آيات من القرآن الكريم

وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ
ﮭﮮﮯﮰﮱﯓ

﴿وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب﴾ قوله عز وجل: ﴿وترى المجرمين يومئذٍ مقرنين في الأصفاد﴾ فيه قولان: أحدهما: أن الأصفاد الأغلال، واحدها صفد، ومنه قول حسان:

صفحة رقم 144

الثاني: أنها القيود، ومنه قول عمرو بن كلثوم:

(ما بين مأسورٍ يشد صِفادُهُ صقرٍ إذا لاقى الكريهة حامي)
(فآبوا بالنهاب وبالسبايا وأُبنا بالملوكِ مُصَفّدينا)
أي مقيّدين. وأما قول النابغة الذبياني:
(هذا الثناء فإن تسمع لقائله فلم أعرض، أبيت اللعن، بالصفدِ)
فأراد بالصفد العطية، وقيل لها صف لأنها تقيد المودة. وفي المجرمين المقرنين في الأصفاد قولان: أحدهما: أنهم الكفار يجمعون في الأصفاد كما اجتمعوا في الدنيا على المعاصي. الثاني: أنه يجمع بين الكافر والشيطان في الأصفاد. قوله عز وجل: ﴿سرابيلهم مِن قطرانٍ﴾ السرابيل: القمص، واحدها سربال، ومنه قول الأعشى:
(عهدي بها في الحي قد سربلت صفراء مثل المهرة الضامر)
وفي القطران ها هنا قولان: أحدهما: أنه القطران الذي تهنأ به الجمال، قاله الحسن، وإنما جعلت سرابيلهم من قطران لإسراع النار إليها. الثاني: أنه النحاس الحامي، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير. وقرأ عكرمة وسعيد بن جبير ﴿من قطران﴾ بكسر القاف وتنوين الراء وهمزآن لأن القطر النحاس، ومنه قوله تعالى ﴿آتوني أفرغ عليه قطراً﴾ [الكهف: ٩٦] والآني: الحامي، ومنه قوله تعالى ﴿وبين حَمِيمٍ آن﴾ [الرحمن: ٤٤].

صفحة رقم 145

﴿هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله وحدٌ وليذكرا أولوا الألباب﴾ قوله عز وجل: ﴿هذا بلاغ للناس﴾ فيه قولان: أحدهما: هذا الإنذار كاف للناس، قاله ابن شجرة. الثاني: هذا القرآن كافٍ للناس، قاله ابن زيد. ﴿ولينذروا به﴾ فيه وجهان: أحدهما: بالرسول. الثاني: بالقرآن. ﴿وليعلموا أنما هو إله واحدٌ﴾ لما فيه من الدلائل على توحيده. ﴿وليذكر أولوا الألباب﴾ فيه وجهان: أحدهما: وليتغظ، قاله الكلبي. الثاني: ليسترجع يعني بما سمع من المواعظ. أولوا الألباب، أي ذوو العقول. وروى يمان بن رئاب أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

صفحة رقم 146

سورة الحجر
مكية باتفاق إلا قوله تعالى: ﴿ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم﴾ فمدنية: بسم الله الرحمن الرحيم

صفحة رقم 147
النكت والعيون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد البصري الماوردي الشافعي
تحقيق
السيد بن عبد الرحيم بن عبد المقصود
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان
عدد الأجزاء
6
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية