آيات من القرآن الكريم

إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ
ﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ

هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان ما كان يلقاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من استهزاء وسخرية من المشركين.
٢- مظهر من مظاهر رحمة الله بالإنسان، يطلب نزول العذاب والله ينزل الرحمة.
٣- بيان حفظ الله تعالى للقرآن الكريم من الزيادة والنقصان ومن الضياع.
٤- بيان سنة الله تعالى في الأمم والشعوب وهي أنهم ما يأتيهم من رسول ينكر عليهم مألوفهم ويدعوهم إلى جديد من الخير والهدى إلا وينكرون ويستهزئون.
كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (١٣) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ (١٥) وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ (١٧) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ (١٨)
شرح الكلمات:
كذلك نسلكه: أي التكذيب بالقرآن أو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد خلت سنة الأولين: أي مضت سنة الأمم السابقة.
فظلوا فيه يعرجون: أي يصعدون.
إنما سُكِّرت: أي سدت كما يُسَكَّرُ النهر أو الباب.
في السماء بروجا: أي كواكب ينزلها الشمس والقمر.
شيطان رجيم: أي مرجومٌ بالشهب.
شهاب مبين: كوكب يُرجم به الشيطان يحرقه أو يمزقه أو يُخْبلُهُ أي يفسده.

صفحة رقم 74

معنى الآيات:
ما زال السياق في المكذبين للنبي المطالبين بنزول الملائكة لتشهد للرسول بنبوته حتى يؤمنوا بها. قال تعالى: ﴿كذلك نسلكه١﴾ أي التكذيب في قلوب المجرمين من قومك، كما سلكناه حسب سنتنا في قلوب من كذبوا الرسل من قبلك فسلكه ﴿في قلوب المجرمين﴾ من قومك فلا يؤمنون بك ولا بالذكر الذي أنزل عليك. وقوله تعالى: ﴿وقد خلت سنة الأولين٢﴾ أي مضت وهى تعذيب المكذبين للرسل المستهزئين بهم لأنهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم. وقوله تعالى: ﴿ولو فتحنا عليهم٣ باباً من السماء فظلوا﴾ أي الملائكة أو المكذبون ﴿فيه﴾ أي في ذلك الباب ﴿يعرجون﴾ أي يصعدون طوال النهار طالعين هابطين ولقالوا في المساء ﴿إنما سكرت أبصارنا﴾ أي منعت من النظر الحقيقي فلم نر الملائكة ولم نرى السماء ﴿بل نحن٤ قوم مسحورون﴾ فأصبحنا نرى أشياء لا حقيقية لها، وقوله تعالى: ﴿ولقد جعلنا٥ في السماء بروجا﴾ أي كواكب٦ هي منازل للشمس والقمر ينزلان بها وعلى مقتضاها يعرف عدد السنين والحساب. وقوله: ﴿زيناها﴾ أي السماء بالنجوم ﴿للناظرين﴾ فيها من الناس. وقوله: ﴿وحفظناها﴾ أي السماء الدنيا ﴿من كل شيطان رجيم﴾ أي مرجوم ملعون. وقوله: ﴿إلا من أسترق السمع﴾ إلا مارد من الشياطين طلع إلى السماء لاستراق السمع من الملائكة لينزل بالخبر إلى وليه من الكهان من الناس ﴿فاتبعه شهاب﴾ من نار ﴿مبين﴾ أي يبين أثره في الشيطان إما بإخباله وإفساده وإما بإحراقه. هذه الآيات وهي قوله تعالى: ﴿ولقد جعلنا

١ عود الضمير في {نسلكه﴾ على القرآن أولى إذ السياق تابع لقوله: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ وقوله تعالى: ﴿ولقد أرسلنا من قبلك من شيع الأولين﴾ أي: أرسل فيهم رسلاً وكانوا ينزل عليهم آياتنا ولم ينتفعوا لإعراضهم عنها فلا تعيها قلوبهم ولا تدركها فُهو مُهم، ولا يتأثرون بها لوجود حرائل حالت دون ذلك، وهي الكبر والحسد والعناد وكذلك المسلك الذي سلكناه في قلوب الأولين نسلكه اليوم في قلوب المجرمين فيدخل القرآن عند سماعه إلى قلوبهم ولا يلامسها ولا يباشرها فلا تتأثر به وذلك لحوائل منها الحسد والعناد والكبر، وتلك سنّة الله تعالى في أمثالهم، وأصل السلك: إدخال الشيء في آخر.
٢ في الآية تعريض للمجرين بالهلاك.
٣ هذه الآية كقوله تعالى: ﴿ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين﴾.
٤ أي: أضربوا عن القول الأوّل. وهو قولهم: إنّما سكّرت أبصارنا إلى قلولهم بل نحن قوم مسحورون. أي ما رأينا شيئاً ثم أقرّوا بأنهم رأوا ولكن ما رأوه إنما هو تخيلات المسحور لا غير.
٥ هذا شروع في ذكر مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته الموجبة لتوحيد والمقررة للبعث والجزاء.
٦ هذا كقوله تعالى: ﴿تبارك الذي جعل في الماء بروجاً﴾ أي: كواكب.

صفحة رقم 75

في السماء بروجاً} إلى آخر ما جاء في هذا السياق الطويل، القصد منه إظهار قدرة الله تعالى وعلمه وحكمته ورحمته وكلها مقتضية لإرسال الرسول وإنزال الكتاب لهداية الناس إلى عبادة ربهم وحده عبادة يكملون عليها ويسعدون في الدنيا والآخرة، ولكن المكذبين لا يعلمون.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان سنة الله تعالى في المكذبين المعاندين وهي أنهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم.
٢- مطالبة المكذبين المجرمين بالآيات كرؤية الملائكة لا معنى لها إذ القرآن أكبر آية ولم يؤمنوا به فلذا لو فتح باب من السماء فظلوا فيه يعرجون لما آمنوا.
٣- بيان مظاهر قدرة الله تعالى وعلمه وحكمته ورحمته فيما حملت الآيات من مظاهر لذلك، بدءاً من قوله: ﴿ولقد جعلنا في السماء بروجاً١﴾ إلى الآية السابعة والعشرين من هذا السياق الكريم.
وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (٢٠) وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ (٢١) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ

١ البروج: جمع برج وهو في الأصل البناء الكبير المحكم البناء الذي يظهر من بعيد قال تعالى: ﴿ولو كنتم في بروج مشيدة﴾ أي: قصور ظاهرة، ومنه: المرأة تتبرّج بزينتها: أي تظهرها، والمراد من البروج في الآية: كواكب ثابتة غير سيارة هي منازل الشمس والقمر، وسمى هذه البروج العرب بأسماء تخيلوا أشكالها في السماء وهي: برج الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت، ابتداء من فصل الربيع وانتهاء بفصل الشتاء.

صفحة رقم 76
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية