آيات من القرآن الكريم

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
ﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹ

قومه كبناته فان كل نبى ابو أمته من حيث الشفقة والتربية رجالهم بنوه ونساؤهم بناته او أراد بناته الصلبية اى فتزوجوهن ولا تتعرضوا للاضياف وقد كانوا من قبل يطلبونهن ولا يجيبهم لخبثهم وعدم كفاءتهم لا لعدم مشروعية المناكحة بين المسلمات والكفار فان نكاح المؤمنات من الكفار كان جائزا فاراد ان يقى أضيافه ببناته كرما وحمية وقيل كان لهم سيدان مطاعان فاراد ان يزوجهما ابنتيه ايثا وزعورا إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ قضاء الشهوة فيما أحل الله دون ما حرم فان الله تعالى خلق النساء للرجال لا الرجال للرجال وفى الآيات فوائد الاولى ان إكرام الضيف ورعاية الغرباء من اخلاق الأنبياء والأولياء وهو من اسباب الذكر الجميل: قال الحافظ

تيمار غريبان سبب ذكر جميلست جانا مگر اين قاعده در شهر شما نيست
: وقال السعدي قدس سره
غريب آشنا باش وسياح دوست كه سياح جلاب نام نكوست
وفى الحديث (من اقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان وقرى الضيف دخل الجنة) كما فى الترغيب والثانية انه لا بد لكل مؤمن متق ان يسد باب الشر بكل ما أمكن له من الوجوه ألا ترى ان لوطا عليه السلام لما لم يجد مجالا لدفع الخبيثين عرض عليهم بناته بطريق النكاح وان كانوا غيرا كفاء دفعا للفساد والثالثة ان محل التمتع هى النساء لا الرجال كما قالوا ضرر النظر فى الأمرد أشد لامتناع الوصول فى الشرع لانه لا يحل الاستمتاع بالامرد ابدا: قال السعدي قدس سره
خرابت كند شاهد خانه كن برو خانه آباد گردان بزن
نشايد هوس باختن با گلى كه هر بامدادش بود بلبلى
مكن بد بفرزند مردم نگاه كه فرزند خويشت بر آيد تباه
چرا طفل يكروزه هوشش نبرد كه در صنع ديدن چهـ بالغ چهـ خرد
محقق همى بيند از آب وگل كه در خوبرويان چين و چكل
لَعَمْرُكَ قسم من الله تعالى بحياة النبي ﷺ وهو المشهور وعليه الجمهور والعمر بالفتح والضم واحد وهو البقاء الا انهم خصوا القسم بالمفتوح لايثار الأخف لان الحلف كثير الدور على ألسنتهم ولذلك حذفوا الخبر وتقديره لعمرك قسمى كما حذفوا الفعل فى قولهم تالله إِنَّهُمْ اى قوم لوط لَفِي سَكْرَتِهِمْ غوايتهم او شدة غلمتهم التي أزالت عقولهم وتمييزهم بين الخطأ الذي هم عليه والصواب الذي يشار به إليهم من ترك البنين الى البنات يَعْمَهُونَ يتحيرون ويتمارون فكيف يسمعون النصح قال فى القاموس العمه التردد فى الضلال والتحير فى منازعة او طريق او ان لا يعرف الحجة عمه كجعل وفرح عمها وعموها وعموهة وعمهانا فهو عمه وعامه انتهى. ويعمهون حال من الضمير فى الجار والمجرور كما فى بحر العلوم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما خلق الله تعالى نفسا أكرم على الله من محمد ﷺ وما سمعت الله اقسم بحياة أحد غيره وفى التأويلات النجمية هذه مرتبة

صفحة رقم 478

ورفعها الى السماء ثم هوى بها نحو الأرض ثم صاح بهم صيحة عظيمة فالجمع بين مصبحين ومشرقين باعتبار الابتداء والانتهاء فمقطوع على حقيقته فان دلالة اسمى الفاعل والمفعول على الحال وحال القطع هو حال المباشرة لا حال انقضائه لانه مجاز حينئذ وذلك ان تقول مقطوع بمعنى بقطع عن قريب فَجَعَلْنا عالِيَها [زبر آن شهرستانها را] سافِلَها زير آن يعنى زير وبر كردانيم آنرا] وذلك بان رفعناها الى قريب من السماء على جناح جبريل ثم قلبناها عليهم فصارت منقلبة بهم وقوله عاليها مفعول أول لجعلنا وسافلها مفعول ثان له وهو ادخل فى الهول والفظاعة من العكس وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ فى تضاعيف ذلك قبل تمام الانقلاب حِجارَةً كائنة مِنْ سِجِّيلٍ من طين متحجر عليه اسم من يرمى به فهلكوا بالخسف والحجارة قال فى القاموس السجيل كسكيت حجارة كالمدر معرب [سنك كل] او كان طبخت بنار جهنم وكتب فيها اسماء القوم او قوله تعالى مِنْ سِجِّيلٍ اى من سجل مما كتب لهم انهم يعذبون بها قال تعالى وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ والسجيل بمعنى السجين قال الأزهري هذا أحسن ما مر عندى وأبينها انتهى وفى الكواشي وأمطرنا على شذاذهم اى على من غاب عن تلك البلاد إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من القصة من تعرض قوم لوط لضيف ابراهيم طمعا فيهم وقلب المدينة على من فيها وامطار الحجارة عليها وعلى من غاب منهم لَآياتٍ لعلامات يستدل بها على حقيقة الحق ويعتبر لِلْمُتَوَسِّمِينَ اى المتفكرين المتفرسين الذين يبسطون فى نظرهم حتى يعرفوا حقيقة الشيء وباطنه بسمته. وبالفارسية [مر خداوندان فراست را كه بزيركى در نكرند وحقيقت ايشان بسمات آن بشناسند] يقال تو سمت فى فلان كذا اى عرفت وسمه فيه اى اثره وعلامته وتوسم الشيء تحيره وتفرسه وَإِنَّها [وبدرستى كه آن شهرستانهاى مؤتفكه] لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ اى طريق ثابت يسلكه الناس ويرون آثار تلك البلاد بين مكة والشام لم تندرس بعد فاتعظوا بآثارهم يا قريش إذ أذهبتم الى الشام لانها فى طريقكم إِنَّ فِي ذلِكَ اى فى كون آثار تلك القرى بمرأى من الناس يشاهدونها فى ذهابهم وإيابهم لَآيَةً عظيمة لِلْمُؤْمِنِينَ بالله رسوله فانهم الذين يعرفون ان ما حاق بهم من العذاب الذي ترك ديارهم بلاقع انما حاق بهم لسوء صنيعهم واما غيرهم فيحملون ذلك على الاتفاق او الأوضاع الفلكية. وافراد الآية بعد جمعها فيما سبق لما ان المشاهد هاهنا بقية الآثار لاكل القصة كما فيما سلف وقال فى برهان القرآن ما جاء فى القرآن من الآيات فلجمع الدلائل وما جاء من الآية فلو حدانية المدلول عليه فلما ذكر عقيبه المؤمنين وهم مقرون بوحدانية الله تعالى وحد الآية انتهى وفى الآيات فائدتان الاولى مدح الفراسة وهى الاصابة فى النظر وفى الحديث (ان كان فيما مضى قلبكم من الأمم محدثون) المحدث بفتح الدال المشددة هو الذي يلقى فى نفسه شىء فيخبر به فراسة ويكون كما قال وكأنه حدثه الملأ الأعلى وهذه منزلة جليلة من منازل الأولياء (فانه ان كان فى أمتي هذه فانه عمر بن الخطاب) لم يرد النبي عليه السلام بقوله ان كان فى أمتي التردد فى ذلك لان أمته أفضل الأمم وإذا وجد فى غيرها محدثون ففيها اولى بل أراد بها التأكيد لفضل عمر كما يقال ان يكن لى صديق فهو فلان يريد بذلك اختصاصه

صفحة رقم 480
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية