آيات من القرآن الكريم

قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘ

بِالْقِيَاسِ كَانَ رَجِيمًا مَلْعُونًا. وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَعْنَى ذَكَرْنَاهُ مُسْتَقْصًى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ، وَقَوْلُهُ: فَاخْرُجْ مِنْها قِيلَ الْمُرَادُ مِنْ جَنَّةِ عدن، وقيل من السموات، وَقِيلَ مِنْ زُمْرَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَتَمَامُ هَذَا الْكَلَامِ مَعَ تَفْسِيرِ الرَّجِيمِ قَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُرِيدُ يَوْمَ الْجَزَاءِ حَيْثُ يُجَازِي الْعِبَادَ بِأَعْمَالِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِ: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الْفَاتِحَةِ: ٤].
فَإِنْ قِيلَ: كَلِمَةُ (إِلَى) تُفِيدُ انْتِهَاءَ الْغَايَةِ فَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ اللَّعْنَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَعِنْدَ قِيَامِ الْقِيَامَةِ يَزُولُ اللَّعْنُ.
أَجَابُوا عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ مِنْهُ التَّأْبِيدُ، وَذِكْرُ الْقِيَامَةِ أَبْعَدُ غَايَةٍ يَذْكُرُهَا النَّاسُ/ فِي كَلَامِهِمْ كَقَوْلِهِمْ: مَا دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ [هُودٍ: ١٠٧] فِي التَّأْبِيدِ. وَالثَّانِي: أَنَّكَ مَذْمُومٌ مَدْعُوٌّ عَلَيْكَ بِاللَّعْنَةِ في السموات وَالْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَذَّبَ فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ الْيَوْمَ عُذِّبَ عَذَابًا يَنْسَى اللَّعْنَ مَعَهُ فَيَصِيرُ اللَّعْنُ حِينَئِذٍ كَالزَّائِلِ بسبب أن شدة العذاب تذهل عنه.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٣٦ الى ٤١]
قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٣٦) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٣٨) قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)
قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ] فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
المسألة الْأُولَى: قَوْلُهُ: فَأَنْظِرْنِي مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَقَدَّمَ وَالتَّقْدِيرُ: إِذَا جَعَلْتَنِي رَجِيمًا مَلْعُونًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ فَأَنْظِرْنِي فَطَلَبَ الْإِبْقَاءَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْيَأْسِ مِنَ الْآخِرَةِ إِلَى وَقْتِ قِيَامِ الْقِيَامَةِ. لِأَنَّ قَوْلَهُ: إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ يَوْمُ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ اعْلَمْ أَنَّ إِبْلِيسَ اسْتَنْظَرَ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ وَالْقِيَامَةِ، وَغَرَضُهُ مِنْهُ أَنْ لَا يَمُوتَ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لَا يَمُوتُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ بَعْدَ قِيَامِ الْقِيَامَةِ لَا يَمُوتُ أَحَدٌ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يَمُوتَ الْبَتَّةَ. ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى مَنَعَهُ عَنْ هَذَا الْمَطْلُوبِ وَقَالَ:
فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ مِنْهُ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وَقْتُ النَّفْخَةِ الْأَوْلَى حِينَ يَمُوتُ كُلُّ الْخَلَائِقِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا الْوَقْتُ بِالْوَقْتِ الْمَعْلُومِ لِأَنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنْ يَمُوتَ كُلُّ الْخَلَائِقِ فِيهِ. وَقِيلَ: إِنَّمَا سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الِاسْمِ، لِأَنَّ الْعَالِمَ بِذَلِكَ الْوَقْتِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لَا غَيْرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ [الْأَعْرَافِ: ١٨٧] وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ [لُقْمَانَ: ٣٤]. وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ إِبْلِيسُ وَهُوَ قَوْلُهُ:
إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ وَإِنَّمَا سَمَّاهُ تَعَالَى بِيَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ؟ لِأَنَّ إِبْلِيسَ لَمَّا عَيَّنَهُ وَأَشَارَ إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ صَارَ ذَلِكَ كَالْمَعْلُومِ.

صفحة رقم 141

فَإِنْ قِيلَ: لَمَّا أَجَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مَطْلُوبِهِ لَزِمَ أَنْ لَا يَمُوتَ إِلَى وَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ وَبَعْدَ قِيَامِ الْقِيَامَةِ لَا يَمُوتُ أَيْضًا، فَيَلْزَمُ أَنْ يَنْدَفِعَ عَنْهُ الْمَوْتُ بِالْكُلِّيَّةِ.
قُلْنَا: يُحْمَلُ قَوْلُهُ: إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ إِلَى مَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنْهُ. وَالْوَقْتُ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ كُلُّ الْمُكَلَّفِينَ قَرِيبٌ مِنْ يَوْمِ الْبَعْثِ، وَعَلَى هَذَا الوجه فَيَرْجِعُ حَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ إِلَى الوجه الْأَوَّلِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ يَوْمٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْلَمَ الْمُكَلَّفُ مَتَى يَمُوتُ، لِأَنَّ فِيهِ إِغْرَاءً بِالْمَعَاصِي، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.
أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا الْإِلْزَامَ إِنَّمَا يَتَوَجَّهُ إِذَا كَانَ وَقْتَ قِيَامِ الْقِيَامَةِ مَعْلُومًا لِلْمُكَلَّفِ. فَأَمَّا إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ تَعَالَى أَمْهَلَهُ إِلَى وَقْتِ قِيَامِ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَنَّهُ تَعَالَى مَا أَعْلَمَهُ الْوَقْتَ الَّذِي تَقُومُ الْقِيَامَةُ فِيهِ فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ الْإِغْرَاءُ بِالْمَعَاصِي.
وَأُجِيبُ عَنْ هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْوَقْتَ الَّذِي فِيهِ تَقُومُ الْقِيَامَةُ عَلَى التَّعْيِينِ إِلَّا أَنَّهُ عَلِمَ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّ مِنْ وَقْتِ خِلْقَةِ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى وَقْتِ قِيَامِ الْقِيَامَةِ مُدَّةً طَوِيلَةً فَكَأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ.
أما قوله تَعَالَى: قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ فَفِيهِ بَحْثَانِ:
البحث الْأَوَّلُ: الْبَاءُ فِي بِما أَغْوَيْتَنِي لِلْقَسَمِ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ لَأُزَيِّنَنَّ. وَالْمَعْنَى أُقْسِمُ بِإِغْوَائِكَ إِيَّايَ لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: ٨٢] إِلَّا أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَقْسَمَ بِعِزَّةِ اللَّهِ، وَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَفِي قَوْلِهِ: بِما أَغْوَيْتَنِي أَقْسَمَ بِإِغْوَاءِ اللَّهِ وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ. وَالْفُقَهَاءُ قَالُوا: الْقَسَمُ بِصِفَاتِ الذَّاتِ صَحِيحٌ، أَمَّا بِصِفَاتِ الْأَفْعَالِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ. وَنَقَلَ الْوَاحِدِيُّ عَنْ قَوْمٍ آخَرِينَ أنهم قالوا: الباء هاهنا بِمَعْنَى السَّبَبِ، أَيْ بِسَبَبِ كَوْنِي غَاوِيًا لَأُزَيِّنَنَّ كَقَوْلِ الْقَائِلِ، أَقْسَمَ فُلَانٌ بِمَعْصِيَتِهِ لَيَدْخُلَنَّ النَّارَ، وَبِطَاعَتِهِ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ.
البحث الثَّانِي: اعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَنَا قَدِ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ يُرِيدُ خَلْقَ الْكُفْرِ فِي الْكَافِرِ وَيَصُدُّهُ عَنِ الدِّينِ وَيُغْوِيهِ عَنِ الْحَقِّ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ إِبْلِيسَ اسْتَمْهَلَ وَطَلَبَ الْبَقَاءَ إِلَى قِيَامِ الْقِيَامَةِ مَعَ أَنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَطْلُبُ هَذَا الْإِمْهَالَ وَالْإِبْقَاءَ لِإِغْوَاءِ بَنِي آدَمَ وَإِضْلَالِهِمْ وَأَنَّهُ تَعَالَى أَمْهَلَهُ وَأَجَابَهُ إِلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ، وَلَوْ كَانَ تَعَالَى يُرَاعِي مَصَالِحَ الْمُكَلَّفِينَ فِي الدِّينِ لَمَا أَمْهَلَهُ هَذَا الزَّمَانَ الطَّوِيلَ، وَلَمَا مَكَّنَهُ مِنَ الْإِغْوَاءِ وَالْإِضْلَالِ وَالْوَسْوَسَةِ. الثَّانِي: أَنَّ أَكَابِرَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ مُجِدُّونَ وَمُجْتَهِدُونَ فِي إِرْشَادِ الْخَلْقِ إِلَى الدِّينِ الْحَقِّ، وَأَنَّ إِبْلِيسَ وَرَهْطَهُ وَشِيعَتَهُ مُجِدُّونَ/ وَمُجْتَهِدُونَ فِي الضَّلَالِ وَالْإِغْوَاءِ، فَلَوْ كَانَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الْإِرْشَادُ وَالْهِدَايَةُ لَكَانَ مِنَ الْوَاجِبِ إِبْقَاءُ الْمُرْشِدِينَ وَالْمُحَقِّقِينَ وَإِهْلَاكُ الْمُضِلِّينَ وَالْمُغْوِينَ، وَحَيْثُ فَعَلَ بِالضِّدِّ مِنْهُ، عَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ بِهِمُ الْخِذْلَانَ وَالْكُفْرَ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَعْلَمَهُ بِأَنَّهُ يَمُوتُ عَلَى الْكُفْرِ وَأَنَّهُ مَلْعُونٌ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ كَانَ ذَلِكَ إِغْرَاءً لَهُ بِالْكُفْرِ وَالْقَبِيحِ، لِأَنَّهُ أيس عن المغفرة والفوز بالجنة يجترئ حِينَئِذٍ عَلَى أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي وَالْكُفْرِ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَمَّا سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى هَذَا الْعُمْرَ الطَّوِيلَ، مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ مِنْ هَذَا الْعُمْرِ الطَّوِيلِ إِلَّا زِيَادَةَ الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَبِسَبَبِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ يَزْدَادُ اسْتِحْقَاقُهُ لِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ كَانَ هَذَا الْإِمْهَالُ سَبَبًا لمزيد عذابه،

صفحة رقم 142

وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ بِهِ أَنْ يَزْدَادَ عَذَابُهُ وَعِقَابُهُ. الْخَامِسُ: أَنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّ اللَّهَ أَغْوَاهُ فَقَالَ: رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي وَذَلِكَ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَغْوَاهُ لَا يُقَالُ: هَذَا كَلَامُ إِبْلِيسَ وَهُوَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَأَيْضًا فَهُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ إِبْلِيسَ: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ فَأَضَافَ الْإِغْوَاءَ إِلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّا نَقُولُ.
أَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: فَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي: فَهُوَ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فالمراد هاهنا مِنْ قَوْلِهِ: لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قوله في تلك الآية: لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا أَنَّهُ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُزَيِّنَ لَهُمُ الْأَبَاطِيلَ لِأَجْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَغْوَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَقَدْ زَالَ التَّنَاقُضُ وَيَتَأَكَّدُ هَذَا بِمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ الشَّيَاطِينِ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ: هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا [الْقَصَصِ: ٦٣].
السُّؤَالُ السَّادِسُ: أَنَّهُ أقل: رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي وَهَذَا اعْتِرَافٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَغْوَاهُ فَنَقُولُ: إِمَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ كَانَ قَدْ عَرَفَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَغْوَاهُ، أَوْ مَا عَرَفَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ عَرَفَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَغْوَاهُ امْتَنَعَ كَوْنُهُ غَاوِيًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَغْوَاهُ إِذَا عَرَفَ أَنَّ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ جَهْلٌ وَبَاطِلٌ، وَمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ امْتَنَعَ بَقَاؤُهُ عَلَى الْجَهْلِ وَالضَّلَالَةِ، وَأَمَّا إِنْ قُلْنَا: بِأَنَّهُ مَا عَرَفَ أَنَّ اللَّهَ أَغْوَاهُ فَكَيْفَ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقُولَ: رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي فَهَذَا مَجْمُوعُ السُّؤَالَاتِ الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
أَمَّا الْإِشْكَالُ الْأَوَّلُ: فَلِلْمُعْتَزِلَةِ فِيهِ طَرِيقَانِ:
الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ طَرِيقُ الْجُبَّائِيِّ أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَمْهَلَ إِبْلِيسَ تِلْكَ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ، لِأَنَّهُ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَفَاوَتُ أَحْوَالُ النَّاسِ بِسَبَبِ وَسْوَسَتِهِ، فَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يُوجَدَ إِبْلِيسُ وَلَا وَسْوَسَتُهُ/ فَإِنَّ ذَلِكَ الْكَافِرَ، وَالْعَاصِيَ كَانَ يَأْتِي بِذَلِكَ الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ، فَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، لَا جَرَمَ أَمْهَلَهُ هَذِهِ الْمُدَّةَ.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: وَهُوَ طَرِيقُ أَبِي هَاشِمٍ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّ أَقْوَامًا يَقَعُونَ بِسَبَبِ وَسْوَسَتِهِ فِي الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ، إِلَّا أَنَّ وَسْوَسَتَهُ مَا كَانَتْ مُوجِبَةً لِذَلِكَ الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ، بَلِ الْكَافِرُ وَالْعَاصِي بِسَبَبِ اخْتِيَارِهِ اخْتَارَ ذَلِكَ الْكُفْرَ وَتِلْكَ الْمَعْصِيَةَ، أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُقَالَ: الِاحْتِرَازُ عَنِ الْقَبَائِحِ حَالَ عَدَمِ الْوَسْوَسَةِ أَسْهَلُ مِنْهُ حَالَ وُجُودِهَا، إِلَّا أَنَّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَصِيرُ وَسْوَسَتُهُ سَبَبًا لِزِيَادَةِ الْمَشَقَّةِ فِي أَدَاءِ الطَّاعَاتِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْحَكِيمَ مِنْ فِعْلِهِ، كَمَا أَنَّ إِنْزَالَ الْمَشَاقِّ وَإِنْزَالَ الْمُتَشَابِهَاتِ صَارَ سَبَبًا لِمَزِيدِ الشُّبُهَاتِ، وَمَعَ ذَلِكَ فلم يمتنع فعله فكذا هاهنا، وَهَذَانَ الطَّرِيقَانِ هُمَا بِعَيْنِهِمَا الْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الثَّانِي.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنَّ إِعْلَامَهُ بِأَنَّهُ يَمُوتُ عَلَى الْكُفْرِ يَحْمِلُهُ عَلَى الْجُرْأَةِ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْإِكْثَارِ مِنْهَا، فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَلْزَمُ إِذَا كَانَ عِلْمُ إِبْلِيسَ بِمَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ يَحْمِلُهُ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي الْمَعَاصِي أَمَّا إِذَا عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حَالِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ التَّفَاوُتَ الْبَتَّةَ، فَالسُّؤَالُ زَائِلٌ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ هُوَ الْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الرَّابِعِ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الْخَامِسُ: وَهُوَ أَنَّ إِبْلِيسَ صَرَّحَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَغْوَاهُ وَأَضَلَّهُ عَنِ الدِّينِ، فَقَدْ أَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ بَلْ فِيهِ وُجُوهٌ أُخْرَى: أَحَدُهَا: الْمُرَادُ بِمَا خَيَّبْتَنِي مِنْ رَحْمَتِكَ لَأُخَيِّبَنَّهُمْ بِالدُّعَاءِ إِلَى معصيتك.

صفحة رقم 143

وَثَانِيهَا: الْمُرَادُ كَمَا أَضْلَلْتَنِي عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ أُضِلُّهُمْ أَنَا أَيْضًا عَنْهُ بِالدُّعَاءِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ. وَثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِغْوَاءِ الْأَوَّلِ الْخَيْبَةَ، وَبِالثَّانِي الْإِضْلَالَ. وَرَابِعُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِإِغْوَاءِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ هُوَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَأَفْضَى ذَلِكَ إِلَى غَيِّهِ، يَعْنِي أَنَّهُ حَصَلَ ذَلِكَ الْغَيُّ عَقِيبَهُ بِاخْتِيَارِ إِبْلِيسَ، فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ صَارَ مُوجِبًا لِذَاتِهِ لِحُصُولِ ذَلِكَ الْغَيِّ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، هَذَا جُمْلَةُ كَلَامِ الْقَوْمِ فِي هَذَا الْبَابِ وَكُلُّهُ ضَعِيفٌ، أما قوله إِنَّهُ لَا يَتَفَاوَتُ الْحَالُ بِسَبَبِ وَسْوَسَةِ إِبْلِيسَ فَنَقُولُ: هَذَا بَاطِلٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالْبُرْهَانُ، أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ [الْبَقَرَةِ: ٣٦] فَأَضَافَ تِلْكَ الزَّلَّةَ إِلَى الشَّيْطَانِ، وَقَالَ: فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى [طه: ١١٧] فَأَضَافَ الْإِخْرَاجَ إِلَيْهِ، وَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ [الْقَصَصِ: ١٥] وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِعَمَلِ الشَّيْطَانِ فِي تِلْكَ الْأَفْعَالِ أَثَرًا، وَأَمَّا الْبُرْهَانُ فَلِأَنَّ بِدَايَةَ الْعُقُولِ شَاهِدَةٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ حَالُ مَنِ ابْتُلِيَ بِمُجَالَسَةِ شَخْصٍ يُرَغِّبُهُ أَبَدًا فِي الْقَبَائِحِ. وَيُنَفِّرُهُ عَنِ الْخَيْرَاتِ، مِثْلُ شَخْصٍ كَانَ حَالُهُ بِالضِّدِّ مِنْهُ، وَالْعِلْمُ بِهَذَا التَّفَاوُتِ ضَرُورِيٌّ. وَأما قوله إِنَّ وُجُودَهُ يَصِيرُ سَبَبًا لِزِيَادَةِ الْمَشَقَّةِ فِي الطَّاعَةِ/ فَنَقُولُ: تَأْثِيرُ زِيَادَةِ الْمَشَقَّةِ إِنَّمَا هُوَ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ عَلَى أَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ، وَفِي الْإِلْقَاءِ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي وَهُوَ التَّقْدِيرُ الْأَكْثَرُ الْأَغْلَبُ، وَكُلُّ من يراعي المصالح، فإنه رِعَايَةَ هَذَا التَّقْدِيرِ الثَّانِي أَوْلَى عِنْدَهُ مِنْ رِعَايَةِ التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ الْعَظِيمِ أَوْلَى مِنَ السَّعْيِ فِي طَلَبِ النَّفْعِ الزَّائِدِ الَّذِي لَا حَاجَةَ إِلَى حُصُولِهِ أَصْلًا، وَلَمَّا انْدَفَعَ هَذَانِ الْجَوَابَانِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ قَوِيَتْ سَائِرُ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ، وَأما قوله: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ:
رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي الْخَيْبَةُ عَنِ الرَّحْمَةِ أَوِ الْإِضْلَالِ عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ فَنَقُولُ: كُلُّ هَذَا بَعِيدٌ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي خَيَّبَ نَفْسَهُ عَنِ الرَّحْمَةِ وَهُوَ الَّذِي أَضَلَّ نَفْسَهُ عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ عَلَى الْكُفْرِ بِاخْتِيَارِهِ فَقَدْ خَيَّبَ نَفْسَهُ عَنِ الرَّحْمَةِ، وَأَضَلَّ نَفْسَهُ عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ فَكَيْفَ يَحْسُنُ إِضَافَتُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَثَبَتَ أَنَّ الْإِشْكَالَاتِ لَازِمَةٌ وَأَنَّ أَجْوِبَتَهُمْ ضَعِيفَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأما قَوْلُهُ: إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
المسألة الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ إِبْلِيسَ اسْتَثْنَى الْمُخْلَصِينَ، لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ كَيْدَهُ لَا يَعْمَلُ فِيهِمْ، وَلَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ، وَذَكَرْتُ فِي مَجْلِسِ التَّذْكِيرِ أَنَّ الذي حمل إبليس على ذكر الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ لَا يَصِيرَ كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ فَلَمَّا احْتَرَزَ إِبْلِيسُ عَنِ الْكَذِبِ عَلِمْنَا أَنَّ الْكَذِبَ فِي غَايَةِ الْخَسَاسَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عَمْرٍو: الْمُخْلِصِينَ بِكَسْرِ اللَّامِ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِ اللَّامِ. وَجْهُ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى أَنَّهُمُ الَّذِينَ أَخْلَصُوا دِينَهُمْ وَعِبَادَتَهُمْ عَنْ كُلِّ شَائِبٍ يُنَاقِضُ الْإِيمَانَ وَالتَّوْحِيدَ، وَمَنْ فَتَحَ اللَّامَ فَمَعْنَاهُ: الَّذِينَ أَخْلَصَهُمُ اللَّهُ بِالْهِدَايَةِ وَالْإِيمَانِ، وَالتَّوْفِيقِ، وَالْعِصْمَةِ، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِخْلَاصَ وَالْإِيمَانَ لَيْسَ إِلَّا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
المسألة الثَّالِثَةُ: الْإِخْلَاصُ جَعْلُ الشَّيْءِ خَالِصًا عَنْ شَائِبَةِ الْغَيْرِ فَنَقُولُ: كُلُّ مَنْ أَتَى بِعَمَلٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَتَى بِهِ لِلَّهِ فَقَطْ أَوْ لِغَيْرِ اللَّهِ فَقَطْ، أَوْ لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الثَّالِثِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ طَلَبُ رِضْوَانِ اللَّهِ رَاجِحًا أَوْ مَرْجُوحًا أَوْ مُعَادِلًا، وَالتَّقْدِيرُ الرَّابِعُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ لَا لِغَرَضٍ أَصْلًا وَهَذَا مُحَالٌ، لِأَنَّ الْفِعْلَ بِدُونِ الدَّاعِيَةِ مُحَالٌ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَهُوَ الْإِخْلَاصُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ طَلَبُ رِضْوَانِ اللَّهِ، وَمَا جَعَلَ

صفحة رقم 144
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية