آيات من القرآن الكريم

وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ
ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ

(وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦)
هذه صورة من طغيانهم، طغت الأوثان على تفكيرهم، حتى حسبوا من يدعو إلى التوحيد مجنونا، وأكدوا جنونه وقالوا مخاطبين النبي - ﷺ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكرُ) النداء للبعيد، لكبر الدعوى التي يدعونها، وهي جنون النبي - ﷺ -، و (الذِّكرُ)، أي المذكر لهم ببطلان عبادة الأوثان، وأنها أحجار لا تضر ولا تنفع، وتسميته بالذكر من اللَّه تعالى لَا منهم؛ لأنهم لو علموه ذكرا ما أنكروه، والجملة كيفما كان أمرهم ساقوها متهكمين لاذعين بالقول، كما حكى اللَّه تعالى عن الملأ من آل فرعون: (قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكمْ

صفحة رقم 4068

لَمَجْنُونٌ)، فالكلام سوق لبيان تهكمهم على رسولهم، وإن كان فيه إشارة إلى التنديد بهم، وهو أنهم بدل أن يعتبروا ويتذكروا يتهكمون مع أنه ذِكْرٌ لهم.
وقد أكدوا دعواهم بجنونه فقالوا: (إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) خاطبوا النبي - ﷺ - بذلك الخطاب الذي يبهت كل عاقل مدرك، أكدوه بـ (إنَّ) التي لتوكيد القول، وبالجملة الاسمية، وباللام، وإن هذا يدل على شدة تمسكهم بعبادة الأوثان حتى عدوا كل من يدعو إلى تركها مجنونا، ويدل على شدة طغيانهم وأنهم لَا يذعنون للحق، وإن دلت عليه دلالة واضحة بينة، ويدل ثالثا: على إمعانهم في إيذاء النبي - ﷺ - ومن معه من المؤمنين وبعد أن سارعوا بالإنكار، وادعاء أن النبي - ﷺ - جاءهم بغير المعقول، تعنتوا وزعموا أنهم يطلبون دليلا

صفحة رقم 4069
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية