آيات من القرآن الكريم

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
ﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅ

اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ (٦٩) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (٧٠) قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ (٧٤) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ (٧٦) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ (٧٧) وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (٧٨) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ (٧٩)
شرح الكلمات:
وجاء أهل المدينة يستبثسرون: أي مدينة سدُوم، أي فرحين بإتيانهم الفاحشة.
واتقوا الله ولا تخزون: أي لا تذلوني في انتهاك حرمة ضيفي.
أولم ننهك عن العالمين: أي عن إجارتك لهم واستضافتك.
لفي سكرتهم يعمهون: أي غوايتهم، وشدة غُلّمتهم١ التي أزالت عقولهم، يترددون.
مشركين: أي وقت شروق الشمس.
من سجيل: أي طين طُبِخَ بالنار.
لآيات للمتوسمين: أي الناظرين المعتبرين.
لبسبيل مقيم: أي طريق قريش إلى الشام مقيم دائم ثابت.
أصحاب الأيكة: أي قوم شعيب عليه السلام، والأيكة غيضة شجر بقرب مدين.
وإنهما لبإمام مبين: أي قوم لوط، وأصحاب الأيكة لبطريق مبين واضح.
معنى الآيات:
مازال السياق مع لوط عليه السلام وضيفه من الملائكة من جهة، وقوم لوط من جهة

١ الغُلْمة: شدّة الشهوة الجنسية.

صفحة رقم 89

قال تعالى: ﴿وجاء أهل المدينة﴾ أي مدينة سدُوم وأهلها سكانها من اللوطيين، وقوله ﴿يستبشرون﴾ أي فرحين مسرورين لطمعهم في إتيان الفاحشة. فقال لهم لوط ما أخبر الله تعالى به: ﴿قال إن هؤلاء﴾ يشير إلى الملائكة ﴿ضيفي فلا تفضحون﴾ أي فيه أي بطلبكم إلى فاحشة، ﴿واتقوا الله﴾ أي خافوه ﴿ولا تخزون﴾ أي تهينوني وتذلوني. فأجابوا بما أخبر تعالى به عنهم: ﴿قالوا أولم ننهك عن العالمين﴾ أي أتقول ما تقول ولم تذكر أنا نهيناك عن استضافة أحد من الناس أو تجيره، فأجابهم لوط عليه السلام بما أخبر تعالى به عنه: ﴿قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين﴾ أي هؤلاء بناتي فتزوجوهن إن كنتم فاعلين ما أمركم به أو أرشدكم إليه. وقوله تعالى: ﴿لعمرك إنهم١ لفي سكرتهم يعمهون﴾ أي وحياتك يا رسولنا، إنهم أي قوم لوط ﴿لفي سكرتهم﴾ غوايتهم التي أذهبت عقولهم فهبطوا إلى درك أسفل من درك الحيوان، ﴿يعمهون﴾ أي حيارى يترددون. ﴿فأخذتهم الصيحة مشرقين﴾ أي صيحة جبريل عليه السلام مشرقين مع إشراق الشمس. وقوله تعالى ﴿فجعلنا عاليها سالفها﴾ أي جعلنا عالي المدن سافلها وهو قلبها ظهراً على بطن، ﴿وأمطرنا عليهم﴾ فوق ذلك ﴿حجارة من سجيل﴾ أي من طين مطبوخ بالنار. وقوله تعالى: ﴿إن في ذلك لآيات للمتوسمين٢﴾ أي إن في ذلك المذكور من تدمير مدن كاملة بما فيها لآيات وعبر وعظات للمتوسمين أي الناظرين نظر تفكر وتأمل لمعرفة الأشياء بسماتها وعلاماتها. وقوله تعالى: ﴿وإنها لسبيل مقيم﴾ أي وإن تلك القرى الهالكة لبطريق ثابت باق يمر به أهل مكة في أسفارهم إلى الشام. وقوله ﴿إن في ذلك لآية للمؤمنين﴾ أي لعبرة للمؤمنين فلا يقدمون على محارم الله، ولا يرتكبون معاصيه. وقوله تعالى: ﴿وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين﴾. هذه إشارة خاطفة إلى قصة شعيب عليه السلام مع قومه أصحاب الأيكة، والأيكة الفيضة من الشجر الملتف.. وكانت منازلهم

١ هذا الإقسام بحياة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشريفاً له، وأصل عمرك بضم العين وفتحت لكثرة الاستعمال، وجائز أن يكون القسم بحياة لوط أيضاً، وليس لأحد أن يجيز القسم بغير الله محتجاً بهذا القسم الإلهي فان لله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه، فقد أقسم بالشمس وضحاها، وأقسم بالسماء والليل وغيرها من مخلوقاته ولا اعتراض عليه وأما العباد فقد أعلن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن حرمة الحلف بغير الله فقد قال: "من حلف بغير الله فقد أشرك" رواه الترمذي.
٢ روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسر المتوسمين بالمتفرسين إذ قال: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ثم قرأ: ﴿إن في ذلك لآيات للمتوسمين﴾ " رواه الترمذي واستغربه، وقيل: للناظرين كما قال الشاعر:
أو كلما وردت عكاظ قبلية
بعثوا إليّ عريفهم يتوسّم
وأصل التوسم: النظر بتثبت وتفكر وعليه فما ورد في التوسم من النظر والتفرس كله متقارب المعنى.

صفحة رقم 90

بها وكانوا مشركين وهو الظلم في قوله ﴿وإن كان أصحاب الأيكة١ لظالمين﴾ لأنفسهم بعبادة غير الله تعالى، وقوله تعالى: ﴿فانتقمنا منهم﴾ أي أهلكناهم بحر شديد يوم الظلة وسيأتي الحديث عنهم في سورة الشعراء قال تعالى هناك فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم. وقوله: ﴿وإنهما لبإمام مبين﴾ الإمام الطريق لأن الناس يمشون فيه وهو أمامهم، ومبين واضح. والضمير في قوله وإنهما عائد على قوم لوط، وقوم شعيب وهم أصحاب الأيكة لا أصحاب مدين لأنه أرسل إلى أصحاب الأيكة وإلى أهل مدين، والطريق طريق قريش إلى الشام، والقصد من ذكر هذا وعظ قريش وتذكرهم، فهل يتعظون ويتذكرون؟
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان إهلاك قوم لوط.
٢- إنكار الفاحشة وأنها أقبح فاحشة تعرفها الإنسانية هي إتيان الذكور.
٣- بيان دفاع لوط عليه السلام عن ضيفه حتى فداهم ببناته.
٤- شرف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث أقسم الله تعالى بحياته في قوله ﴿لعمرك﴾.
٥- الحث على نظر التفكر والاعتبار والتفرس فإنه أنفع للعقل البشري.
٦- بيان نقمة الله تعالى من الظالمين للاعتبار والاتعاظ.
٧- تقرير نبوة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ مثل هذه الأخبار لن تكون إلا عن وحي إلهي.
وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٨١) وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (٨٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (٨٣) فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (٨٤)

١ جمع الأيكة وهي جماعة الشجر الأيك، أو سميت القرية بالأيكة باعتبار الأصل.

صفحة رقم 91
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية