْمَقَالِي ضُربت قُلينُها «٢»
من القلة وهي لُعبة للصبيان، وبعضهم:
إلى بُرين الصُّفْر الْمَلْويات «٣»
وواحد الْبُرِينِ بُرة. ومثل ذَلِكَ الثُّبين «٤» وعِزِينٌ «٥» يَجوز فِيهِ ما جاز فى العضين والسنين.
(١) الشعر للصمة بن عبد الله القشيري كما فى شواهد العيني فى مبحث الإعراب ١/ ١٧٠ على هامش الخزانة. والأعصم من الظباء والوعول: ما فى ذراعيه أو إحداهما بياض وسائره أسود أو أحمر. والعصم تسكن أعالى الجبال.
(٢) المقالى جمع المقلى أو المقلاء، والقلون جمع القلة. والقلة والمقلاء عودان يلعب بهما الصبيان. فالقلة خشبة قدر ذراع تنصب والمقلاء يضرب به القلة. وفى شفاء العليل فى حرف الناف أنها كات تسمى فى أيام المؤلف عقلة.
(٣) البرون جمع البرة وهى الحلقة من صفر أو غيره تجعل فى أنف البعير والصفر النحاس.
(٤) جمع ثبة وهى الجماعة والعصبة من الفرسان. وتجمع الثبة أيضا على ثبات. [.....]
(٥) العزون جمع العزة وهى العصبة من الناس.

صفحة رقم 92
معاني القرآن للفراء
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء
تحقيق
أحمد يوسف نجاتي
الناشر
دار المصرية للتأليف والترجمة - مصر
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية